تواضعوا من أجل إنسانيتكم

نشر في 19-03-2020
آخر تحديث 19-03-2020 | 00:20
 حسن العيسى سواء كانت كارثة أو أزمة تمر بها الكويت والعالم بأكمله، فلا يعني ذلك ولا يبرر التنمر على الآخرين من الضعفاء الذين لا تحميهم هوية الجنسية الكويتية، مهندسة مصرية أبدت رأياً عادياً كأي إنسان يحاول "التنفيس" عن إحباط ذاتي بسبب إجراءات الفحص الطبي للوافدين وحالة الطوابير الممتدة، تلقت جزاء وعقوبة رهيبة، إذ تم فصلها من عملها دون مبرر من حكم القانون.

كان هذا الطرد التعسفي يتجاوب مع مشاعر استعلاء وعنتريات وطنية استعراضية لبعض نمور "تويتر"، وهم في النهاية نمور بالتفاهة وخواء الحس الإنساني. لم يكن أصحاب العمل الذين كانت تعمل لديهم المهندسة بحاجة إلى هذا التفاعل البطولي مع أشخاص، هم في النهاية ضعفاء بحكم تبعيتهم لأرباب العمل، وبحكم وجودهم المؤقت ووقوعهم تحت طائلة الإبعاد الإداري لأي سبب.

لا تختلف الحالة الاستبدادية لجماعات البشر من المغردين الذين هبوا يطالبون بالثأر والانتقام من تلك المهندسة، لمجرد تغريدة أو لقطة "إنستغرام" أبدتهما هذه الضحية، عن واقع السلطة ذاتها حين تسجن وتضطهد المغردين المواطنين أنفسهم الذين غردوا منتقدين وضعاً سياسياً أو دولة أجنبية لا تقل سلطوية عن واقعنا هنا، كان هذا يتم عبر قفازات القانون الجائر، وهي قوانين قاسية اعتباطية لا علاقة لها مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان.

الظلم واحد لا يختلف أمره، سواء هبط من الأعلى من السلطة ذاتها، أو تفجر من الأسفل من مجاري التعصب والتشنج الوطنيين. عبارة مثل "التطاول على الدولة" استعارها المتزلفون الوطنيون من خطاب السلطة، ووجدوا فيها مناسبة لإفراغ شحنات الكراهية والتعالي على الغير "الآخر".

الذين يحملون مشاعر الأنا المتعالية عليهم ترويضُها بالثقافة والفكر الإنسانيين، لسنا أفضل من غيرنا بشيء، صدفة الثروة النفطية ستتلاشى قريباً، ويفترض أن أخبار تهاوي أسعار تلك البضاعة تكون جرس إنذار للقادم من أيام الركود، التي يحيا بها العالم اليوم، والذي قد يصبح كساداً مدمراً إذا استمر تمدد وباء كورونا وحرب الأسعار بين الدول المنتجة لبضاعتنا اليتيمة، وحين تهبط الدخول وتزيد المعاناة للحاجة، هل عندها سنفكر بالغير، ونقول لأنفسنا "حالنا من حالهم"؟! تواضعوا قليلاً.

back to top