يا «بعض» كُتاب الكويت اقرأوا!

نشر في 05-05-2020
آخر تحديث 05-05-2020 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم بينما كنت أُطالع كتاب "العروة الوثقى" لجمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وهو عبارة عن تجميع للمقالات التي كانا يُصدرانها في باريس عام 1898؛ لفتت انتباهي مقالة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكاتب المقالة وكيف عليه أن يكتبها.

***

• "ليس الأدب كما يظن بعض الناس مجموع قصص تُتلى للفكاهة، أو أساطير تُنقل في المسامرات، أو منظوماً من القريض يمتاز بحسن الاستعارة ورقة التشبيه، مع مراعاة المحسنات اللفظية والمعنوية؛ من التورية والجناسات ونحوها من فنون البديع، أو منشآت ورسائل تتضمن إطراء في المدح أو مغالاة في القدح؛ فإن جميع هذا بمجرده لا يتصل بمعنىً من معاني الأدب، وإنما الأدب في كل أمةٍ هو الفن الذي يُقصد به تهذيب عاداتها وتلطيف إحساسها وتنبيهها إلى خيرها لتجتلبه، وإلى ما يُخشى من الشر فتجتنبه، فالأدباء في الحقيقة هم ساسة أخلاق الأمم، بل هم أجنحتها، تطير بهم إلى ذروة فلاحها... فإنهم بما يعلمون من طرق التفهيم يُمكنهم أن يقربوا إلى العقول ما يَبعُد عن إدراكها، ويسهلوا على الأذهان ما يعسُر عليها النظر فيه، ويعبروا عن المعنى الواحد بالطرق المختلفة، فيستفيد منه العامة ولا تُنكره الخاصة؛ فيأخذون على الظالم ظلمه ويعظونه بسوء عواقب الظلم، ويُنكرون على الفاجر فجوره ويُحذرونه مغبة الفجور، حتى يردوا كلاً عن غيه، بما يرضون من طبعه، من دون أن يقولوا له إنك ظالم أو فاجر! وإذا رأوا في أمتهم عوائد يأباها سليم الذوق، أو وجدوا منها أخلاقاً وأعمالاً لا تنطبق على شريعة الفضل وقوانين الشرع؛ عمَدوا إلى تغيير العوائد وتطهير الأعراق، وأخذوا في ذلك سبلاً متنوعة في إنشائهم؛ تارةً بالقصص والحكايات التي تمثل شناعة الرذيلة وبهاء الفضيلة وما آل إليه أمر المدنسين بالأولى، وما ارتقى إليه حال المتحلين بالثانية، وتارةً بقريض الشعر يخيلون فيه ما يحرك الهمم ويبعث الأفكار وينبه خواطر الكمال وإحساسات الشرف الصحيح، لا ما يوقظ الشهوة ويقوي الغرور ويخرج الأنفس عن أطوارها... والأخذ به من وجهة الدخول إليه من بابه هو الذي صعدت به الهند الأولى الى أوج المجد، وبلغ به العرب أقصى غايات الرفعة، وهو الذي أوصل بالأمم الأوروبية إلى ما وصلوا إليه مما لا يخفى على كل ذي بصيرة.

وإنّا نتأسف على ما نراه من أدباء المسلمين وشعرائهم؛ فإنهم يقصرون منشآتهم وأشعارهم على ما يكون عداً للصفات؛ إما مذمومة أو محمودة، ونسبتها إلى شخصٍ يريدون ذمه أو مدحه، ويحصرون رواياتهم في حكايات مضحكة وقصص هزلية وبعض تواريخ ماضية، من دون أن يلاحظوا تأثير ما يكتبون وما ينقلون في أفكار الأمة وأطوارها".

***

• والمقال يسير على هذا النسق، وبهذا الأسلوب لعدة صفحاتٍ لا تسمح مساحة سطور "الجريدة" بنقل المزيد منها، ولكنني وأنا أطالع صحافتنا في الكويت منذ ما ينيف على النصف قرن أجد أقلاماً تنحني لها الهامات لما تبذله من جهد صادق وشريف بقول الكلمة الشريفة النبيلة... وهناك للأسف ما يجعلني أدعُ المقال بعد قراءة سطرٍ أو سطرين.

back to top