إدارة الأزمة في مرحلة التعافي (1)

نشر في 07-04-2020
آخر تحديث 07-04-2020 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي لكثرة الردود التي وصلتني على المقال السابق (إدارة كورونا بوابة ثقة المواطنين) بين مؤيد لإجراءات الحكومة ومتسائل عما هو المطلوب لضمان استمرار نجاح "مرحلة التعافي" على اعتبارها أهم مرحلة من مراحل إدارة الأزمات كونها المسؤولة عن معالجة الآثار التي خلفتها مرحلة إدارة الأزمة قبل وقوعها وأثناءه قررت الكتابة عن مرحلة التعافي، فبطبيعة الحال معظم المشاكل التي أزالت الستار عنها أزمة "كورونا" ليست وليدة الساعة، بل هي نتيجة طبيعية لتراكمات سوء الإدارات المتعاقبة السابقة والتي يجب حلها وفي مقدمتها:

1- التركيبة السكانية:

رغم أهمية قضية التركيبة السكانية كونها من القضايا المصيرية التي تهدد أمن الوطن كقضية الوافدين وطيّ ملف البدون فإنها ليست ضمن اهتمامات مجلس الأمة والحكومة على حدّ سواء، مع أنها من القضايا التي يمكن حلها ولا تتطلب عبقريا لو كانت الضمائر حيّة، فزيادة أعداد الوافدين وتكدسهم بهذه الطريقة لم يكن ليحدث بسبب تاجر إقامات فاسد لولا وجود تسهيلات حكومية وقوانين سمحت لهذه التجارة بالتمدد من خلال فتح الباب على مصراعيه لشركات وهمية، ولشخصيات متنفذة، وتقدير احتياج يفيض عن حاجتها الفعلية، ناهيك عن العقود التي تبرمها شركات الوساطة مع الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة والقطاع الخاص في مجال النظافة والعمالة المناولة التي تملأ مراكز التسوق والجمعيات التعاونية والمطار وشبرة الخضار. ليس من حق أحد إلقاء اللوم على هذه الفئة المظلومة التي تعيش في ظروف صعبة، فقد أرادت أن تحلم بعيش كريم إلا إنها صُدمت بواقع مرير، لذلك قبل محاسبتهم وإلقاء اللوم عليهم يجب محاسبة من تسبب في وصول أوضاعهم إلى هذه الحال من تجار فاسدين ومسؤولين بلا وطنية ولا ضمير، وإعادة خريطة احتياجات الدولة من العمالة الوافدة قرار لا يمكن التراجع عنه، وعلى وزارة الشؤون وبقية الوزارات المعنية وضع التصورات والخطوات الإجرائية الفورية لإخراج هذه العمالة الهامشية مع ضمان حقوقهم التي استولى عليها الفاسدون.

2- البدون:

ها هي الأحداث تثبت ولاء هذه الفئة للكويت، وها هم أبناؤها يشاركون إخوانهم الكويتيين في الصفوف الأولى، لذلك لا بد من إنصاف كل من له ارتباط وولاء لهذه الأرض الطيبة بتجنيس المستحقين، وحفظ كرامة البقية منهم بالعيش الكريم، بدلاً من استمرار سياسة التضييق والخنق.

3- القطاع الخاص الصناعي والتجاري:

حقيقة وعلى الرغم من الدعم والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها الدولة لهذا القطاع فإنه وفي مجمله أثبت فشله، وأنه بلا هوية وأنه قطاع ريعي، لذلك المطلوب عند الوصول إلى مرحلة التعافي إعادة النظر في سياسات الدعم بعد أن كشفت الأزمة عن هشاشة وضعف دوره في تنوع مصادر الدخل واستغلاله للظروف.

الفقرة السابقة لا تعني التخلي عن القطاع الخاص، فمعظم الدول كأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وأميركا قامت بإجراءات استثنائية لدعم القطاع الخاص، رغم أن اقتصادها يقوم على الضرائب، لذلك على الحكومة الكويتية دراسة البدائل بشكل لا يسمح بالتلاعب بالمال العام وحصر التعويضات بالمتأثرين فعليا من الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الحكومة، ومن ثم وضع التدابير اللازمة لتفعيل دور القطاع التجاري والصناعي في تعزيز الاقتصاد الوطني.

ملاحظات:

* معالجة آثار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تحتاج إلى صاحب قرار وإلى فريق من المختصين الأكفاء بعيداً عن الأشخاص ذاتهم، والصندوق ذاته صاحب الأفكار ذاتها ممن لم يكن لهم دور لا في هذه الأزمة ولا قبلها، بل إن غالبيتهم كان وراء وصول الحال إلى ما هي عليه.

* إدارة الأزمة أثناء وقوعها يتطلب الكثير من المرونة بحسب المعطيات على الأرض، لذلك لا ضير من تغيير القرارات حسب الظروف.

* هذا المقال موجه لمرحلة التعافي ولا دخل له بالجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والعاملون في الصفوف الأمامية وفي كل

الصفوف. ودمتم سالمين.

back to top