إردوغان أمام معضلة حفظ ماء الوجه في سورية

انهيار «القمة الرباعية»... وموسكو ترفض وقف النار في إدلب

نشر في 26-02-2020
آخر تحديث 26-02-2020 | 00:02
صورة مرشحة للفوز بصورة العام من «ورلد برس» تظهر مقاتلا كردياً سورياً تعرض لحروق تزوره صديقته في مستشفى بالحسكة في 20 الجاري (رويترز)
صورة مرشحة للفوز بصورة العام من «ورلد برس» تظهر مقاتلا كردياً سورياً تعرض لحروق تزوره صديقته في مستشفى بالحسكة في 20 الجاري (رويترز)
يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان معضلة صعبة لتجنّب تحوّله إلى الخاسر الأكبر في معركة إدلب مع مواصلة نظام الرئيس السوري بشار الأسد حملته العسكرية بلا هوادة بينما يتجمّع النازحون عند الحدود التركية فيما يبدو أن شريكه الروسي تخلّى عنه.

قُتل هذا الشهر نحو 17 جندياً تركياً على أيدي قوات النظام السوري في محافظة إدلب بشمال غرب سورية، وحوصرت عدة نقاط مراقبة تركية في المناطق التي استعادتها قوات النظام بعدما اعتقدت أنقرة أنها في مأمن بموجب اتفاقاتها مع روسيا، الحليف الأبرز لدمشق.

وفي محاولة لمنع انتصار الأسد وتجنّب تدفق مزيد من اللاجئين الذين يتجمعون عند المعابر الحدودية لبلاده، هدد إردوغان بشن عملية ضد قوات دمشق ما لم تنسحب بحلول نهاية فبراير.

لكن على وقع توتّر العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إثر الخلافات بشأن سورية، تحمل أي عملية عسكرية محتملة ضد النظام خطر إشعال مواجهة مع موسكو، وهو أمر غير مطروح بالنسبة لإردوغان.

وقّع إردوغان ونظيره الروسي اللاعبان الدوليان الرئيسيان في النزاع السوري على اتفاق في سوتشي عام 2018 لإقامة «منطقة منزوعة السلاح» تفصل قوات النظام السوري عن تلك التابعة لفصائل المعارضة المسلحة والمجموعات الجهادية في محافظة إدلب. لكن الاتفاق انهار قبل أسابيع بينما تبادلت أنقرة وموسكو الاتهامات بإفشاله.

وقال المحلل السياسي في أنقرة علي باكير: «إذا فشل نظام الأسد في التراجع إلى الخطوط السابقة في نهاية الشهر وإذا فشلت تركيا وروسيا في التوصل إلى اتفاق، فهناك فرصة كبيرة بأننا سنشهد مواجهة مباشرة بين تركيا ونظام الأسد». وأضاف أن «المشكلة بالنسبة لتركيا ليست النظام السوري، بل الروس».

واستقبلت تركيا حتى الآن 3.6 ملايين لاجئ سوري وأكدت أنها غير مستعدة لفتح حدودها أمام موجة جديدة من الهاربين من إدلب.

ومع تزايد التململ من السوريين في تركيا، يخطط المسؤولون لتخفيف العبء عبر إعادة بعضهم إلى المناطق الخاضعة حالياً لسيطرة الجيش التركي في أعقاب ثلاث عمليات نفّذتها أنقرة منذ عام 2016.

وقال باكير، إن «الموجة الجديدة من اللاجئين الواصلين ستمثّل أسوأ سيناريو ممكن بالنسبة لتركيا، لا الدخول في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد». وفي حال فشلت تركيا وروسيا في إعادة إحياء اتفاقية سوتشي، فإن خيارات إردوغان محدودة.

وأفاد باكير «أحد السيناريوهات المحتملة بالنسبة لتركيا هو إقامة منطقة آمنة في ما سيتبقى من إدلب ولن تربط هذه المنطقة أي اتفاقيات مع روسيا أو نظام الأسد».

ومن شأن منطقة كهذه أن تسمح لتركيا بإيواء الأشخاص الذين نزحوا داخلياً هرباً من القتال في الأراضي السورية.

بدوره، أفاد الباحث لدى «شاتهام هاوس» حايد حايد، بأن «إردوغان يدرك الامتعاض الشديد في تركيا تجاه اللاجئين السوريين». وأضاف «لذلك تصوّر (أنقرة) عملياتها العسكرية في إدلب على أنها وسيلة لمنع عبور مزيد من اللاجئين. سيكون الثمن (السياسي) أعلى بالنسبة إليه إذا خسر العديد من الجنود في سورية وفشل مع ذلك بمنع اللاجئين من العبور إلى تركيا». وأوضح «لكنه قد يتمكن من تحقيق مكاسب من الأزمة إذا كانت نتيجة تدخله إيجابية».

ويرى حايد كذلك أن شن تركيا عملية ضد قوات النظام السوري «لا يزال محتملاً» إذا ثبت أن المفاوضات السياسية بين أنقرة وموسكو غير مجدية. وأضاف أن «السماح للأسد بالسيطرة على إدلب لن يؤذي إردوغان داخلياً فحسب، بل سيضر على الأرجح بسمعة تركيا وقدرتها على فرض سلطتها».

وبالنسبة لحايد، لن تعني مواجهة من هذا النوع بالضرورة انتهاء التحالف التركي الروسي نظراً إلى توطد العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة خصوصاً في مجالي الطاقة والدفاع.

وقال إن «التحالف الحالي بين تركيا وروسيا يتجاوز سورية». وأضاف «لهذا السبب لا يرغب أي منهما على الأقل في الوقت الراهن بتقويضه. إدلب مهمّة بالنسبة لتركيا لكنها ليست المسألة الحاسمة في العلاقة بين الجانبين».

إلى ذلك، قال الكرملين أمس، إنه يعمل في سبيل الإعداد لقمة مع تركيا وإيران لبحث الصراع في منطقة إدلب السورية لكنه لا يجهز لقمة رباعية منفصلة تشارك فيها فرنسا وألمانيا وتركيا وروسيا.

كان إردوغان قال في وقت سابق، إنه لا يوجد اتفاق كامل حتى الآن على عقد القمة المقترحة في الخامس من مارس لكنه قد يلتقي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذلك اليوم.

ورداً على تصريحات إردوغان، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه لا تجري مناقشات لعقد قمة مع فرنسا وألمانيا وإن روسيا لا تبحث حالياً سوى عن عقد قمة بشأن إدلب مع إيران وتركيا.

وذكر بيسكوف أنه لا توجد مناقشات حالياً بخصوص لقاء محتمل بين بوتين وإردوغان.

وبينما دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتحاربة في إدلب السورية إلى السماح للمدنيين بالعبور الآمن هرباً من الهجمات وذكّرت تلك الأطراف بأن المستشفيات والأسواق والمدارس محمية بموجب القانون الدولي، قُتل 9 عناصر من النظام السوري بقصف تركي، أمس الأول، جنوب شرق مدينة إدلب.

وأمس الأول، أوقع القتال الدائر في محافظة إدلب بين قوات النظام والفصائل المسلّحة 94 قتيلاً لدى الجانبين، يتوزّعون على الشكل التالي: 41 قتيلاً في صفوف قوات النظام و53 قتيلاً في صفوف الفصائل المسلّحة.

ورفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الدعوات الى وقف الهجوم السوري المدعوم من موسكو في ادلب شمال غرب سورية، وصرح امام مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة في جنيف ان وقف الهجوم لن يكون «مراعاة لحقوق الانسان، بل انه استسلام للارهابيين بل وحتى مكافأة لهم على أفعالهم».

واتهم لافروف بعض الحكومات بأنها «ترغب في تبرير أعمال شنيعة ارتكبتها جماعات راديكالية وإرهابية».

وقال «بخلاف ذلك سيكون من الصعب تفسير التحذيرات من امكانية ابرام اتفاقات سلام مع قطاع طرق»، في الإشارة إلى الوضع في إدلب (شمال غرب سورية).

back to top