رياح وأوتاد: أين الداخلية والقضاء وقادة الرأي من هذه الفتنة؟

نشر في 02-03-2020
آخر تحديث 02-03-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر يوم الأربعاء الماضي كتب الأستاذ تركي المغامس في صحيفة الرأي «مع كل أزمة تصيب البلاد تتكشف سطحية الإعلام الإلكتروني وتغيب المهنية ويكون منصة لنشر الإشاعات... ومع الصمت عن تماديها تتوسع دائرة الإشاعة التي تنطلق من تغريدة لحساب وهمي تتلقفها الخدمات الإلكترونية وتعيد نشرها من دون مصدر، وما تلبث حتى تغزو مواقع التواصل الاجتماعي كافة، وتنتشر انتشار النار في الهشيم»، وهي كلمات تدل على وعي وفهم وعلم بخطورة ما تؤدي اليه وسائل التواصل غير المسؤولة، خصوصاً إذا كان ما يكتب وينشر في هذه الوسائل يمس أحد أو بعض مكونات هذا المجتمع الصغير المتنوع الجذور والطوائف والقبائل والعوائل.

وهو ما حصل في أيامنا هذه مع ظهور أزمة فيروس كورونا، حيث تحولت بعض الرسائل المكتوبة والمصورة في الهواتف الذكية إلى تراشق طائفي مورست فيه كل أنواع الإهانة والاستفزاز والسخرية والكذب والشتيمة وإلقاء اللوم والسبب في انتشار العدوى، وخاضت بعض النساء في هذه المعركة الصوتية بألفاظ لم نكن نتصور أن نسمعها من نساء كويتيات، ونُسبت إحدى الرسائل الصوتية الطائفية إلى سيدة معروفة من أسرة الصباح، ولم أصدق بالطبع وبالفعل تم نفي صلة هذه الرسالة بهذه السيدة، ودخل في السجال نواب ومرشحون ربما بسبب حماسهم في الرد على أقوال سيئة أو بسبب جهلهم بالأسلوب السليم في الرد، أو ربما يكونون قد تأثروا بما كتب في هذه الوسائل، أو قد يكونون هم الذين أثروا فيها تأثيراً سلبياً خطيراً بأطروحاتهم غير المسؤولة أو غير ذلك من الأسباب، رغم أنهم يجب أن يكونوا القدوة لغيرهم في الحوار والتهدئة والدعوة الى النقاش العلمي والمهني، كما استخدمت فيها كلمات وأوصاف لا يجوز أن تمر على وزارة الداخلية وأجهزة الرقابة في إدارة الإعلام الإلكتروني.

وكنت قد صرحت قبل أسبوع بضرورة عدم تدخل النواب في الإجراءات الصحية العلمية المتعارف عليها عالمياً، وذلك بعد أن أدت أعمال وتصريحات معينة إلى تراشق وردود فعل إلكترونية متباينة وغير محمودة.

كما قد أشار الدكتور أحمد الكوس تحت عنوان «فتبينوا» إلى خطورة الإشاعة والظن السيئ، وأطلق على ما يكتب بأنه مرض خطير، والصحيح أن الرد على الإساءة خصوصا الطائفية الخطيرة المخالفة للقانون لا يكون بالإساءة مثلها مما قد يؤجج الخلاف الطائفي، بل يكون بالرد والبيان الحكيم مع التوجه إلى القضاء للحكم بالعقوبة والإجراء المناسب.

وبالفعل فقد هدد مدير الإعلام الإلكتروني الأستاذ لافي السبيعي باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه بث الإشاعات أو الأخبار غير الصحيحة، وهددت وزارة الداخلية في بيان لها باتخاذ أقصى الإجراءات القانونية، ولكن رغم هذه التحذيرات والتهديدات ما زالت هذه السموم تُبث في هذه الوسائل مهددة الاستقرار والسلم الاجتماعي، ضاربة عرض الحائط بكل ما جاء في الكتاب والسنّة من ضرورة الدعوة باللين والجدال بالحسنى والحكمة والموعظة الحسنة، والتحذير من جريمة الكذب، والشتائم وتشويه السمعة والحط من الكرامة.

من أجل ذلك كله نقول أين أنتم يا وزارة الداخلية؟ وأين إجراءاتكم الحاسمة التي هددتم بها؟ وأين أنتم يا قادة الرأي؟ وأين دوركم في التوجيه والإرشاد وكبح جماح هذه الأعمال غير المسؤولة؟ وأين دور القضاء وأحكامه الرادعة التي تحفظ المجتمع من الانزلاق الطائفي أو القبلي أو الفئوي بأنواعه كلها؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث السفينة المشهور: «وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً».

back to top