آمال : الأيام الطويلة

نشر في 21-04-2020
آخر تحديث 21-04-2020 | 00:20
 محمد الوشيحي في هذه الأيام المتشابهة، وفي ظل الحجر المنزلي الطويل، نصارع الملل بكل قوتنا، فنكتف يديه خلف ظهره، ونقاتل لربط ذراعيه، عبر قراءة الكتب ومتابعة الأفلام الوثائقية، لكنه مع طول الوقت وجد حيلة استطاع بها التخلص من الوثاق، وتكرار الهجوم علينا.

لذا قررنا تغيير الخطة، واستبدلنا قراءة الكتب ومتابعة الأفلام الوثائقية بالأفلام الروائية، من باب خداع الملل، وبالفعل نجحنا وتمكنا، هذه المرة، من رميه إلى خارج منازلنا بعد أن ربطنا رجليه.

استمر ذلك برهة من الوقت، أو "قطعة أيام"، كما يقول كبار السن، قبل أن نفاجأ بالملل، مرة ثالثة، واقفاً أمامنا تعلو وجهه ابتسامة ساخرة مقيتة.

عندئذ قررنا تغيير الخطة، فلجأنا إلى المكالمات الهاتفية الطويلة مع الأصدقاء والمعارف، والأحاديث التفصيلية الطويلة، وبذلك استطعنا تغطية عيني الملل بقطعة قماش سوداء معتمة، فصار يتخبط بين جدران البيوت، يصطدم بذا الجدار وذا الجدار.

لكنه كالعادة، وبعد فترة، استطاع إسقاط قطعة القماش من فوق عينيه، وعلاج الضربات في رأسه، قبل أن يهجم علينا بقسوة تفوق قسوته في هجماته السابقة كلها.

هو يستطيع التأقلم بسرعة مع خططنا المضادة، ويتشكل بحسب عقلياتنا ونفسياتنا، ويستغل الصمت والهدوء، ثم يضرب ضربته القاصمة الحاسمة. وهو ذو نَفَسٍ طويل في الصراع، يفوق طول نفَس المحارب الفارسي. ونحن عرب، نميل إلى حسم الحرب من المعركة الأولى.

لكن يبدو أن الحرب طويلة، وأن المعارك الأولى التي انتصرنا فيها على الملل لم تحسم الحرب أبداً، لذا علينا أن نحرص على البقاء في خنادقنا، وتكديس الذخائر والعتاد والغذاء والماء، وتهيئة أنفسنا لقتال الملل في ميدانه؛ ميدان الأيام الطويلة.

back to top