العراق: صدام بين التيار الصدري والمحتجين يهدد الحراك الإصلاحي

نشر في 04-02-2020
آخر تحديث 04-02-2020 | 00:09
المتظاهرون العراقيون المناهضون للحكومة يقطعون طريقًا في مدينة الناصرية بجنوب العراق
المتظاهرون العراقيون المناهضون للحكومة يقطعون طريقًا في مدينة الناصرية بجنوب العراق
بينما دخلت حركة الاحتجاج العراقية شهرها الخامس بمطاولة دموية، يُحصي المراقبون موجات التحدي الكبيرة التي يواجهها تجمع كبير من النشطاء يتركزون في المناطق الشيعية، من البصرة حتى بغداد، وأهمها في هذه اللحظة، التصادم بين التيار الصدري والنشطاء المدنيين.

وسُجِّلت خلال اليومين الماضيين احتكاكات عنيفة بين الطرفين في بغداد وكربلاء والناصرية، وسارع الكثيرون من أنصار الاحتجاجات إلى التحذير من هذا الانقسام، لكن أصواتهم لم تعد مسموعة على وقع تكليف الوزير السابق محمد علاوي برئاسة الحكومة المقبلة، إذ يوصف ذلك بأنه مغامرة فيها تنازلات إيرانية واضحة، لكنها لم تُقبَل بعدُ من التيارات الاحتجاجية لخلوها من ضمانات بتغيير حقيقي.

ولم يتحدث الرئيس العراقي برهم صالح علانية حتى الآن عن تكليف علاوي، لكن الأخير بدأ مشاوراته مؤكداً للجمهور أنه مع ثورة الشباب الذين دعاهم إلى مواصلة احتجاجهم بدون توقف، ليساعدوه في تأليف حكومة مستقلة عن ضغط الميليشيات الموالية لإيران.

اقرأ أيضا

وتقول المصادر إن إيران اضطرت للموافقة على شخصية بعيدة عنها مثل محمد علاوي، وهو ابن العم المباشر لرئيس الحكومة الأسبق أياد علاوي، كي لا تضطر للتعامل مع شخصيات علمانية كالقاضي السابق رحيم العكيلي، أو رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي، فضلاً عن النائب المثير للجدل فائق الشيخ علي.

ويواجه محمد علاوي رفضاً واسعاً في ساحات الاحتجاج، ويقول النشطاء، إنه لا ضمانة أن ترشيحه سيؤدي إلى تنفيذ المطالب الأساسية المتمثلة بمحاسبة القتلة المتورطين في قتل الثوار، وتنفيذ انتخابات نزيهة بمعايير دولية من المرجح أن تؤدي إلى تغيير كبير في خريطة القوى النيابية الراهنة.

لكن بعض الأطراف داخل قوى الاحتجاج أصدرت رسالة تدعو إلى منح علاوي فرصة خلال الشهر الجاري لتأليف حكومة، قد يمكنه من خلال اختيار أعضاء مستقلين فيها، إثبات حسن نيته، والعمل المشترك مع الاحتجاجات لاستعادة القرار الأمني من الميليشيات.

ودعا هؤلاء إلى فتح الطرق المغلقة منذ أسابيع وعودة الدوام للمؤسسات التربوية بعد أشهر من توقفها ضمن حملة الاعتصامات، ووصف المراقبون ذلك بأنه بداية لمراجعة أساليب العمل الاحتجاجي داخل قوى الثورة الشبابية نفسها، وأن اليومين المقبلين قد ينتجان نقاشاً مفيداً في هذا الإطار.

لكن الاحتكاك العنيف بين النشطاء وعناصر التيار الصدري ينذر بمواجهة غير محسوبة، تؤثر بشكل سلبي على أي نقاش داخل الاحتجاجات، وقال الصدر مراراً إنه بدأ حملةً لإعادة الاحتجاجات إلى مسارها بعد أن انحرفت.

وعلَّق مراقبون على محاولة الصدر التحكم في مسار الاحتجاجات، بالقول إنه سيعجز كما عجزت الحكومة، عن مواجهة أقوى حركة شعبية تطمح إلى تغيير عميق في بنية النظام السياسي بعد فشل الأحزاب في تنفيذ إصلاحات مقبولة.

ويذكر هؤلاء أن الاحتجاجات ليست حركة سياسية عادية في العراق، وقد تمكنت من المطاولة أمام محاولات إيقافها؛ لأنها تمثل تحولاً عميقاً في الفئات الشبابية، المطالبة بسيادة البلاد أمام التدخلات الأجنبية والإيرانية بشكل خاص، والتي تمثل رغبات وتصورات الجيل الجديد لمستقبل السياسة والإدارة في بلاد تعاني انقسامات وانفلاتاً أمنياً وتلكؤاً ومستويات فساد يقل نظيرها حسب المؤشرات الدولية.

وتحذِّر قوى اليسار من أن التصادم بين أنصار التيار الصدري والنشطاء المدنيين سيقدم خدمة كبيرة للميليشيات الموالية لإيران، بعد أن كان التنسيق بين الطرفين طوال أعوام عاملاً لإضعاف النفوذ الإيراني في البلاد.

back to top