قبل فوات الأوان

نشر في 06-04-2020
آخر تحديث 06-04-2020 | 00:09
 حمزة عليان شعور بالخجل انتاب الجميع عند مشاهدتهم عدداً من الآدميين يتزاحمون وبعنف على الفوز بكيس من البصل في أحد أسواق الخضار، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش الإيطالي بحرق الجثث، بعدما امتلأت المقبرة بضحايا الفيروس! وسكان العالم كلهم من كبيرهم إلى صغيرهم متساوون بالعزل والخوف من "عدو" لا نعرف أين يختبئ، وكيف سيواجهنا؟ ومتى سيتوقف؟ وفي الوقت الذي أرغمنا فيه هذا "الحقير" على أن يبقى مليارات البشر في بيوتهم ينتظرون الفرج. معظمنا لديه شعور بالخوف، أن يأتي يوم ونفقد فيه أعز الناس والأصدقاء ونجد أنفسنا غير قادرين على المشاركة في دفنه، قد نكون واحداً ممن يذهبون ضحية هذا "الحقير" ونواجه الموقف نفسه، وليس هناك من يقوم بالدفن! وكأننا أصبحنا مثل "الميت الحي" فقدنا أعز ما لدينا، حريتنا بالتنقل وحريتنا بالعيش!

اليوم تساوى الدكتاتور مع السجين، والزعيم مع الفقير، والغني مع الشحاذ، صاروا مثل أسنان المشط، سواسية وهو ماكنا نفتقده قبل زحف كورونا، كلنا محكومون من "فيروس" دخل علينا هكذا، لم نعرف بالضبط الإجابة القاطعة للتساؤلات: هل انتقل من الحيوان إلى الإنسان، أم تم تصنيعه بالمختبرات؟ خرج من القمقم، بحيث جعل "جمهورية الأرض" مغلقة وللتحسينات؟

أي إنسان، مهما علا شأنه، غير قادر على الذهاب إلى البنك أو العمل أو الجمعية، لقضاء حاجته، وإن فعل ذلك مرغماً، لكنه مسكون بالرعب، لشعوره أنه يخاطر بحياته! وربما يأتي يوم وليس ببعيد، إذا أردنا الخروج من جحورنا أن نجبر على ارتداء ثياب رواد الفضاء وهم متوجهون إلى مركباتهم وبكامل تجهيزاتهم التي لا يخترقها حتى الهواء! من نيويورك إلى ميلانو، مروراً بالكويت وبيروت، وصولاً إلى "ووهان".. شوارع خالية، ماتت فيها الحياة، جاء هذا "الحقير" ليوحد أسلوب العيش بين بني البشر، ولا فرق بين أسود وأبيض أو بين مدير وموظف أو بين دين وآخر وضع الجميع في سلة واحدة!

صارت المشاجرات والمهاترات التي نسمعها في هذه النكبة من الصغائر، عندما تجد نفسك حائراً سارحاً أمام هول الكارثة، التي جعلت من العالم قرية واحدة مفتوحة على جيرانها لا تقوى على المقاومة وتمنع الدخول إليها، فلا شرق أو غرب ولا متحضرة أو نامية! وبالرغم من شل حركة الطيران، ومشهد الطائرات المتراصة أمام ناظريك كأنها ديناصورات، فإن هذا "الحقير" تخطى الحواجز والحدود، وبات يتنقل بحرية وسرعة ليفتك ببني البشر دون أن يردعه أحد أو يوقفه عند حده ويلقي القبض عليه ويحجره في مكان واحد، كما حجر الكرة الأرضية على نفسها وبمجملها!

طيب، إذا كانت الحال كذلك، فلماذا لا يبادر قادة العالم أو على الأقل من ينتسب إلى الأمم المتحدة بوصفها الجهة الدولية الجامعة، ومن يحق له من أعضاء الدول الخمس الكبرى الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن، وهذا ما سمعنا إشارات عنه صباح يوم السبت من ماكرون وترامب لبحث مصير هذا الكوكب، ومن يعيش عليه، فكلنا اليوم في مركب واحد، وبالتالي تسخير كل إمكانات الأمم وطاقاتها في سبيل احتواء هذا "الحقير" وإنقاذ البشرية من ويلاته والتعجيل في اللقاح المناسب والفعال.

دعوة من العبد الفقير لله، إلى من بيدهم الأمر، توقفوا عن صراعاتكم وحروبكم اليوم قبل الغد وتوجهوا لإنقاذنا قبل فوات الأوان! فهل من يسمع أو يستجيب؟

back to top