بريطانيا تبدأ عهداً جديداً يُحدّد مكانها في العالم

جونسون: «بريكست» ليس النهاية بل البداية
الصحف الإنكليزية منقسمة بشأن الانفصال
● ماذا تغير بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

نشر في 02-02-2020
آخر تحديث 02-02-2020 | 00:05
مؤيدون لـ«بريكست» يحتفلون بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في وارينغتون مساء أمس الأول       (أ ف ب)
مؤيدون لـ«بريكست» يحتفلون بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في وارينغتون مساء أمس الأول (أ ف ب)
خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، منهيةً بذلك 47 عاماً من الزواج الصاخب بين لندن وبروكسل ومفتتحة، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من المفاوضات الشاقّة، صفحةً جديدة من تاريخها.
بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من التقلبات، وبعد 47 عاماً من العمل الأوروبي، خسر الاتحاد للمرة الأولى دولة عضوة ومعها 66 مليون نسمة، وبدأت بريطانيا حياتها الجديدة خارج الاتحاد بتحديات جديدة تتمثل في نسج علاقات جديدة مع التكتل الذي يضم 27 دولة، وتحديد مكانها الجديد في العالم.

وأصبح «بريكست» الذي أيده 52 في المئة من الناخبين البريطانيين في استفتاء 2016، واقعاً.

وفي الساعة الـ 11 من ليل أمس الأول في لندن لم تدقّ ساعة بيغ بن الشهيرة، لأنها تخضع للصيانة، لكنّ الآلاف من مؤيّدي «بريكست» احتشدوا أمام مبنى البرلمان حيث احتفلوا على وقع التصفيق والنشيد الوطني بخروج بلادهم من الاتحاد، وتبادلوا القبل وغنوا «ليحمي الله الملكة»؛ احتفالاً باستعادة استقلالهم.

وفي شمال إنكلترا المشكك في جدوى الاتحاد، أطلقت الألعاب النارية. لكن في ادنبره، أضيئت الشموع حزناً على الانفصال مع حلم عودة اسكتلندا مستقلة يوماً ما إلى الحضن الأوروبي.

وكان دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل أربع سنوات مغامرة كبيرة حتى بالنسبة إلى سياسي غير تقليدي مثل رئيس الوزراء بوريس جونسون، لكن مع دخول «بريكست» حيّز التفيذ، أمس الأول، ها هو يحصد ثماره بشكل مذهل.

ولا يزال جونسون، زعيم المحافظين، يمثل شخصية مثيرة للانقسام. فبينما رحب به الكثيرون بسبب تفاؤله وحس الدعابة لديه، اتهمه الآخرون بالشعبوية على غرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبتجاهل صارخ للوقائع.

وبغض النظر عن ذلك، سيكتب التاريخ اسمه على أنه نجح في قيادة الحملة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، وبعد ذلك كرئيس للوزراء.

ووعد جونسون في الأشهر الأخيرة بعصر ذهبي جديد لبلده، لكن ما زالت أمامه مهام كبيرة لجعل شعاره «بريطانيا عالمية» الذي يفترض أن يرمز لبلد مستعد لمواجهة العولمة، حقيقة.

فهل يلتفت إلى الولايات المتحدة التي تمد له يدها؟ أم يصبح منافسا جديداً على أبواب الاتحاد الأوروبي؟ أم بالعكس، يتقرب بقوة من الأوروبيين الذين يبقون شركاء لا يمكن الالتفاف عليهم؟

يفترض أن يقدم رئيس بلدية لندن السابق غداً، رؤيته في خطاب، بينما سيعرض كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أولويات المرحلة الجديدة للمفاوضات التي تفتتح في لندن.

وفي خطاب تم بثه قبل ساعة من «بريكست»، وعد رئيس الوزراء المحافظ البالغ من العمر 55 عاماً وراهن على بريكست «بنجاح مدوٍّ أيا تكن العقبات».

وقال إن «أهم شيء يجب أن نقوله مساء اليوم هو أن هذا ليس النهاية بل البداية، لحظة الفجر ورفع الستار على فصل جديد»، واعداً «ببداية عصر جديد من التعاون الودي» مع الاتحاد الأوروبي.

ويشكل الحدث التاريخي فصلاً جديداً يجب كتابته، لكنه ليس نهاية الانقسامات التي مزقت بريطانيا، إذ إن مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي يشعرون بالمرارة خصوصا في المناطق التي صوت معظم ناخبيها مع البقاء في الاتحاد، في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية.

الصحف منقسمة

أما الصحف البريطانية، فقد بدت منقسمة بشأن الحدث. وكتبت صحيفة «تايمز»، أمس، «نقطة البداية: المملكة المتحدة تغادر الاتحاد الأوروبي»، أما صحيفة «ديلي إكسبرس» الشعبية فقد عنونت «مملكة متّحدة جديدة مجيدة».

من جهتها، رأت صحيفة «ديلي تلغراف» المؤيّدة لـ»بريكست» والمقرّبة من جونسون، في افتتاحيتها: «حسناً فعل الشعب البريطاني، وأخيراً خرجنا»، مؤكّدة أنّ رئيس الوزراء يعتزم فرض رقابة جمركية على المنتجات الأوروبية.

بالتأكيد هذه اللحظة تاريخية لكنها لن تؤدي إلى تغييرات كبيرة على الفور، فلإنجاز الانفصال بهدوء، ستواصل المملكة المتحدة تطبيق القواعد الأوروبية حتى 31 ديسمبر. ومن دون أي تصريحات، اختفى علم بريطانيا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

ويفترض أن يتم تحديد مجالات التعاون في التجارة وصيد السمك والأمن وغيرها، بحلول نهاية العام الحالي.

ماكرون

وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة إلى البريطانيين محذراً: «لا يمكننا أن نسمح بمنافسة ضارة بيننا».

وأضاف ماكرون: «أنتم تغادرون الاتحاد، لكن لا تغادرون أوروبا. لا تنفصلون لا عن فرنسا ولا عن صداقة شعبها»، مؤكداً أن «بحر المانش لم ينجح في الفصل بين مصائرنا، وبريكست لن يتمكن من ذلك أيضاً».

وذكر الرئيس الفرنسي أن «بريكست هو إشارة تحذير تاريخية يتعين أن تصل في كل دولنا، وأن يتم سماعها من كامل أوروبا وتجعلنا نعكس ذلك».

ولفت إلى أن «حملة الاستفتاء التي أدت إلى تصويت بريطانيا بالرحيل من الاتحاد الأوروبي يجب أن تذكرنا بما يمكن أن تفعله الأكاذيب بديمقراطيتنا».

وقال إن «تصويت بريكست كان ممكناً، لأننا كنا في الغالب نجعل أوروبا كبش فداء لمشاكلنا، لكن أيضاً لأننا لم نغير أوروبا الخاصة بنا بما يكفي».

ماذا تغير بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

انفصلت بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي منتصف ليل الجمعة - السبت، بعد 1317 يوما على اختيار البريطانيين عملية بريكست. ما الذي سيتغير ابتداء من الأول من فبراير 2020؟

• خسر الاتحاد الأوروبي ولأول مرة في تاريخه دولة من أعضائه، كانت تمثل ثاني اقتصاد في التكتل.

•مع خروج 66 مليون نسمة، سيتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي إلى نحو 446 مليونا، في حين تتقلص مساحته بنسبة 5.5%.

• سيتجلى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد في إزالة علمها من أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، لتصبح مجرد «دولة خارجية».

• سيتوقف النواب البريطانيون الـ73 في البرلمان الأوروبي، الذين انتخبوا في مايو عن العمل، اعتبارا من مطلع فبراير، وسيشغل 27 نائباً من 14 دولة عضو بعض المقاعد في حين تخصص الـ 46 المتبقية لدول قد تنضم مستقبلاً للتكتل. وبذلك يتراجع عدد أعضاء البرلمان الأوروبي من 751 إلى 705.

• لن يدعى رئيس الوزراء بوريس جونسون لحضور القمم الأوروبية، كما لن يشارك أعضاء الحكومة البريطانية في الاجتماعات الوزارية الأوروبية.

• لن يعود بإمكان المواطنين البريطانيين بصفتهم مواطني دولة أجنبية التقدم لوظائف في المؤسسات الأوروبية في بروكسل، ولن يوظف فيها بريطانيون، قبل انتهاء الفترة الانتقالية.

• ستظل المملكة المتحدة خاضعة لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي والتي تختص بجميع الإجراءات المرفوعة قبل نهاية الفترة الانتقالية. لكن ولاية القضاة البريطانيين الثلاثة للمحكمة ستنتهي على الفور، في حين ستستمر المحامية العامة البريطانية في حضور جلسات المحكمة في انتظار تعيين خلف لها.

• ستواصل المملكة المتحدة، ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، دفع مساهماتها حتى انتهاء الفترة الانتقالية.

• يعيش نحو 1.2 مليون بريطاني في دول الاتحاد الأوروبي و2.9 مليون مواطن من دول الاتحاد في المملكة المتحدة، بموجب اتفاق الانفصال، يحتفظ المهاجرون البريطانيون والأوروبيون في طرفي بحر المانش المقيمون فيها قبل انتهاء الفترة الانتقالية بحقوقهم في الإقامة والعمل في دولة الاستقبال.

وعلى المواطنين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة تسجيل أسمائهم للاستفادة من هذه الحقوق. أما بالنسبة للبريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي، فتختلف الإجراءات من بلد لآخر.

• ستبقى حرية التنقل سارية حتى نهاية ديسمبر 2020. سيتم التفاوض على تفاصيل الحقوق المتبادلة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ماكرون: المانش لم ينجح في فصلنا و«بريكست» كذلك
back to top