عبد الله حمد الصقر... أضواء على سيرته ودوره السياسي والاقتصادي (1910 – 1974) الحلقة (11)

أعماله الخيرية وأنشطته السياسية في العراق ومصر... وتفاصيل حياته الأسرية حتى الوفاة

نشر في 07-05-2020
آخر تحديث 07-05-2020 | 00:05
للمرحوم عبدالله حمد عبدالله الصقر جهود مع زملائه الإصلاحيين لا يمكن إنكارها، لذلك لا بد من توثيق هذه الجهود والإسهامات وتحليلها، والكتاب الذي بين أيدينا يقدم سيرته العامرة بالأنشطة والأحداث، ويتناولها من جوانب ثلاثة: التجارة، والسياسة، والثقافة.

فللمرحوم عبدالله الصقر تأثير بالغ على مسيرة التعليم النظامي والممارسة السياسية في الكويت، وزرع فكرة الانتخابات والتمثيل الشعبي في المؤسسات خلال فترة مجلس الأمة التشريعي 1938- 1939.

وسلط المؤلف د. فيصل عادل الوزان في الكتاب، الذي طبع العام الماضي بإشراف مركز البحوث والدراسات الكويتية المتعلق بالسيرة الذاتية للمرحوم عبدالله الصقر، الضوء على نشاط الجناح الخليجي من شبكة منظمات ونوادي وجمعيات القوميين العرب في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، والنشاط السياسي الكويتي في النصف الأول من القرن العشرين.

اقرأ أيضا

واعتمد الكاتب في سيرة الصقر على المادة التاريخية التي تقدمها الوثائق الخاصة بأسرته، بالإضافة إلى المقابلات الشخصية التي أجريت مع أخويه عبدالعزيز وجاسم، ولفت إلى أن الحلقة المفقودة هي ما يتعلق بفترة الستينيات والسبعينيات، التي يبدو أن المرحوم تعرض فيها لوعكات صحية حالت دون خوضه مزيدا من الأنشطة.

المؤلف جعل الكتاب في 3 فصول: الأول يتعلق بحياة عبدالله الصقر منذ النشأة إلى تولي الأعمال التجارية، والثاني عن دوره في القضايا العربية وحركة القوميين العرب، والثالث عن حياته خارج الكويت من 1939 إلى وفاته 1974.

واستعان المؤلف بصور الوثائق والأخبار والروايات الموثقة في الكتاب والمراجع التاريخية والعربية والأجنبية مما أعطاه قوة في التوثيق وصدقا في الرؤية، وفيما يلي تفصيل الحلقة الحادية عشرة:

تزوج المرحوم عبدالله من ابنة عمه نورة أحمد الصقر، وأنجب منها حمد وخالد وهشام وخولة وشريفة، درس أبناء المرحوم عبدالله الصقر في البصرة ولبنان ومصر وبريطانيا، ولحسن الحظ احتفظت مجموعة وثائق الأسرة برسائل لطيفة من الأبناء إلى أبيهم يخبرونه فيها عن شؤون دراستهم وتنقلاتهم وامتحاناتهم وما إلى ذلك.

درس أبناء المرحوم عبدالله مراحلهم التعليمية الأولى في العراق كما تبين بعض الوثائق العائدة إلى روضة ومدرسة حداد الأهلية، وهي مخصصة لمرحلتي رياض الأطفال والابتدائية.

وفي الوثائق رسالة من حمد إلى والده يخبره بأنه اتفق مع مدير معمل شهير في بريطانيا على قبول أخيه هشام ليكون متدربا فيها لمدة خمس سنوات، ورسالة أخرى كتبها من برمنغهام في إنكلترا يخبره فيها عن حاله ودراسته هو وأخوه خالد، ورسالة ثالثة تحكي بعض الأخبار في بريطانيا ووجود عمه عبدالعزيز وأخيه خالد فيها، ونيتهم السياحة في أوروبا، والبحث عن مكائن ألمانية، وتظهر في نهاية الرسالة أسماء إخوته هشام وخولة وشريفة.

رسالة من حمد عبدالله الصقر في برمنغهام إلى والده بتاريخ 7/5/1956م

أما ابنه هشام فقد درس في المرحلة الابتدائية في الكلية الوطنية في الشويفات بلبنان خلال منتصف الخمسينيات، ونعرف هذا من خلال عدد من الرسائل التي أرسلها إداريو المدرسة ومنها رسالة من إدارة الكلية رداً على استفسار الوالد عبدالله حول الشؤون المالية والخدمات التي تقدمها المدرسة الداخلية وكان رئيس الكلية شارل سعد.

من شريفة إلى عمها جاسم

وفيما يتعلق ببنات عبدالله الصقر ففي الوثائق رسالة من ابنته شريفة الى عمها جاسم عندما كانت تدرس بالقاهرة، وتتحفنا هذه الرسالة اللطيفة التي بعثتها شريفة بأسماء كويتيات كن يدرسن معها في إحدى الجامعات المصرية في الخمسينيات بعضهن سيتولين مناصب تربوية كبيرة في الكويت بعد أن يتخرجن، وفيها تصف سكن الطالبات الكويتيات في عمارة الزهراء بشارع الجيزة- النيل، وفيما يلي نصها:

القاهرة في 5 أكتوبر 1958م

سيدي العم العزيز

تحية واحتراما

أرجو أن تكون بصحة جيدة مع الجميع، إنني بصحة جيدة، أرجو أن تعذرني عن تأخري في الكتابة لأنني عندما ذهبت إلى الكويت كان لدي أشغال لم أنجزها بعد ولم أجد الطالبات قد سافرن، وفي يوم الخميس 2 أكتوبر سافرنا إلى القاهرة ووصلنا الساعة السادسة.

ونحن كنا تسع بنات وخالد وغازي، ونحن الآن مرتاحون وساكنون في الجيزة وعمارتنا تطل على النيل ونسكن في الدور 11، وهذا الدور فيه فيلا تحتوي على ست شقق، وكل شقة فيها أربع أو 6 بنات، وكل غرفة فيها بنتان، وهذه الشقق مشتركة في البلكون، ومفتوحة على بعض، ولدينا مشرفة نشيطة جدا وحريصة على كل طالبة.

سيدي العم العزيز أنا كنت كما تعرف قد سجلت على معهد الخدمة الاجتماعية، والآن اتضح أنه أصبح مشتركا، أي طلابا وطالبات، وكان العم عبدالعزيز كذلك قد سجلني في هذا المعهد، لأنه قريب من السكن، وفيه بنات مثل بنت أحمد سعود، وبنت أحمد الفهد الخالد وغيرهما، وأنا الآن طلبت التسجيل في كلية البنات، وهذه للبنات فقط لا يوجد فيها طلبة، وسجلت في قسم التاريخ لميلي له، وفي كلية البنات فيها بعض البنات مثل بنت مشعان الخضير، وبنت سيد رجب الرفاعي وأخريات، لأني أعرف أن العم عبدالعزيز لا يوافق على المختلط.

واليوم المشرفة أخذت الطلب من الأستاذ عبداللطيف الشملان إن شاء الله أكتب لكم بعد أن تخرج النتيجة، وعندنا في السكن 24 طالبة. سلم على الخالة فاضلة وعلى الأولاد ودمت ذخرا لنا.

العنوان - الجمهورية العربية المتحدة

الإقليم الجنوبي 56 شارع الجيزة عمارة الزهراء الدور الحادي عشر.

ابنتكم المطيعة شريفة"

ومن بين وثائق أسرة الصقر الخاصة بالشؤون الدراسية توجد وثيقة تخص ابن عم عبدالله الصقر، وهو خالد عبدالمحسن أحمد الصقر الذي كان طالبا سنة 1962م بمدرسة فيكتوريا كوليج الشهيرة فرع الإسكندرية، وأرسلت استمارة السفر من شركة الطيران الى عنوان شركة عبدالله الصقر بسوق التجار.

أعماله الخيرية

تجاوز عبدالله الصقر فكرة حصر التبرع بالشؤون الدينية، فامتدت تبرعاته الى ما يتعلق بالمدارس والمكتبات والمستشفيات، وهناك مجموعة من الوثائق حول هذا الخصوص، منها وثيقة عبارة عن وصل من مكتبة الزبير الأهلية عن تبرعه بمبلغ 75 دينارا عراقيا لترميم المكتبة، وكان ذلك في مارس سنة 1961م، وكان رئيس المكتبة سعد الأحمد الربيعة.

وفاة الصقر

توفي إلى رحمة الله تعالى عبدالله حمد الصقر بتاريخ 19 مايو 1974م في لندن، وتصدر خبر وفاته بعض الصحف في اليوم التالي، وكتبت عنه مقالات التأبين، لما لهذه الشخصية من مكانة وشهرة في الكويت والبلاد العربية.

وصل جثمانه الى الكويت يوم الثلاثاء 21 مايو 1974م، واستقبله ذووه وأصدقاؤه وأعيان البلاد وعلى رأسهم سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح ولي العهد آنذاك، وشيع من ديوان الصقر الكائن في جبلة بشارع الخليج العربي بالقرب من فندق الشاطئ الذهبي (قرب مجلس الأمة الحالي) وتوجد بعض رسائل التعزية إلى ذويه وتحتوي الوثائق على طائفة منها.

تأبينه في الصحف

كتب عن المرحوم في الصحف عدد من مقالات التأبين ومنها في جريدة القبس الكويتية، فجاء في الصفحة الأولى خبر الوفاة مع تقديم التعازي، ومما جاء في مقالة المحرر:

"الفقيد الراحل من الرعيل الكويتي الأول الذين تفاعلوا مع بيئتهم ومع محيطهم العربي بشفافية وصدق واستلهام"، و"كان الراحل الكبير الرائد في المناداة بمبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية مع الإيمان العظيم بمبادئ القومية العربية ووحدة أمة العرب مهما تكبد الأفراد من تضحيات ومهما عانت الشعوب من ضوائق، ونادى الراحل الكبير بمبادئه هذه وعمل لها في وقت مبكر- في ثلاثينيات هذا القرن- يوم كانت المشاعر الوطنية وحركات التحرر تغلي في الوطن العربي الفسيح ضد الاستعمار وضد كل أشكال التسلط الأجنبي".

وأبّن الراحل بمقالة في جريدة القبس صديق المرحوم وهو عبدالله حمود الطريقي (1919-1997م)، وهو رجل ذو تاريخ سياسي وإداري معروف في شركة أرامكو النفطية السعودية، وكان أول وزير نفط سعودي ومؤسس لمنظمة "أوبك"، ومن أبرز رموز القوميين العرب السعوديين ولأهميته اقتبس مقالته المؤثرة:

"صديقي العظيم عبدالله حمد الصقر:

أنا من الجيل الذي بدأ يودع أعزاءه، وأنا في طابور طويل أنتظر به دوري، ويسير الطابور في اتجاهه المحتوم، وكأن كل شيء يجري طبقا لأحد قوانين الطبيعة التي لا تخرج على ما رسم لها، وفجأة نشعر باهتزاز عنيف نعرف معه شخصا مهما في الطابور قد قضى نحبه، وهذا ما حدث جاء دور صديقي العظيم عبدالله حمد الصقر.

وعبدالله حمد الصقر من مواليد الكويت، وابن بار لجزيرة العرب، فهو يعرف كل شيء عن ديارها وأهلها، وتمتد معرفته بكل ديار العرب، فحياته كانت كلها دراسة ومعرفة بكل ما يتعلق بالعرب والعروبة، وكان رحمه الله وحدويا بالسليقة، يؤمن بالأمة العربية الواحدة ذات المجد والرسالة الإنسانية الخالدة قبل أن تقوم الأحزاب الوحدوية الحديثة فوق أرض العرب.

كان مخلصا لوحدويته ولأمته بشكل يشعرك أنه يعيشها بكل نبضات قلبه، فإذا سعى اليك لينقل إليك خبرا عربيا سارا أو ذهبت إليه لتتزود منه بالأخبار العربية، ويحدثك عن دقائق الأمور وتفاصيلها في البلاد العربية التي تجري بها الأحداث، ويتمنى التوفيق والنصر للقوى الوحدوية، ومن شدة تعلقه بالوحدة العربية نزح الى القاهرة عاصمة كل عربي وحدوي، وفضل أن يعيش فيها قريبا من الأحداث والأماكن التي يحبها وأقربها إلى قلبه حي الأزهر الشريف.

كان، رحمه الله، انسانا عظيما، فهو إنسان بكل ما تعني هذه الكلمة من معان، فهو يتفقد حالة أصدقاءه، ويخلق الأعذار لمساعدتهم، كان إذا سمع عن مشكلة لشخص سعى لمساعدته وحل مشكلته، سمعته مرة يطلب أن يطبع على نفقته أعمال أديب فقير لم يستطع أحد طبع إنتاجه، واقترح علي مرة أن أساعده في إقناع بعض الإخوة بجمع أعمال مفكر الوحدة العربية المرحوم ساطع الحصري ونشرها بين الناس.

لقد حرمت الكويت وحرم الجيل الجديد فيها معرفة عبدالله حمد الصقر، الكويتي الذي كان يحلم ويتمنى أن تكبر الكويت لتقود جزيرة العرب كلها نحو وحدة عربية شاملة يتمتع بها العربي من أي أرض عربية بكل خيرات العرب.

إن عبدالله حمد الصقر الذي خرج من الكويت البلد الصغير في حجمه الكبير في تطلعاته جدير بأن يلقى من الكويت حكومة وشعبا تقديرا لإخلاصه لبلده ولأمته والأمل كبير بأن تنقل مكتبته الى الكويت، وأن يخلد ذكراه في مسقط رأسه، فهذا كويتي يمكن للكويت أن تفخر بأنها أنجبته، وكان من الوحدويين القلائل في العالم العربي، الذين يؤمنون بوحدة الأمة العربية بدون تطلعات إقليمية.

ورحم الله عبدالله حمد الصقر الرجل الكبير المتواضع وأسكنه فسيح جناته وحقق للأمة العربية كل ما حلم هو في تحقيقه.

* جامعة الكويت - قسم التاريخ

وسام جمهوري للصقر لمساعدته مصر في العدوان الثلاثي 1956م

ساهم الكويتيون مساهمة مالية كبيرة جداً في الدفاع عن مصر ضد العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا واسرائيل)، وجاء في "جريدة الكويت اليوم" الرسمية قوائم متعددة بأسماء المتبرعين لمصر، ضمت التجار والشيوخ وطلبة المدارس، وفي قائمة الدفعة الأولى من المتبرعين نجد شركة عبدالله الصقر وإخوانه تتبرع بمبلغ 100.000 روبية لمصر.

ونجد ضمن وثائق الصقر ما يوضح منح الرئيس المصري جمال عبدالناصر، عبدالله حمد الصقر وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة، ووصفه بأنه "من كبار التجار في الكويت، تقديراً لحميد صفاته، وتوثيقا لعرى الصداقة، وتأكيدا لروابط الوداد، وذلك بقصر الجمهورية بتاريخ 13 رجب 1376هـ 13 فبراير 1957م، ولعل سبب التكريم هو دعم مصر خلال الحرب الثلاثية عليها سنة 1956م.

جمال عبدالناصر منح عبدالله الصقر وسام الجمهورية في 13 فبراير 1957م

مشاركة الصقر في الحياة النيابية بالعراق

كان لعبدالله الصقر، فيما يتعلق بالسياسة في العراق، مشاركة في الحياة النيابية العراقية، حيث قدم دعما لمرشح من أبي الخصيب بالفاو يدعى أحمد العامر، والذي خاض غمار الانتخابات العراقية لسنة 1954م، ونعرف ذلك من خلال رسالة الشكر التي أرسلها أحمد العامر لعبدالله الصقر، والتي يقول فيها إنه مدين له إلى الأبد، ووعد أيضا بصفته نائبا بالبرلمان العراقي بالاعتناء بقضاء أبي الخصيب خاصة والعراق عامة، وأن يقوم بخدمة الصقر بصفة شخصية.

رسالة من النائب أحمد العامر في بغداد إلى عبدالله حمد الصقر بالبصرة في 25/ 6/ 1954م

عبدالله الطريقي أول وزير نفط سعودي قال مؤبناً الصقر «حرمت الكويت وحرم الجيل الجديد فيها معرفة عبدالله الصقر الكويتي الذي كان يتمنى أن تكبر الكويت لتقود جزيرة العرب كلها»

الصحف أبّنت المرحوم عبدالله الصقر وضمت «القبس» عدداً من مقالات التأبين

وفاة عبدالله حمد الصقر كانت بتاريخ 19 مايو 1974م في لندن وتصدر خبر وفاته بعض الصحف في اليوم التالي

في الوثائق رسالة من ابنته شريفة إلى عمها جاسم تتضمن أسماء كويتيات كن يدرسن معها في إحدى الجامعات المصرية في الخمسينيات

في 21 مايو 1974 وصل جثمانه إلى الكويت وكان في استقباله ذووه وأصدقاؤه وأعيان البلاد وعلى رأسهم سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح

أبناء عبدالله الصقر درسوا في البصرة ولبنان ومصر وبريطانيا وفي الوثائق رسائل إلى أبيهم يخبرونه عن شؤون دراستهم وتنقلاتهم وامتحاناتهم
back to top