إشادة مستحقة ولكن من حسن التدبير عدم التبذير

نشر في 30-03-2020
آخر تحديث 30-03-2020 | 00:09
نأمل أن تتصرف الحكومة بعقلانية وتتوجه لقرار عدم صرف أي مبالغ استرضائية للمواطن سواء قرار الألف دينار أو غيره، وتحصر نفقاتها في الاحتياحات الأساسية والضرورية الطارئة، لأن هذه المرحلة ليست نهاية العالم وأن هذه الميزانية هي نفسها التي ستقوم بالصرف منها في الظروف الطبيعية بعد زوال هذه الغمة إن شاء الله.
 يوسف ناصر الشايجي من باب الإنصاف لا من باب التفضل أو التملق لا بد أن نُثني على الإدارة الأكثر من جيدة في مواجهة "ڤيروس كورونا" حتى الآن، من رأس السلطة مروراً بالحكومة ووزرائها وفرقها العاملة، وإلى كل التمثيل الشعبي وفرقه المتطوعة، إلى كل الجهات المتضامنة اجتماعيا أفراداً ومؤسسات، وتأتي أهمية هذه الإشادة بأنها ليست على مستوى وقياس محلي يخضع في الغالب للمجاملة والمبالغة، ولكنها تأتي من دول وجهات رسمية دولية أكبر من أن نملك التحكم في قراراتها أو نستطيع أن نملي عليها ما يخالف قناعاتها التي تُبنى على أسس علمية متخصصة، والتي واكبت هذه الظاهرة الصحية منذ البداية وأسمتها أزمة، أما اليوم فهي "وباء"، وذلك قياسا بما يسجل لديها في الدقيقة والثانية من إصابات بالآلاف، ووفيات بالمئات على مستوى دول العالم قاطبة، لذلك هي إشادة دولية بلا شك مستحقة للإدارة الكويتية وأدائها المتميز في التصدي لهذا الوباء، وهو فخر يحق لكل كويتي الزهو به، والتي نتمنى أن تستمر على هذا المستوى إلى أن تنتهي هذه الكارثة على خير، وبأقل الخسائر البشرية علينا ككويتيين وعلى جميع أشقائنا وأصدقائنا في الإنسانية جمعاء.

لكن يظل النقد البناء الهادف إلى المصلحة العامة ملازما للإدارة الناجحة، لأنه مرآة ترى من خلالها نتيجة عملها، ومن هذا المفهوم:

نرى أن قرار مجلس الوزراء منح راتب إضافي للطلبة في الخارج قرارٌ ليس في محله، وغير واضح الأهداف! طالما أن هناك قراراً سابقاً من مجلس الوزراء بإجلاء جميع الطلبة والمواطنين الكويتيين بالخارج وإحضارهم للكويت، فالراتب الإضافي مقابل ماذا؟ مقابل إقامتهم في الكويت كحال باقي الكويتيين!!

وكذلك يتردد بصورة قوية دون أن يقابله نفي أو توضيح من المسؤولين النية بصرف ألف دينار لكل مواطن ومواطنة لمواجهة مستجدات أزمة كورونا!! لا أدري ما هذه المستجدات المادية التي تحملها المواطن ولم تتحملها الدولة، حسب متابعتي لهذه المستجدات أرى شيئا مخالفا تماما لهذا التوجه، وهو أنه في هذا الشهر بالذات ونتيجة الحظر الجزئي وإغلاق شبه كامل لكل المحلات التجارية من تسوق ومطاعم ومقاه، حتى الوقود قلّ استهلاكه إثر ذلك الحظر، في المقابل وفّر التموين له أكثر من ٩٠ في المئة من احتياجاته الغذائية الشهرية، حيث لم يتبقَّ عنده إلا الاحتياجات اليومية من "الجمعية" فقط، إضافة إلى تأجيل تحصيل أقساط التزاماته الشهرية في غالبها إن لم يكن جميعها، من المؤكد نتيجة لكل تلك الإجراءات أصبح لدى المواطن وفرة مالية (بحبوحة) في ميزانيته هذا الشهر، ميزته عن باقي الأشهر نتيجة لتخليه عن الكثير من احتياجاته الأساسية والكمالية، والأكيد أن هذا ليس بخافٍ عن الحكومة، لذلك نرجو أن تتراجع عن قرارها هذا إذا كانت لديها النية باتخاذه، ونتمنى أن يكون هذا الخبر مجرد إشاعة بالأساس، لأن ميزانية الدولة وكما هو معلن رسميا تعاني "عجزاً" ليس بالهين في الظروف العادية، فما بالك في هذه الظروف الطارئة، وما استنزفته من ميزانية عاجزة أصلا، إضافة لانخفاض سعر البترول أكثر من ٤٠ في المئة من سعره التقديري بالميزانية، كما يجرنا ذلك إلى الخوف من الغد عند المبالغة في تكريم كبار مسؤولي الفرق العاملة والمتطوعة الميدانية على حساب جهود وتضحيات أفرادها، وكذلك عند صرف التعويضات لغير مستحقيها وإهمال أو عدم إنصاف مستحقيها الفعليين.

هناك سبب أخير يجب الإشارة إليه، فقد اعتدنا من الحكومة وللأسف تغطية أدائها السيئ باستغلال بعض الظروف أو المناسبات، لتقوم بصرف مبالغ للمواطنين بغرض شراء ولائهم السياسي تحت أعذار وحجج واهية، حتى هذا العذر أو المبرر هي في غني عنه في هذا الوقت، حيث أداؤها من خلال معظم فرقها الصحية والأمنية والتجهيزية في مواجهة "ڤيروس كورونا" كان أكثر من رائع، بشهادة الجميع تقريبا، لدرجة أن البعض أجزل لها الشكر على شكل أشعار أو أغانٍ أو مقالات، انتهى بالتصفيق لها تحية على أدائها الرائع حتى الآن، كما تطوع البعض الآخر للدفاع عنها عندما كانت تقع في بعض الأخطاء الصغيرة أو الهامشية نتيجة الزحمة أو الربكة في العمل، تقديراً لجهودها تلك وعلى أساس قاعدة "من لا يعمل لا يخطئ".

نأمل، لكل تلك الأسباب مجتمعة، أن تثق الحكومة بما قامت به وتتصرف بعقلانية وتتوجه لقرار عدم صرف أي مبالغ استرضائية للمواطن سواء قرار الألف دينار أو غيره، وتحصر نفقاتها في الاحتياحات الأساسية والضرورية الطارئة، لأن هذه المرحلة ليست نهاية العالم وأن هذه الميزانية هي نفسها التي ستقوم بالصرف منها في الظروف الطبيعية بعد زوال هذه الغمة إن شاء الله.

نرى أن قرار مجلس الوزراء منح راتب إضافي للطلبة في الخارج قرارٌ ليس في محله وغير واضح الأهداف!
back to top