خاص

مخاوف تصنيف «كورونا» بالوباء تصيب الأسواق النفطية بالهلع

نفطيون لـ الجريدة•: الغموض حول تأثير الفيروس وإمكان احتوائه يعقد التقديرات بشأن الأسواق العالمية

نشر في 03-03-2020
آخر تحديث 03-03-2020 | 00:04
الخبير النفطي كامل الحرمي-الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني-رئيس مجلس إدارة مجموعة "الشموخ" لخدمات النفط الإماراتية د. علي العامري
الخبير النفطي كامل الحرمي-الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني-رئيس مجلس إدارة مجموعة "الشموخ" لخدمات النفط الإماراتية د. علي العامري
رأى خبراء نفطيون أن «كورونا المستجد» أثّر كثيراً على أسعار النفط لأن الصين التي ظهر فيها الفيروس من أكبر الدول المستوردة للخام، وتساهم أيضاً بثلثي نمو الاقتصاد العالمي، مما ترك أيضاً أثراً كبيراً على صناعة التكنولوجيا والسيارات وشركات الطيران في مختلف أنحاء العالم، وخصوصاً الصناعي، منها الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وغيرها من الدول التي تستورد المنتجات الصينية وأيضاً شركات السيارات الأميركية التي تنتظر قطع غيارها من الصين لأن المصانع الصينية توقفت عن العمل بشكل شبه كلي لانتشار الوباء فيها بشكل واسع، مما سبب أيضاً مخاوف تصل إلى حد الهلع في الأسواق العالمية.

وأضاف الخبراء، في تحقيق لـ «الجريدة» عن توابع الفيروس على الصناعة النفطية، أن مستقبل الأثر المباشر لفيروس «كورونا» يصعب تحديد انعكاسه على أسعار النفط ومستقبله، وأن مقارنته بفيروس «سارس» الذي انتشر عام 2003 غير دقيقة، إذ كان الاقتصاد العالمي منتعشاً حينها والسعر العالي للنفط يحوم حول 100 دولار للبرميل مع توازن الأسعار وفق أساسيات العرض والطلب، فلم يؤثر ذلك إلا على وقود الطائرات، إضافة إلى محدودية انتشار الفيروس آنذاك.

ولفتوا إلى أن «كورونا المستجد» الذي انتشر في 60 دولة بتعداد 90 ألف مصاب «30 في المئة وفيات» وحاز تصنيفاً عالياً من منظمة الصحة العالمية، وسط حالة الخوف والهلع من انتشاره السريع شكل مؤثراً أساسياً في انهيار الاقتصادات والأسواق العالمية، بما فيها أسواق النفط إضافة إلى تباطؤ عملية احتواء الفيروس، وإليكم التفاصيل:

بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني إن أسعار النفط انخفضت بنحو 15 دولاراً من يناير الماضي إذ كان سعر البرميل 70 دولاراً إلى أن وصل في أول فبراير الماضي إلى 50 دولاراً ليصل إلى 49 دولاراً للبرميل حالياً.

وأرجع بهبهاني ارتفاع أسعار النفط في يناير الماضي إلى انتهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وهدوء المناورات العدائية بين واشنطن وطهران وصمت التوتر الأوروبي الأميركي.

ثلثا الاقتصاد العالمي

وأضاف أن العالم تأثر اقتصادياً بتأثر الصين جراء انتشار فيروس كورونا" فالصين تساهم بثلثي نمو الاقتصاد العالمي، مما ترك تأثيراً كبيراً على صناعة التكنولوجيا والسيارات وشركات الطيران في مختلف أنحاء العالم، لاسيما الصناعي، منها الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وأستراليا وغيرها من دول تستورد المنتجات الصينية، وبينها شركات السيارات الأميركية التي تنتظر قطع غيارها من الصين.

أثر مباشر

وأشار بهبهاني إلى أن مستقبل الأثر المباشر لفيروس "كورونا" يصعب تحديد انعكاسه على أسعار النفط ومستقبله، معتبراً أن مقارنته بفيروس سارس عام 2003 غير دقيقة إذ كان الاقتصاد العالمي منتعشاً حينها والسعر العالي للنفط يحوم حول 100 دولار للبرميل، أضف إلى ذلك توازن أسعار النفط مع أساسيات العرض والطلب، فلم يؤثر ذلك إلا على وقود الطائرات، إضافة إلى محدودية انتشار الفيروس آنذاك.

ونبه إلى أن فيروس "كورونا" المستجد الذي انتشر في 60 دولة بتعداد 90 ألف مصاب "30 في المئة وفيات" وحاز تصنيفاً عالياً من منظمة الصحة العالمية وحالة الخوف من الانتشار السريع كان في المجمل المؤثر الأساسي لانهيار الاقتصاد العالمي وحالة الهلع في الأسواق العالمية، بما فيها أسواق النفط، إضافة إلى تباطؤ احتواء الفيروس، ومع كل ذلك، لا يمكن مقارنته بمثيله في الماضي.

أسواق النفط

وذكر أن الغموض في التأثير المباشر، ناهيك عن مخاوف انتشار الفيروس يعقدان التقديرات المستقبلية في احتواء الكارثة على أسواق النفط!

وقال بهبهاني إن الملاحظ وجود تناقضات في الأرقام الاقتصادية التي تعرض من الوكالات المختلفة لأكبر اقتصادين في العالم فعقود بيع النفط ما زالت في معدلاتها 270 ألف عقد يومياً خلال الخمس سنوات الماضية، وبمراجعة أرقام الخسائر المقدرة عن طريق رصد نشاط المصانع الصينية هناك 40 في المئة من النشاط الصناعي، أو تجارتها التجزئة، توقف أو تأخر وهذا يقدر بخسائر 1 إلى 1.5 تريليون دولار، بينما نجد أن انخفاض الطلب الصيني على النفط في حدود 100 إلى 160 ألف برميل يومياً من 18 مليوناً تستوردها الصين، وهذا يجعل المتابع يقدر أن الطلب الصيني الحالي هو للتخزين أو أن تقدير إغلاق المصانع الصينية ليس دقيقاً.

وأشار إلى أنه في المقابل الولايات المتحدة مازالت مصافيها تعمل بقدره إنتاجية تقدر بـ 16.052 مليون برميل يومياً ومازال إنتاجها 13 مليوناً منذ 3 أسابيع واستيرادها 6.217 ملايين برميل خام وأسعار البنزين 2.466 دولار وكلها أعلى من مثيلاتها في 2019، وهذه المقارنة بين الاقتصادين تشير إلى وجوب قراءة أدق في المعلومات الواردة عن نقص الطلب لتقدير الخسائر وضعف الطلب على النفط.

خفض إضافي

وزاد بهبهاني أن اللجنة الفنية في" أوبك" أوصت بخفض إضافي 600 ألف برميل إلى 2.1 برميل الحالية وأن يستمر الخفض إلى نهاية العام الحالي.

وأضاف أن المعلومات الحالية تفيد بأن المملكة العربية السعودية تتبنى حالياً إضافة 400 ألف برميل إلى قرار اللجنة ليكون الخفض مليون برميل يومياً قبل اجتماع الوزراء في 6 مارس الجاري.

وأشار إلى أن هناك تردداً روسياً على توصية اللجنة الفنية لـ"أوبك" رغم إقرارها بفائض العرض على الطلب، مما سيؤدي إلى زيادة المخزون العالمي بمستويات أعلى بكثير من معدلات السنوات الخمس الماضية، ما يعني ابتعاد السوق مرة أخرى عن القواعد الأساسية في العرض والطلب.

الموقف الروسي

وتوقع أن يحسم الموقف الروسي في اجتماع وزراء أوبك المقبل؛ مبيناً أن قرار "أوبك" سوف يعتمد على مدى دقة تقدير انتشار وباء "كورونا" ومدى احتوائه، وذلك من المصادر الأكثر دقة من المصادر الإعلامية المضخمة.

وقال بهبهاني، "إن كان التقدير في احتواء الفيروس مع نهاية الربع الاول من العام الحالي، فمن المتوقع انتهاء معدل سعر البرميل في الربع الأول 59 دولاراً للبرميل وتنتهي السنة بسعر حوالي 62 دولاراً للبرميل، واما تقدير احتواء الفيروس إن كان في نهايه الربع الثاني من 2020 فستنتهي السنة بتقدير سعر البرميل 60 دولاراً، متوقعاً أن تفرض السعودية، ولو منفردة، خفض إنتاج 600 مليون برميل.

وتطرق إلى الأزمات المنتظرة مع نهاية أزمة انتشار وباء "كورونا" فالتوترات في العلاقات الأميركية التجارية مع الصين والعسكرية مع إيران والسياسية مع الاتحاد الأوروبي سيؤدي كل ذلك حتماً إلى تقلبات كبيرة لأسعار النفط.

وقال "إذا أضفنا إلى هذه العوامل عوده الإنتاج الليبي والإيراني والنيجيري إلى معدلاتها الحصصية "3 ملايين برميل إضافي" فسيشكل ذلك تعقيداً إضافياً آخر لمستقبل أسعار النفط، لذا من هذا المنطلق "أرى أن الوقت قد حان لـ"أوبك لمراجعة فلسفة توزيع حصص الإنتاج للدول الأعضاء لتكون أكثر استقراراً وتوازناً للسوق".

مؤشرات بيانية

وقال إن بقاء الأسعار الحالية حول 50 دولاراً لخام برنت "يجعلني متفائلاً لمستقبل الأسعار، فبعيداً عن المؤشرات البيانية هناك مؤشرات مثل أننا في موسم قلة الطلب والتقديرات تشير إلى انخفاض الاستثمار النفطي في 2019 أكثر من 30 ملياراً، مع حاجة الأسواق المالية للتصحيح، وحركة المصانع المتوقعة لتعويض المفقود من السلع الأساسيه، التي أهمها البتروكيماويات ووقود النقل، إذ يوجب ذلك زيادة الطلب بشكل عال وبقفزة كبيرة وإذا أضفنا لذلك فعالية قرار الخفض القادم، فستكون أسعار النفط في الربعين الثاني والثالث بالكثير قد تصل إلى مدى 65 و70 دولاراً للبرميل مرة أخرى.

هزة في الأسواق

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة "الشموخ" لخدمات النفط الإماراتية د. علي العامري، إن واردات الصين من النفط الخام من أعلى المستويات في العالم، كما عززت بكين طلبها من المصافي لتكون أكبر مستورد في العالم للخام، ودولة بهذا الحجم، وفي يوم وليلة تتوقف عن الاستيراد فمن الطبيعي أن تحدث هزة في السوق النفطي أدت بطبيعة الحال إلى انخفاض الأسعار.

وأضاف أن الجميع يعلمون أن "أوبك توقعت العام الماضي انخفاض الطلب على الخام في هذا العام، على الرغم من أن إنتاج الولايات المتحدة اليومي من النفط الصخري زاد بكميات كبيرة، مبيناً أنها لم تتوقع هذا الانخفاض في الأسعار الذي سببه فيروس "كورونا" والذي قد يهوي بأسعار الخام إلى 40 دولاراً للبرميل؛ مشيراً إلى أن هذا الانخفاض لن يستمر طويلاً.

المصانع الصينية

وتوقع العامري ألا يتجاوز تأثير الفيروس على أسعار النفط الستة أشهر وهي المدة التي قد يتم فيها السيطرة على "كورونا" كي يعود الإنتاج في المصانع الصينية إلى سابق عهده.

وأعرب عن اعتقاده بأن الارتفاع في الأسعار قد لا يتجاوز 50 دولاراً للبرميل لدخول منتجين جدد وزيادة الإنتاج الأميركي وأيضاً تباطؤ الاقتصاد العالمي.

حالة من الشلل

وأوضح أن الخسائر الاقتصادية الصينية التي سببها فيروس "كورونا" ستكون كبيرة وغير مسبوقة وستكون بمئات المليارات خصوصاً في البورصة، لافتاً إلى حالة الشلل التي أصابت المصانع والأسواق الصينية جراء الفيروس.

وأشار إلى 173 مليار دولار ضختها الصين لمحاربة الآثار المترتبة عن الفيروس، معتبراً أن كل ذلك سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، لأن أغلبية دول العالم تعتمد على السوق الصيني سواء في التصدير أو الاستيراد.

ولفت العامري إلى أن حظر السفر وخفض الطلب على الوقود سيكون له تأثير غير محدود على الاقتصاد العالمي بصورة عامة، كذلك سنرى انخفاضاً في الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 1 في المئة أو أقل في هذا العام، مبيناً أن العالم لايزال متأثراً بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.

وأفاد بأن على منتجي النفط في العالم أن يعكفوا على خفض إنتاج النفط بشكل أكثر فاعلية كأحد الحلول التي قد تكون موجعة لبعض الدول.

آليات مجدية

وشدد على ضرورة استحداث آليات جدية من أجل التنوع الاقتصادي والتحول إلى صناعة البتروكيماويات، معتبراً ذلك الحل الأمثل للحفاظ على مقدرات الدول الخليجية من الثروة النفطية، وحلاً ناجعاً لزيادة الدخل من خلال القيمة المضافة في الاستغلال الأمثل للثروات النفطية لتلك الدول.

وذكر العامري أن انخفاض أسعار الخام فترت طويلة سوف يؤدي إلى خفض شركات النفط التي تعمل في مجال الاستكشاف لنفقاتها مما قد يؤدي إلى حالة من الركود في الأسواق.

انتظار «أوبك»

بدوره، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن من الأفضل لـ"أوبك" وحلفائها الانتظار لأن تقدير خفض النمو إلى الصفر يعني أنه لا يوجد نمو من الصين ولا من الدول المستهلكة للنفط وهذا قد يؤدي إلى حالة من الخوف والهلع الذي سيكون سيد الموقف حينئذ.

وأضاف الحرمي أنه من غير المعروف أن تكون هناك نهاية قريبة لفيروس "كورونا" فضلاً عن أن روسيا قد لاتؤيد خفض جديد في الإنتاج لـ "أوبك +".

وأشار إلى ضرورة التريث في قرارات خفض جديدة للإنتاج لأن ذلك الخفض لايضمن أي ارتفاع في أسعار الخام، ورأى أن من الحصافة أن تدع "أوبك" الأسواق لتحديد الأسعار الخاصة ببرميل النفط قبل اتخاذ أي قرار.

النفط ينتعش أكثر من 4%

قفزت أسعار النفط أكثر من أربعة في المئة، بعد تسجيل أدنى مستوياتها في عدة سنوات في وقت سابق أمس، حيث تغلبت الآمال في تعميق خفض إنتاج "أوبك" وخطوات تحفيز من البنوك المركزية على بواعث القلق حيال تضرر الطلب من جراء تفشي فيروس كورونا.

وكان خام برنت عند 51.91 دولاراً للبرميل، مرتفعاً 2.24 دولار بما يعادل 4.5 في المئة، ليتجاوز أدنى مستوياته منذ يوليو 2017 الذي سجله في وقت سابق عند 48.40 دولاراً.

وعلى الضفة الأخرى للأطلسي، سجل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط أقل سعر له في 14 شهرا عند 43.32 دولاراً، لكنه تعافى بعدها إلى 46.65 دولاراً، مرتفعا 1.89 دولار أو 4.2 في المئة.

خسائر تقدر بـ 1.5 تريليون دولار مع توقف نشاط 40% من المصانع الصينية بهبهاني
back to top