عولمة الأزمات الصحية

نشر في 04-03-2020
آخر تحديث 04-03-2020 | 00:10
 د. ندى سليمان المطوع كثيراً ما تواجهنا أسئلة من أبنائنا طلبة الجامعة أو من زملائنا أثناء مشاركتنا في الندوات وورش العمل، حول مفاهيم إدارة الكوارث وآلية التعامل مع الأزمات، ومدى صحة وجود آلية فاعلة تستند إليها المؤسسات لقراءة مستقبلية أو استشراف الأحداث الدولية بشكل واقعي، خصوصا أن مناهجنا التحليلية في عالمنا العربي تعتمد على تراجم تناولت نظريات العلاقات الدولية من الدول الأجنبية أو بالأحرى من العهد الإغريقي القديم، وقد أثبتت أحداث عديدة ضعف فاعلية ارتباطنا بقراءة المستقبل بشكل واقعي.

ومن ضمن تلك الأسئلة ما يتعلق بعولمة "الأزمات الصحية"، أي سهولة هجرة الفيروسات والأمراض عبر القارات نتيجة لتطور نظام الاتصال البشري ووسائل المواصلات، وهو موضوع قد تصدر مناهج العلاقات الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة، وهنا نؤكد أننا تجاهلنا تلك الخطورة ولم نستثمر في صناعة اللقاحات والأدوية الوقائية، واكتفت دولنا الخليجية بالاعتماد على المكاتب الصحية لفحص العمالة من قارة آسيا.

ولكن اليوم ومع امتداد الخط الوبائي السريع من الصين إلى دول العالم ومنطقة الخليج وجدنا أنفسنا أمام كارثة صحية جديدة، وهي كورونا المستجدة، وأقول جديدة بعدما عانت منطقتنا إنفوانزا الطيور "الآسيوية" التي تطلبت استراتيجية لوضع حد لاستيراد شتى أنواع الطيور، تبعتها إنفلوانزا الخنازير، فتفاعلت معها المؤسسات الصحية والتربوية والإعلامية بعفوية أحيانا وبتنظيم أحيانا أخرى، وضربت المدارس الخاصة آنذاك مثالا يحتذى في النجاح في إدارة الأزمات، وذلك بتوفير إرشادات واضحة للهيئة التدريسية وتفعيل العيادة المدرسية، واليوم ندخل الأجواء ذاتها مع فيروس كورونا الأكثر خطورة ولكن بأبعاد أخرى، وذلك وفق ما يلي:

• أثبتت وزارة الصحة جدارتها بالفريق الفاعل من الأطباء وسرعة تجهيز المحاجر الصحية ورغم إقحامها في قرارات سياسية هي في غنى عنها فإن إدارتها للأزمة تعتبر فاعلة.

• وزارة التربية اتخذت قراراً سريعا بإغلاق المؤسسات التعليمية، وإن كان قد قد كشف وجود منصات تعليمية تقنية لدى المؤسسات التعليمية الخاصة وافتقار المدارس الحكومية لها، ومن المنتظر اتباع استراتيجية وقائية فاعلة والاستفادة من الخبرات الأجنبية لدى المدارس الخاصة.

• أما وزارة التجارة فحسناً فعل الوزير باتخاذه قراراً حازماً تجاه استغلال الصيدليات للحاجة إلى الكمامات.

• وزارة الشؤون أمام معضلة كبرى وهي إقناع العمالة الوافدة ذات الإنتاجية الضعيفة التي تقبع في الجمعيات التعاونية، وتتزايد سنويا بضرورة اتباع إرشادات الأمن الصحي والسلامة الوقائية.

• وزارة الإعلام تحاول جاهدة الالتحاق بركب الخط السريع للمعلومات بجهود متواضعة عبر إلقاء المسؤولية بأكملها على ضيوف البرامج الحوارية.

• وزارة الداخلية يسجل لها نجاح التأقلم مع الدور الجديد لمنتسبيها وهو ضمان أمن وسلامة نزلاء الحجر الصحي.

وللحديث بقية.

كلمة أخيرة:

تسبب نواب مجلس الأمة في "تنمر طائفي" شق طريقة في المجتمع خلال أحداث فيروس كورونا، وذلك بعد "التراشق اللفظي" المروع الذي حدث خلال الجلسة الماضية، ومخطئ من يعتقد أن تلك السلوكيات طريقٌ لإعفاء البرلمان من مسؤولية الالتزام بجلسة خاصة يخرج منها المجلس بقرارات تجاه وباء كورونا.

back to top