«نبي أساميهم»

نشر في 02-04-2020
آخر تحديث 02-04-2020 | 00:07
المصيبة أننا، إلى اليوم وفي أحلك الظروف، لم نعلن اسم شخص واحد من المواطنين الوقحين ممن تسببوا في هذه الكارثة الإنسانية والصحية، وإن لم نقدم على فعل يعريهم ويحاسبهم اليوم فتأكدوا أن ذلك لن يتحقق حين زوال الغمة قريبا بإذن الله.
 علي محمود خاجه تغاضي الأمس معاناة اليوم، والتساهل والاستثناء والمجاملة والمحاباة والتنفيع كلها تدفع الكويت ثمنها اليوم، فهذا الوباء العالمي لا يعرف الاستثناء ولا يجامل أحداً، فقد مسّ الزعماء والقادة والمشاهير والمتنفذين في جميع بقاع العالم، ولا يمكن لواسطة أو محسوبية أن تقينا منه.

عندما ذكرت في مقالي السابق أن العنصر الغائب الأساسي في هذه الأزمة هو غياب، بل شبه انعدام، الواسطة والمحسوبية، الأمر الذي أدى إلى تميز الجهات التنفيذية في التعاطي مع الوباء، فإنني كنت أقصد أنه لا يمكن اليوم، وفي مثل هذه الظروف، أن تقبل أي جهة تنفيذية بالدولة اليوم أن تستثني أحداً من القانون، خصوصا في الأمور التي ستنعكس على الكويت بأكملها، فلا يمكن اليوم لأي كائن أن يسمح مثلا بإدخال أشخاص مشتبه فيهم بأنهم يعانون "فيروس كورونا" دون فحص أو حجر مؤسسي مهما كان نفوذ من يرغب في إدخالهم أو سلطته.

أما قبل الأعياد الوطنية الأخيرة فكانت الحكومة نفسها والجهات التنفيذية نفسها توافق وتستثني المقربين لها من عمل ذلك، كل الذي اختلف هو الإدراك بأن هذا الوباء لن يسمح لنا بالمجاملات والاستثناءات.

اليوم نحن نعاني من ذلك الوقح الأحمق من أبناء الكويت الذي قرر أن يكون ثرياً من خلال قدرته على أن يكفل أي وافد يدخل البلاد، فيأخذ منه إتاوة ضخمة لكي يتمكن ذلك المسكين من دخول الكويت أملاً في مصدر رزق، ليفاجأ هذا الوافد بأن المبالغ الضخمة التي دفعها لذلك المواطن الأحمق بمساعدة الجهات التنفيذية في الدولة ما هي إلا مبالغ رسوم دخول دولة الكويت، وعليه أن "يدبّر نفسه" للحصول على يوميته، وأن يسكن في أي مكان، وأن يختلط بمن يشاء، ويبحث عن رزقه كيفما شاء، ناهيكم عن أولئك المتاجرين بالبشر ممن تتعاقد معهم الحكومة ويتغاضون عن دفع الرواتب لشهور عدة، وعلناً دون أن يحاسبهم أحد، فيكملون المشوار الحقير على مر السنين.

المصيبة اليوم تكمن في هؤلاء المساكين ممن أصبحوا بلا صدقات كانت تسد جوعهم من الخيرين، وبلا مسكن بحكم أنهم كانوا يؤجرون السرير بالساعات، ومع الحظر والإغلاق باتوا في الشوارع، لأن الغرف لم تعد تسعهم، ولا بدّ لهم من الخروج ومخالطة الناس بحثاً عن المال أو الطعام على أقل تقدير.

هذه هي الحال التي تدفع الكويت كلها ضريبتها اليوم، لأننا وببساطة في الأيام العادية قررنا أن نتغاضى عن أولئك الحمقى، بل قد يكون بعضنا ساهم معهم في تعبئة الكويت بهذه العمالة التي لا تريد سوى أن تعيش.

والمصيبة أننا، إلى اليوم وفي أحلك الظروف، لم نعلن اسم شخص واحد من المواطنين الوقحين ممن تسببوا في هذه الكارثة الإنسانية والصحية، وإن لم نقدم على فعل يعريهم ويحاسبهم اليوم فتأكدوا أن ذلك لن يتحقق حين زوال الغمة قريبا، بإذن الله.

back to top