أزمة اقتصاد أم أزمة نظام؟

نشر في 24-01-2020
آخر تحديث 24-01-2020 | 00:03
 د. بلال عقل الصنديد واقع لا نقاش في حقيقته أن الشعب اللبناني قد ملّ وتعب من الدخول المتكرر في عنق الزجاجة، تارة بفعل الحروب الأهلية، وطوراً بفعل الخلافات السياسية الداخلية، وأطواراً أخرى بفعل تضارب المصالح الإقليمية والدولية. وعلى الرغم مما يظهر من طابع اقتصادي ومالي للأزمة الحالية فإن حقيقتها تكمن في أن لبنان يعيش فصلاً جديداً من فصول أزمة نظامه السياسي والدستوري والاجتماعي، فمهما اختلفت الآراء حول نجاعة السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، ومهما تفاوتت المواقف حيال السياسات المالية والمصرفية، ومهما تقاذفت التيارات السياسية كرة المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع الراهنة، فإن الحقيقة دامغة أن ما ميز لبنان الحديث هو نظامه الاقتصادي الحر ونظامه المصرفي المتين. وطالما لم يتغير نظام المحاصصة الطائفية، وطالما بقي نظام الجماعات هو المهيمن على نظام الحكم، تبقى الفوضى هي سيدة الموقف لدى الحاكم والمحكوم، ويبقى التجاوز المغطّى للقانون هو النظام الحقيقي! وإن النظام "التوافقي" الذي كرسه مؤتمرا "الطائف" و"الدوحة" على قاعدة اللاغالب ولا مغلوب، بقدر ما كان ناجحاً بإسكات لغة المدافع والشارع، كان سيئاً في نتائجه السياسية والاقتصادية، الأمر الذي قد يفسّر سبب الأزمة الراهنة التي تدور في فلك تقاسم الفساد والهدر بين أركان السلطة منذ أربعين عاماً على قاعدة "6 و6 مكرر"، تلك القاعدة اللبنانية التي تعني بدلالتها الدستورية والسياسية التوازن المحمود بين الطوائف في الصلاحيات والحصص، والتي تدحرجت فيما بعد الى توازن منبوذ في كل ما يخالف القيم السامية والقانون. وبغض النظر عمّا قد يظهر أو يخفى من أسباب خارجية للأزمة الحالية، لا بد للشعب اللبناني أن يقرّ أنه منذ بداية الحرب الأهلية عام 1975، يتشارك جميع أصحاب البدلات العسكرية والمدنية من أهل السلطة بمسؤوليتهم عما يلي:

● حروب أهلية قام بها المهووسون بالدم والحكم والمال، مما كبد لبنان خسائر مليارية تضاف الى الخسائر التي نتجت عن العدوان الإسرائيلي المتكرر الذي فتك بالبنيتين الفوقية والتحتية.

● ورش إعمار متكررة وضرورية غطّيت تكاليفها بديون هائلة خارجية وداخلية.

● توازن توافقي بين "الحريرية الاقتصادية" والسياسة العسكرية والأمنية لحزب الله.

● استفادة جماعية من السياسات المالية والمصرفية، وتغطية ممنهجة للصفقات والهدر والفساد في كل الصناديق والمجالس والهيئات والوزارات.

● الاتفاق المعلن على التوظيف السياسي والترضيات الانتخابية في الخدمات العامة والمراكز.

● تقاسم غير قانوني للمرافق العامة والمرافئ والأملاك البحرية.

● ارتهان جماعي لأجندات خارجية واستفادة خبيثة من فقدان هيبة الدولة لمصلحة الأحزاب والتيارات وتحالف المال والسلطة.

● التغاضي المقصود عن عدالة الجباية الضريبية والتقصير الملموس بالتنمية اللامركزية والريفية.

● التشارك في مسؤولية إهمال القطاعات المنتجة كالصناعة والتجارة وحتى السياحة.

"كلن يعني كلن" والساكت واحد منهم.

back to top