معضلة عَوْدِيَّة

نشر في 17-04-2020
آخر تحديث 17-04-2020 | 00:04
 خالد اسنافي الفالح بعيداً عن الجائحة وآثارها سأحكي لكم قصة زميل ثانوية فاشل، باليالله تخرّج! بعد أن تأخر عن فرقتنا الدراسية لسنتين، حينها فتح القدر له باباً من شدة يأسه ظن أنه لم يُخلق بمفتاح، إذ أعلنت مؤسسة البترول حاجتها لملء وظائف شاغرة لمخرجات الثانوية، شرط اجتياز الاختبارات والمقابلات والدورات المطلوبة لمهن فنية في حقول النفط ومصافي التكرير وبنظام النوبات، ولأنها المرة الأولى– منذ الغزو- التي تعلن فيها المؤسسة هذا النوع من المهن تم التساهل مع المتقدمين خصوصاً في اختبارات اللغة الإنكليزية، والتي ستعوَّض بتمديد فترة الدورة التأهيلية، وللأمانة كان مرزوق ميييييح بكل شي، لكن الله أعطاه بسطة في الجسم عوّضت ضعفه في العلم، ولا أشك أن لجان القبول ما استثنته لولا ذلك وفيتامين (و) بعد تيسير الله.

فتح الباب 570 دينارا ولله الحمد، تعينه وأسرته على تسديد القرض العقاري مبكراً وأجار شقة مچكنمة حدّهم عليهما حريق- مصدره صندوق كهرباء الجار- التهم منزلهم وكاد أن يبتلع معه إخوةً لهم في الدين ونظراء لهم في الخلق لكن الله سلّم.

يضطره عمله للسفر أحياناً لمسافات لا قِبل لحمار المكدة الذي يركبه على تحمّلها، وبيزة على بيزة، اشترى له فرساً تتمخطر، فبعد سنوات صار أجره– والأجر على الله- مضاعفاً، و570 على 570 مع قرض عقاري تملّك شقة باسم والدته في غيتو المقيمين تدرّ عليه بعض الذي يُشبع جشع المصارف التمويلية. كانت رياح الدهر تمشي بما يشاء فلكه، لكنها انقلبت عليه حتى تعطيه الدرس الذي أنشده المتنبي: "ما كل ما يتمنّى المرء يدركه"، وبالرغم من أن ملاءة الرجل المالية لا تزال تعينه، فإن أهله لم يكفّوا عن نصحه بالاستدانة حفاظاً على سيولته النقدية، فأجره المتضاعف 5 أضعاف حتى هذه اللحظة يؤازره على نوّاب ونائبات الأقساط البنكية، لكن الملاءة المالية تغري أحصف الناس على الاحتراق بنارها ولا نير الاستدانة، إلى أن التهمت النار ملاءته كلّها! وحار في أمره؛ أيستدين الآن ولا ميرة من سيولة نقدية تعينه؟ أم يكتال سيولة نقدية من شقة الغيتو التي لم تشبع جشع المصارف بعد؟! وبامتحان كهذا، إن لم يُعن المرء فيه يُهن!

توضيح:

خطأ مطبعي مقصود في الفقرة الأخيرة في لفظتي (نوّاب ونائبات) والصحيح (نوائب).

back to top