الكويت تستعد لفرض الضريبة الانتقائية وإعادة تسعير الخدمات

انتهاء زيارة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد في إطار المشاورات الدورية لعام 2020
● الهاشل: البيان الختامي أبرز طبيعة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الكويتي وسبل مواجهتها

نشر في 28-01-2020
آخر تحديث 28-01-2020 | 00:03
محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل
محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل
ذكر محافظ «المركزي» أن البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي جاء ضمن 3 محاور رئيسية، تشمل التطورات المالية الكلية الراهنة في دولة الكويت، والتوقعات الاقتصادية الكلية والمخاطر التي تواجه تلك التوقعات، ومناقشة السياسات.
أصدر بنك الكويت المركزي بياناً صحافياً أمس، بمناسبة انتهاء زيارة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة 7-20 يناير الجاري في إطار المشاورات الدورية لعام 2020 بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق.

وقال البنك، إنه تولى بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية إنجاز الترتيبات الخاصة بتلك الزيارة بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والسياسة النقدية ومتانة القطاع المصرفي والمالي.

وأدلى د. محمد الهاشل محافظ بنك الكويت المركزي بتصريح حول تلك الزيارة أوجز فيه أهم مضامين البيان الختامي الذي أعدته البعثة، والذي أبرز طبيعة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الكويتي وسبل مواجهتها، في حين رحب البيان الختامي للبعثة بجهود «المركزي» لتعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.

وأوضح المحافظ أن البيان الختامي للبعثة جاء ضمن ثلاثة محاور رئيسية، تشمل التطورات المالية الكلية الراهنة في الكويت، والتوقعات الاقتصادية الكلية والمخاطر التي تواجه تلك التوقعات، ومناقشة السياسات.

وأوضحت البعثة أن التدابير المالية التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمواجهة التحديات القائمة على المدى القريب محدودة، حيث تُركّز الحكومة على الإجراءات المتاحة لها والتي لا تتطلب تغييرات تشريعية.

وحددت لذلك مجموعة من خيارات الترشيد في النفقات العامة، وتشمل: 1) سد الثغرات في برامج الدعوم والتحويلات الاجتماعية المختلفة، 2) ترشيد الإنفاق الرأسمالي، 3) الحد من الهدر في الإنفاق العام من خلال تحسين المشتريات.

وفيما يتعلق بالإيرادات العامة، أشارت البعثة إلى أن الحكومة الكويتية تخطط لزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال: 1) إدخال الضريبة الانتقائية على التبغ والمشروبات السكرية المخطط لها منذ فترة طويلة، 2) إعادة تسعير الخدمات الحكومية، 3) تعزيز تحصيل الإيرادات العامة.

وتتوقع البعثة أن تزداد الاحتياجات التمويلية للحكومة بسرعة، وأن يتحول رصيد الموازنة العامة (بعد احتساب دخل الاستثمارات الحكومية، واستبعاد مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة) من فائض قدره 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى عجز بنفس القيمة بحلول عام 2025.

وضمن سيناريو استمرار التحويل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية، فإن أرصدة الموازنة العامة ستُحقق عجوزات مالية تراكمية بنحو 55 مليار دينار (يُعادل نحو 180 مليار دولار) على مدار الأعوام الستة القادمة.

ودون اللجوء إلى مصادر التمويل الأخرى، وفي ظل الأوضاع الحالية فيما يتعلق بالتحويل إلى صندوق الأجيال القادمة، سوف تكون تغطية هذه الاحتياجات التمويلية تحدياً جدياً، مما سيؤدي إلى استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام المتاح في أقل من عامين، بينما سيستمر إجمالي أصول الهيئة العامة للاستثمار بالارتفاع.

وأشارت البعثة في بيانها الختامي إلى أهمية تقليص فاتورة الأجور العامة تدريجياً من خلال المواءمة بشكلٍ أوثق بين أجور القطاع العام والقطاع الخاص واحتواء نمو الأجور في المستقبل. كما أن مواءمة هيكل الأجور العامة، وتعزيز العلاوات على أساس الكفاءة، وخفض فروقات الأجور المرتفعة للغاية في القطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص، والترشيد المدروس للدعوم العامة وإصلاح التحويلات إلى المؤسسات العامة، من شأنه أن يولد وفورات كبيرة.

التسعير العادل

وأكدت البعثة في بيانها الختامي ضرورة التسعير العادل للخدمات الحكومية عند مستويات استرداد التكاليف، وترشيد عمليات التحويلات إلى المؤسسات المختلفة من خلال الضبط والتنفيذ الجاد، وزيادة الاستثمارات العامة المعززة للنمو وتحسين كفاءتها.

ومن شأن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة توسيع القاعدة الضريبية، وتحقيق إيرادات ثابتة للموازنة العامة، والمساعدة في رفع مستوى القدرة على إدارة الضرائب، وتوسيع تغطية ضريبة الدخل وفرض الضرائب على السلع الكمالية.

وأشاد بيان البعثة بتحسّن نمو القطاعات غير النفطية الذي بلغ نحو 3 في المئة في عام 2019 مدفوعاً بقوة الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستهلاكي، في حين تأثر نمو القطاع النفطي بانخفاض أسعار النفط وكميات إنتاجه، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع النفطي بنحو 1 في المئة في ظل تمديد اتفاقية (أوبك +) لتخفيض الإنتاج من النفط، وعليه، فمن المقَدَّر أن يحقق الاقتصاد المحلي نمواً بنحو 0.7 في المئة عام 2019 مقارنة بنحو 1.2 في المئة عام 2018.

وتشير توقعات البعثة إلى ارتفاع إنتاج الكويت من النفط بنحو طفيف في عام 2020، ليصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، ما يؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع النفطي بنحو 0.3 في المئة.

كما يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية بنحو 3 في المئة في عام 2020 وأن تتسارع وتيرة ذلك النمو ليصل إلى نحو 3.5 في المئة في المدى المتوسط، مدعوماً بزيادة كل من الإنفاق الحكومي والتوظيف ونمو الائتمان.

وعليه، تتوقع البعثة أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو 1.5 في المئة في عام 2020 وأن يبلغ 2.7 في المئة على المدى المتوسط.

وفيما يتعلّق بتطورات الأسعار المحلية، ووسط ارتفاع كل من أسعار المواد الغذائية والنقل، وتباطؤ وتيرة تراجع الإيجارات في القطاع السكني تتوقع البعثة أن يبلغ معدل التضخم السنوي لعام 2019 نحو 1.1 في المئة، وأن يصل إلى نحو 1.8 في المئة في عام 2020، مع بدء ارتفاع الإيجارات في القطاع السكني.

عجز 8٪

وعلى صعيد الميزان الداخلي، سجل رصيد الموازنة العامة (بعد خصم مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية) عجزاً بنحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2018/2019 إذ لم تتمكن الحكومة من إصدار أي دين جديد منذ أكتوبر 2017، في انتظار موافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام الجديد، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام لسد العجوزات في الموازنة العامة.

وفيما يتعلّق بالميزان الخارجي، تتوقع البعثة تراجع فائض الحساب الجاري لميزان مدفوعات الكويت ليصل إلى نحو 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 وسط تراجع الصادرات النفطية وارتفاع الواردات.

ونوه البيان الختامي للبعثة بالأداء القوي للقطاع المصرفي الذي عكسته نسبة كفاية رأس المال التي بلغت نحو 17.6 في المئة في سبتمبر 2019، وما تتمتع به البنوك المحلية من سيولة وفيرة على المدى القصير.

وفي هذا الصدد أيضاً، سجل معدل صافي القروض غير المنتظمة، بعد خصم المخصصات المحددة، مستويات منخفضة بلغت نحو 1.2 في المئة من إجمالي محفظة القروض، مما يعكس تحسن جودة الأصول لدى البنوك، كذلك ارتفعت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة إلى نحو 229 في المئة، وتراجع صافي الدخل من الفوائد نتيجة تقليص هامش أسعار الفائدة على الإقراض المصرفي وتكلفة الأموال، هذا وتتوقع البعثة أن يتسارع نمو حجم الائتمان مع تدفقات إضافية محتملة لرؤوس الأموال ووفرة السيولة المصرفية.

وفيما يتعلّق بالسياسة النقدية، أشارت البعثة إلى قرار بنك الكويت المركزي أواخر عام 2018 بزيادة سقف القروض الشخصية الذي اتخذه في ضوء الظروف النقدية المواتية، والذي أثمر تسارعاً في نمو الائتمان المصرفي في الكويت.

كما أثنت البعثة على دور بنك الكويت المركزي في استخدام مختلف أدوات السياسة النقدية بحرفية عالية للحفاظ على جاذبية الدينار الكويتي ودعم الإقراض الموجّه للاقتصاد.

وعلى الرغم من قيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة على الدولار الأميركي في عام 2018، فإن بنك الكويت المركزي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير (باستثناء مارس 2018)، وقام فقط برفع سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء «الريبو».

وأشارت البعثة إلى أن بنك الكويت المركزي خالف قرارين للاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتخفيض أسعار الفائدة على الدولار الأميركي خلال عام 2019، وجاراه في تخفيضه الثالث لأسعار الفائدة في أكتوبر 2019.

وعلى صعيد سياسة سعر الصرف، اعتبرت البعثة أن ربط سعر صرف الدينار بسلة «غير معلنة» من العملات هي سياسة ملائمة للاقتصاد الكويتي، وقدمت دعامة فعّالة ومرونة نسبية لسعر الصرف خلال فترة قوة الدولار الأميركي.

إلى جانب ذلك، أثنت البعثة على سياسات بنك الكويت المركزي الرقابية الحصيفة في التنظيم والإشراف، التي ساهمت في الحفاظ على مرونة القطاع المصرفي.

وعبرت البعثة عن دعمها خطط البنك المركزي لإجراء دراسة شاملة لأدوات التحوط الكلي لضمان استمرارها في تعزيز مرونة القطاع المالي، ومنع تراكم المخاطر النظامية، وتحقيق التوازن بعناية بين أهداف الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، ودعمها أيضاً الجهود الجارية لتعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية وتعزيز الإشراف القائم على المخاطر.

ورحبت البعثة بالتقدم في سبيل إنشاء هيئة شرعية مركزية في البنك المركزي، والذي من شأنه تقليل المخاطر الناجمة عن الاختلاف في الاجتهادات الفقهية لدى البنوك الإسلامية.

ورأت ضرورة مواصلة الكويت بذل الجهود لتعزيز إدارة الأزمات ووضع أطر لتسوية أوضاع البنوك في حال تعثرها، كما ينبغي أن تركز الإصلاحات على تطوير النظام الحالي للإفلاس وإعادة هيكلة البنوك، وتقليل المخاطر الأدبية، وتشجيع انضباط السوق، والمساعدة في حماية الموارد المالية، ولتحقيق هذه الغاية، كانت الجهات الكويتية المعنية قد أعدت مسودة قانون في هذا الشأن، وبدأت مناقشات داخلية لإعداد خطة مناسبة لضمان الودائع في البلاد.

ورحبت البعثة بالتعديلات الأخيرة التي أُدخِلت وفقًا للقانون رقم 9 لسنة 2019 بشأن تنظيم تبادل المعلومات الائتمانية ما مكَّن شركة شبكة المعلومات الائتمانية من البدء في تجميع المعلومات الائتمانية الخاصة بالشركات، وكذلك عززت جمع البيانات عن المقترضين الأفراد، إذ تم إنشاء نظام تصنيف شامل على مستوى الدولة، مما أتاح للبنوك قدرة أكبر على تسعير المخاطر.

وتعتقد البعثة أن بنك الكويت المركزي لديه قائمة واسعة من أدوات التحوط الكلي والجزئي للحد من المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي، وأن جهوده جديرة بالثناء في تعزيز حماية المستهلك وتعزيز الثقافة المالية، مما يُساعد في تخفيف المخاطر للمقترضين الأفراد.

وأخيراً رحبت البعثة بالتقدم المستمر في تحسين بيئة الأعمال، حيث تحسّن ترتيب دولة الكويت في تقرير «سهولة ممارسة أنشطة الأعمال» الصادر عن البنك الدولي لعام 2020 بفضل الإصلاحات في بدء الأعمال التجارية، والحصول على الكهرباء، والحصول على الائتمان، والتجارة عبر الحدود.

وعبرت البعثة عن تشجيعها لخطط الحكومة الكويتية الرامية إلى المزيد من تبسيط عملية التسجيل والإسراع في إصدار تراخيص الأعمال والاستيراد وإزالة الحواجز التنظيمية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.

إصدار سندات وتورق بـ 200 مليون دينار

أصدر بنك الكويت المركزي سندات وتورقاً بقيمة إجمالية بلغت 200 مليون دينار (نحو 660 مليون دولار).

وقال «المركزي»، في بيان لـ»كونا» أمس، إن أجل الإصدار ثلاثة اشهر بمعدل عائد 2.750 في المئة. وكان «المركزي» أصدر سندات وتورقا بقيمة اجمالية بلغت 240 مليون دينار (نحو 792 مليون دولار) في 20 الجاري مدة ثلاثة أشهر، ومعدل عائد 2.750 في المئة.

ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات "سياسة ملائمة" للاقتصاد الكويتي

توقعات الصندوق تشير إلى ارتفاع الإيجارات في القطاع السكني في 2020

بعثة صندوق النقد أثنت على سياسات بنك الكويت المركزي الرقابية الحصيفة في التنظيم والإشراف

الأداء القوي للقطاع المصرفي الذي عكسته نسبة كفاية رأس المال التي بلغت نحو 17.6% في سبتمبر 2019

رفع «المركزي» لسقف القروض الشخصية أثمر تسارعاً في نمو الائتمان المصرفي

تراجع فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات ليصل إلى نحو 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019

ضرورة مواصلة السلطات الكويتية بذل الجهود لتعزيز إدارة الأزمات ووضع أطر لتسوية أوضاع البنوك في حال تعثرها
back to top