هجوم صاروخي على مقر التحالف الدولي في بغداد

حرق خيام واختناقات في «ساحة التحرير»... ومحتجو كربلاء يبايعون «الصيدلي»

نشر في 17-02-2020
آخر تحديث 17-02-2020 | 00:05
عراقيون خلال تظاهرة في بغداد أمس	 (رويترز)
عراقيون خلال تظاهرة في بغداد أمس (رويترز)
تعرّض مقر التحالف الدولي بقيادة واشنطن في بغداد لهجوم صاروخي، في حادثة تسلّط الضوء مجدداً على احتمالات حدوث تصعيد خطير في العراق، الذي يحاول أن يقيم توازناً دقيقاً بين واشنطن وطهران وسط أزمة سياسية قد تكون الأعنف منذ 2003.
أصابت عدة صواريخ قاعدة عراقية تضم قوات أميركية قرب سفارة واشنطن في بغداد في الساعات الأولى من صباح أمس حسبما أفادت مصادر عسكرية، في هجوم جديد ضمن سلسلة ضربات استهدفت مقار وجنود أميركيين في العراق خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

وأكّد المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق الجنرال مايلز كاغينز في تغريدة «إصابة القاعدة العراقية التي تضمّ قوات (من التحالف) بصواريخ صغيرة في المنطقة الدولية (...) عند الساعة 03:24 (بتوقيت العراق)». وذكر أنّ الهجوم لم يؤد إلى وقوع إصابات.

والقاعدة المعروفة باسم «يونيون 3»، هي مقر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق منذ 2014 لمساعدة القوات المحلية على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.

من جهتها، أعلنت القوات العراقية سقوط ثلاثة صواريخ كاتيوشا داخل المنطقة الخضراء، حيث مقر قوات التحالف ومجمّعات السفارة الأميركية والأمم المتحدة وجهات حكومية.

وسقط صاروخ رابع في «مقر الدعم اللوجستي للحشد الشعبي» الذي يضم فصائل شيعية مسلّحة مندمجة في الجيش العراقي، وفقا للقوات العراقية، علما بأن المقر يقع في منطقة بعيدة عن مقر التحالف. ولم يصدر أي تعليق من الحشد الشعبي.

ولم يسبق أن أصيب مقر للحشد الشعبي ومقر للقوات الدولية بصواريخ في وقت متزامن، حيث إن القوات الأميركية غالبا ما تتّهم الفصائل الشيعية المقرّبة من إيران والمنضوية في صفوف الحشد بالوقوف وراء الهجمات ضد أهداف أميركية. ولم تتبنّ أي جهة الهجوم الصاروخي قرب السفارة الأميركية.

ومنذ نهاية أكتوبر، تعرّضت السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق إلى 19 هجوما صاروخيا.

والخميس سقط صاروخ كاتيوشا في قاعدة عسكرية يتمركز فيها جنود أميركيون في كركوك بشمال العراق، من دون أن يؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح.

وكان الهجوم الأول على القاعدة منذ استهدافها بثلاثين صاروخاً في 27 ديسمبر، مما تسبّب بمقتل متعاقد مدني أميركي وبتصعيد بين واشنطن وطهران على أرض العراق.

ووقع هجوم أمس بعد ساعات من إعلان نصر الشمري القيادي في جماعة «حركة النجباء»، الفصيل الشيعي المسلّح والمدعوم من إيران، عن «بدء العد التنازلي لتحقيق السيادة والرد على قوات الاحتلال الأميركي عسكريا».

ونشرت الجماعة التي كان أبو مهدي المهندس أحد مؤسسيها على «تويتر» صورة لما قالت إنها آلية أميركية مرفقة بعبارة «إننا أقرب اليكم مما تتصورون».

وقال الشمري: «لن نسمح بالتدخل من أي طرف كان، ونعتذر عن الجواب عن أي طلب خارجي أو داخلي لتأجيله حتى من الأصدقاء، مع احترامنا لكل شركاء الدم والعقيدة».

وأشار إلى أن «الرد سيكون باسم عمليات الشهيد القائد جمال»، في إشارة إلى الاسم الحقيقي لأبو مهدي المهندس.

وقبل أيام هدد الأمين العام لـ «النجباء» أكرم الكعبي، القواعد الأميركية في العراق، موضحا أن حركته «جاهزة للثأر والانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم». وقال الكعبي، في كلمة من طهران، إن قيادة النجباء أغلقت كل مقارها العلنية في العراق، مؤكدا أنه يتحمّل مسؤولية الرد الذي سيقوم به بشكل علني.

وأشار إلى أن حركته «ترصد كل تحركات القواعد الأميركية في قواعد عين الأسد وكي وان، والتاجي، والمطار، وساذر وغيرها، وكذلك حركتهم الجوية».

تظاهرات

الى ذلك، تظاهر آلاف العراقيين أمس في بغداد ومدن عدة، غداة إعلان رئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي أنه اقترب من تشكيل حكومة.

وأفاد مصدر أمني، أمس، بتسجيل 8 حالات إصابة واختناق قرب ساحتي التحرير والخلاني وسط بغداد. وتظاهر آلاف الطلاب العراقيين في نفق ضيق قرب ساحة التحرير قلب الحراك المطالب بالإصلاح المتواصل منذ أكتوبر.

وأفاد المصدر بحرق ثلاث خيام قرب ساحة التحرير دون وقوع إصابات.

وفي كربلاء، تظاهر مئات العراقيين للمطالبة بتكليف ناشط بارز بتشكيل حكومة جديدة بدل محمد علاوي الذي اختارته الأحزاب الحاكمة، ووعد بإعلان تشكيلته الحكومية هذا الأسبوع.

وحمل المتظاهرون صور علاء الركابي، الصيدلي المتدرب الذي تحوّل إلى أحد أبرز وجوه الحركة الاحتجاجية مع قيادته للتظاهرات في مدينة الناصرية جنوب بغداد، مهد الاحتجاجات في جنوب العراق.

وكان الركابي الذي يتابعه عشرات آلاف العراقيين على «تويتر» وينشر باستمرار تسجيلات مصورة تحظى بمشاهدة واسعة، أطلق أخيرا استفتاء بين المتظاهرين في الجنوب وفي بغداد لتحديد ما إذا كانوا يريدونه رئيسا للوزراء.

وقال في آخر تسجيلاته الخميس إنه سيقبل تولي المنصب في حال «كان رأي الشعب ذلك». وأوضح «لا طمع لي بمنصب رئيس الوزراء (...) ولا يمثّل لي أي قيمة، ولا أنظر إليه على أنه منصب أو غنيمة، بل أنه مكان بمسؤولية عظيمة».

وقبل الركابي، قدّم النائب الليبرالي فائق الشيخ علي، المعروف بانتقاده للفساد المستشري في مفاصل الدولة، ترشيحه رسميا إلى رئيس الجمهورية، لكنّه لم يتلق أي جواب.

وأمس الأول أعلن رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي أنه سيطرح خلال أيام تشكيلته الحكومية المنتظرة، متعهدا بأن تكون «مستقلة».

وأمام علاوي، الذي سمّي رئيساً للوزراء بعد توافق صعب توصّلت إليه الكتل السياسية، حتى الثاني من مارس المقبل للتصويت عليها في البرلمان، بحسب الدستور، علما بأن مجلس النواب لم يعلن بعد انعقاد جلسة استثنائية خلال العطلة النيابية التي تنتهي عند منتصف الشهر المقبل. وتتحدث مصادر سياسة عن صعوبة نيل حكومة علاوي الثقة في برلمان تعصف به الانقسامات.

طهران تعرض على بغداد لجنة لمتابعة «غارة المطار»

قالت إيران إنها وقعت مع العراق اتفاقية بشأن «المتابعة القانونية والقضائية» لقضية تصفية قوات أميركية للجنرال الإيراني قاسم سليماني وأقرب حلفائه العراقيين أبومهدي المهندس، قرب مطار بغداد مطلع يناير الماضي.

وحسب وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) «اتفقت اللجنة القانونية والقضائية العراقية، مع نائب وزير العدل للشؤون الدولية وحقوق الإنسان في إيران، على تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين». وقال مساعد وزير العدل الإيراني للشؤون الدولية وحقوق الإنسان محمود عباسي، إن «جريمة اغتيال سليماني هي عمل خطير ارتكبته الإدارة الأميركية في وضع كان فيه سليماني ضيفاً رسمياً على العراق كدولة مستقلة ذات سيادة، وسيتم متابعة القضية قضائيا من جانب إيران والعراق في المحافل الدولية».

لكن نائب مساعد المدعي العام العراقي ضاهي جابر فرهود، قلل من أهمية الأمر، مضيفاً أن «الجهاز القضائي العراقي تابع، منذ الوهلة الأولى، موضوع التحقيق بخصوص اغتيال سليماني ورفاقه، وأن اقتراح مساعد وزير العدل الإيراني بتشكيل لجنة مشتركة، قابل للنقاش والمتابعة».

في سياق متصل، أعلن رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي إقامة دعوى قضائية، وتشكيل ملف خاص باغتيال قاسم سليماني، في مكتب المدعي العام بالعاصمة طهران.

back to top