«كورونا»... فرصة لتصحيح إخفاقات ترامب مع الصين

نشر في 22-03-2020
آخر تحديث 22-03-2020 | 00:00
إذا لم تنجح الولايات المتحدة وبلدان أخرى في السيطرة على "كورونا"، فستتأثر أنظمتها الاقتصادية بشدة وتدخل حالة ركود، أما إذا توقف الوباء سريعاً، فقد يؤدي الطلب المتجدد إلى ارتفاع كبير في معدل النمو، ولتحسين الوضع اليوم، يجب أن يلغي ترامب جميع الرسوم الجمركية التي فرضها على الصين منذ 2018، وسيرد الرئيس شي جين بينغ بالمثل حتماً.
 وكالة تريبيون لا بد من الإشادة برغبة ترامب في إقناع الصين بتطبيق قواعد التجارة الدولية القائمة منذ وقتٍ طويل، لكن تبيّن أنه لا نفع من التركيز على العجز التجاري الأميركي مع الصين وفرض رسوم جمركية لتجاوز ذلك العجز. اليوم يعطي فيروس كورونا المستجد ترامب فرصة للتخلي عن تلك الاستراتيجية الفاشلة وإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الصينية فوراً، ومن المتوقع أن تقابل الصين هذه الخطوة الإيجابية بمبادرة من جانبها، مما يعني تحفيز الاقتصاد الأميركي والسماح لترامب بتحسين مساره السياسي.

عام 2018، بدأ ترامب يزيد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها في الولايات المتحدة، وكانت تلك المقاربة تتوقع أن تتراجع نزعة الأميركيين إلى شراء السلع الصينية، والتخلص من العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والضغط على بكين لتغيير سلوكها السيئ.

لكن ماذا حصل؟ ردّ الرئيس الصيني شي جين بينغ برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية التي تُباع في الصين، مما أدى إلى اندلاع حرب تجارية بين الطرفين، ونتيجةً لذلك، انخفض العجز التجاري الأميركي مع الصين بأقل من 18 في المئة بين عامي 2018 و2019، وتراجع بنسبة 2.5 في المئة فقط مع بقية بلدان العالم، لا ويمكن اعتبار هذه النتيجة فوزاً بأي شكل.

وفي شهر يناير الماضي، وقّعت الولايات المتحدة والصين «المرحلة الأولى من اتفاق تجاري»، لكن يظن المحللون أنه مجرد هدنة موقّتة وانتصار سياسي قصير الأمد لترامب، لأن بكين وافقت على شراء سلع وخدمات أميركية إضافية بقيمة 200 مليار دولار بين 2020 و2021، لكن الخبراء في الشؤون الصينية استبعدوا تحقيق هذا الهدف الطموح حتى قبل انتشار فيروس كورونا، وتراجع القدرات الشرائية الصينية. وفي مطلق الأحوال، لن تُطرَح أي تدابير رسمية ناجحة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر 2020.

يعتبر المحللون التنازلات الصينية الأخرى ضئيلة. في المرحلة الأولى من الاتفاق مثلاً، وافقت الصين أيضاً على عدم تخفيض قيمة عملتها، مع أنها تعمل على تقويتها منذ عام 2005، كذلك، أعادت بكين التأكيد على التزامات سابقة لحماية الحرية الفكرية وتقليص الحواجز أمام الاستثمارات في قطاع الخدمات المالية الصينية.

إذا لم تنجح الولايات المتحدة وبلدان أخرى في السيطرة على «كورونا»، فستتأثر أنظمتها الاقتصادية بشدة وتدخل في حالة ركود، وإذا توقف الوباء سريعاً، فقد يؤدي الطلب المتجدد إلى ارتفاع كبير في معدل النمو في وقتٍ لاحق من السنة، لكن لتحسين الوضع اليوم، يجب أن يلغي ترامب جميع الرسوم الجمركية التي فرضها على الصين منذ 2018، وسيرد الرئيس شي جين بينغ بالمثل حتماً.

لكن ما لم تُفرَض ضغوط فاعلة إضافية، فمن المستبعد أن تتخذ الصين الخطوات اللازمة للالتزام بالقواعد الدولية لأن هذا الالتزام يُصعّب عليها السيطرة على قطاعات مختلفة مستقبلاً ويرفع مستوى اقتصادها بما يضمن تحسين فرص النمو للشعب الصيني وزيادة فرص العمل المتاحة ومستوى المعيشة.

ما هي أفضل استراتيجية لإقناع الصين بتغيير سلوكها إذن؟ يجب أن تبدأ الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا وآسيا بالتعاون للضغط على الصين، إذ يواجه الحلفاء مشاكل مماثلة مع بكين، ومن مصلحتهم أن يعالجوها أيضاً.

كذلك، على الولايات المتحدة أن تستعيد نفوذها عبر الانضمام إلى الشراكة العابرة للمحيط الهادئ التي رفضها ترامب عام 2017، فخلال جهود عقد المعاهدة بمشاركة الولايات المتحدة و11 بلداً آخر في منطقة المحيط الهادئ، كان الأعضاء يمثّلون حوالى 40 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي وثلث قطاع التجارة، وشكّلوا قوة مضادة لتنامي نفوذ الصين.

لمواجهة التحدي الصيني، يجب أن تزيد الحكومة الأميركية تمويل جهود الأبحاث والتطوير في قطاع التكنولوجيا، وتلتزم بتحسين التعليم الابتدائي، وتُحسّن البنى التحتية الأميركية لزيادة الإنتاجية.

وفق «مكتب التحقيقات الفدرالي»، تُعتبر السرقة الصينية للتكنولوجيا الأميركية أكبر تهديد على الأمن القومي، وقد كثّف ترامب جهوده لمنع الاستثمارات الصينية في الشركات الأميركية التي تنتج تقنيات محورية، ويجري العمل على منع التجسس السيبراني، لكن الوضع يتطلب خطوات إضافية.

أدى التركيز على العجز التجاري والرسوم الجمركية إلى تضرر الشركات الأميركية وتراجع النمو الاقتصادي ولم يعالج التحديات الحقيقية التي تطرحها الصين، وفي المرحلة المقبلة، يجب أن يتعاون الأميركيون مع حلفائهم عن قرب ويقوموا بالاستثمارات اللازمة في الولايات المتحدة على المدى الطويل، وإذا لم يغيّر ترامب مساره، فقد يحقق الرئيس الأميركي المقبل هذا الهدف!

* جون مانزيلا

back to top