رياح وأوتاد: من الذي نقل العدوى وانتهك اللائحة؟

نشر في 24-02-2020
آخر تحديث 24-02-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر نقلت المشاهد المصورة المخالفات الجسيمة التي وقعت في جلسة الثلاثاء الماضي لمجلس الأمة بحيث تحولت الجلسة إلى فوضى وسادها الهرج والمرج، وغابت عنها أحكام اللائحة تماما، فقد نصت المادة (85) من اللائحة على أن يتحدث النائب واقفاً من مكانه، ولكنا شاهدنا كثيرًا من النواب كانوا يتحدثون من المنصة وبجانب الأمين العام، وعلى جوانب المقاعد، حتى أصبح المجلس وكأنه ملعب لكرة القدم، يركض فيه اللاعبون في كل مكان.

وكان بعضهم يوجه كلامه صراخا إلى الأمين العام والحرس والجمهور أيضًا ويأمرهم وينهاهم، في حين تنص اللائحة على أن الأمين العام والحرس يأتمرون بأمر الرئيس فقط (المادتان 30 و177)، وشاهدنا كثيراً منهم يتكلم بدون إذن الرئيس، في حين تنص اللائحة في المادة 78 على أن لا يجوز لأحد أن يتكلم إلا بإذن الرئيس، كما عمد بعضهم إلى مقاطعة المتكلم الآخر خلافًا لنص المادة 79 التي تنهى عن مقاطعة المتكلم، وكذلك المادة 86 التي تمنع إبداء أي ملاحظة له أثناء كلامه.

والأخطر من ذلك استخدام الفرقاء ألفاظًا تعتبر من قبيل المساس والألفاظ غير اللائقة، في حين تنص المادة 88 على أنه: "لا يجوز للمتكلم استعمال عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات"، وهكذا حتى وصل الأمر إلى عراك بالأيدي بين بعض الأعضاء، وكادت أن تتحول قاعة عبدالله السالم إلى حلبة للمصارعة الحرة أو الملاكمة من الوزن الثقيل.

هذه كانت الصورة العامة للجلسة التي آلمت الكثيرين، وتحدثوا عنها بغضب في الدواوين بدون الدخول في من هو المخطئ ومن هو المصيب، إذ كان على الجميع العودة والالتزام بأحكام اللائحة التي صيغت بكل دقة، وصدرت بقانون أقسم الأعضاء على احترامه مع باقي قوانين الدولة في قسمهم في الجلسة الأولى للمجلس.

وهذا المشهد يدعو إلى أن نقف معترضين ومشخصين ومتسائلين: هل انتقلت الحدة التي طغت على الحوارات في وسائل التواصل باسم حرية التعبير إلى الأعضاء؟ وانتقلت عدواها إلى المجلس؟ وهل انتقل الشحن البغيض والاحتقان الذي أصبح سمة بارزة لكثير من الكتابات والردود المسيئة بين الفرقاء والعصبيات الفئوية والطائفية والقبلية إلى النقاش في مجلس الأمة؟ وهل يمارس بعض الأعضاء هذه الأساليب كسباً للشعبية، وكي يضمنوا وصولهم إلى مجلس الأمة تقليدًا لبعض الأعضاء السابقين بدلاً من الطرح العقلاني الهادئ الذي لم يعد وللأسف مقبولاً لدى بعض الفئات.

هذه أسئلة مشروعة يؤمن ويصرح بها الكثيرون الذين يرون أن هذه الشاكلة من الحوارات والتصرفات يفترض أن تكون أبعد ما يمكن عن هذه المؤسسة التي يفترض أن تكون القدوة، وأن تعلم جميع الجماعات والفرقاء والنشء ممارسة الحوار الهادف المفيد لمستقبل البلاد والمتحلي بآداب الخلاف واحترام الرأي والرأي الآخر.

back to top