ما قل ودل: الكويت ودستورها الإنساني النشأة والنزعة... ولا للكراهية

نشر في 26-04-2020
آخر تحديث 26-04-2020 | 00:10
 المستشار شفيق إمام القرين خيمة العرب جميعاً

حيث خرجت جماعات من العرب الحضر والقبائل من شبه الجزيرة العربية إلى الشمال والشرق والغرب، وأسسوا ممالك ودولا في ربوع الشام وغيرها، كما خرج آل الصباح وآل خليفة وغيرهم من جماعات وقبائل عربية من قلب الجزيرة العربية من العراق وفارس للاستقرار في أرض يسودها السلام، هربا من الاضطرابات والقلائل، وقد كانت القبائل والأعراب يغيرون على بعضهم، حتى قال شاعر منهم:

وأحيانا على بكر أخينا

إذا ما لم نجد إلا أخانا

ويقول جورج بروكسي في تقرير له سنة 1829 عن حياة الشعب الكويتي: "لقد نعموا بالسلام في الوقت الذي سادت فيه الاضطرابات جميع أجزاء الخليج العربي". (التقرير المرفوع منه إلى حكومة بومبي حول الملاحة في الخليج التاريخ السياسي للكويت في عهد مبارك ص 12– مطبوعات الكويت)، وكانت أولى هجرات المجتمع الكويتي الناشئ إلى قطر، ثم خور الصبية ثم أم القصر على خور زبير التي طردهم منها الحاكم العثماني حتى حط هذا المجتمع في القرين على الخليج التي أصبحت الكويت.

ومن الجدير بالذكر أن نامق باشا والي البصرة، أراد ضم الكويت إلى البصرة فرفض أهلها، لأنهم كانوا يمثلون المدينة الفاضلة، التي تباشر شؤونها بنفسها، دون الخضوع للحكومات، ومن هنا نشأ المجتمع الكويتي مجتمعا إنسانيا من جميع الأعراق والأطياف والألوان، ومن عرب وعجم، ذابوا جميعا في هذا المجتمع الإنساني.

الكويت الأسرة الواحدة

ولم تكن الكويت عندما نزل إليها آل الصباح ومن معهم سوى أرض قفراء، لا مرعى فيها ولا ماء، فلم يشتغل أهلها بالرعي، وقد كانوا رعاة، ولكن مع تطور الحياة ومع وموقع الكويت على الساحل الغربي من الخليج العربي، ومنفذها البري إلى أوروبا عبر العراق وسورية وتركيا، ومرور القوافل بالبضائع والطريق إلى الهند والشرق الأقصى والصين وإفريقيا، واشتغال الشعب الكويتي بالملاحة وصناعة السفن الشراعية الضخمة العابرة للمحيطات، وقبل ذلك الغوص في البحر للبحث عن اللؤلؤ، وقد غرس كل ذلك في الكويتيين الروح الجماعية والتكافل والتضامن بين الأفراد، والثقة المتبادلة والاعتماد على كلمة الشرف في المعاملات، حتى شعروا بأنهم أسرة واحدة.

وهو ما سجلته المذكرة التفسيرية للدستور الإنساني النشأة والنزعة في استهلال تصويرها لنظام الحكم.

الفزعة الإنسانية في الكارثة

وقد كانت ظاهرة إنسانية رائعة حملة التبرعات التي أطلقتها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، د. مريم العقيل والتي شاركت فيها 41 جمعية خيرية، وشارك فيها ما يقرب من 200 ألف متبرع كويتي والتي جمعت ما يقرب من العشرة ملايين دينار في بضعة أيام، لمواجهة تداعيات هذه الكارثة، تحت الإشراف المباشر لوزارة الشؤون، وقد قدمت هذه الجمعيات للوافدين من مختلف الجنسيات المساعدات المالية والمادية الكبيرة التي أدهشت العالم كله، وكشفت عن المعدن الأصيل للشعب الكويتي، وتضامنه وتعاونه وتراحمه، وقد جسد دستور الكويت الإنساني النشأة والنزعة هذه المعاني النبيلة من تكافل وتعاون وتضامن في المواد 7 و23 و25.

لا للكراهية

وقد أثبت هذا التكافل والتضامن الاجتماعي من المجتمع الكويتي، الإخاء الإنساني بين الكويتيين والمقيمين، وأنهم أسرة واحدة في السراء والضراء، في الفزعة السالفة الذكر، فضلا عن الفزعة الكبيرة من الأقلام الكويتية الشريفة النقية التي تمثل المعدن الأصيل لهذا الشعب، والتي نقلت بعض الفقرات منها في مقالي الأحد الماضي تحت عنوان "الرق والاسترقاق في تجارة الإقامات".

ولا أغفل في هذا السياق الجانب الإنساني والمكانة الدولية للكويت، وأكتفي بأن أنقل ما كتبه الكاتب فاروق النوري على صفحات "الجريدة" في عددها الصادر في 24/ 3/ 2017 في مقال له تحت عنوان "رفقا بالعمالة الوافدة... الإنسانية مطلوبة": "لذلك فإنني عندما أطالب بعدم الإساءة إلى العمالة الوافدة فذلك يأتي أولا، وقبل كل شيء، من باب العدالة والإنصاف واحترام المبادئ الإنسانية التي يفترض أن تكون مستقرة في ضمير مجتمعنا المتحضر، وعلينا أن نتذكر دائما وقوف العالم بأسره معنا ومناصرته لنا في دحر العدوان العراقي وطرده من بلادنا إلى غير رجعة".

ويضيف "ولا يغيب عن بال الجميع أننا محط أنظار وسائل الإعلام العالمية والهيئات الدولية المختصة بحقوق الإنسان، حيث إن الأمر يتعلق بسمعة الكويت التي يجب أن نسعى إلى تعزيزها والدفاع عنها".

شكراً للسفارة المصرية

شكراً للسفلرة المصرية على المبادرة الطيبة التي ناشدت فيها رجال الأعمال المصريين لتقديم العون والمساعدة للأسر المصرية التي تأثرت في أعمالها وأرزاقها بوباء كورونا والحجر الصحي الذي صاحبه، وأرجو من المستشارين والمهندسين والأطباء وغيرهم من المصريين المقتدرين لا رجال الأعمال وحدهم أن يلبوا نداء السفارة المصرية النبيل.

وأناشد في هذا السياق الإخوة المصريين قبل الكويتيين، ألا يظلموا الكويت أو مصر، وأن يوقفوا حملاتهم وتنابزهم بالألفاظ على قنوات التواصل الاجتماعي، بما يعكر صفو العلاقات بين البلدين والوشائج الطيبة التي تربط بين الشعبين.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top