ذكرى التحرير بين دموع الفرح ودموع الألم

نشر في 24-01-2020
آخر تحديث 24-01-2020 | 00:04
 سعود الجنفاوي في ليلة 17 من يناير 1991 بدأت أولى طلعات الحرب الجوية لتحرير الكويت، ومازلت أذكر تلك الليلة بأنها من أهم الليالي التي عشتها وعاشها الكويتيون في الداخل والخارج، فقد وصلنا قبلها بيوم إلى ميناء ينبع بقافلة بحرية مكونة من 3 سفن تحمل كتيبتين من لواء فتح الكويتي، حيث تم تدريبهم وتجهيزهم في جمهورية مصر العربية، وكانت سفن الحماية والحراسة ترافقها منذ بداية التحرك من ميناء السويس البحري.

أغلب القوة تحركت فور وصولها إلى مدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن، وانتظرت مجموعة من الضباط وضباط الصف، وأنا معهم لتحميل المدرعات والذخائر لنقلها براً للحاق مع باقي القوة التي سبقتهم، وقرب الساعة الثانية قبل الفجر فرح الجميع ببداية عمليات التحرير للوطن وتخليصه من عدوان غادر انتهك جميع المحرمات الأخلاقية والإنسانية، وخرب ودمر وحرق وقتل كل ما كان على أرض الكويت الحبيبة، ونحمد الله أن أيام الغزو لم تكن طويلة مع أنها، ولا شك، كانت ومازالت أليمة. وبعد ثلاثة أيام من الهجوم البري هلت تباشير الانتصار، وبان فجر التحرير، وتشرفت في رفع علم التحرير في ساحة العلم في يوم 26 فبراير 1991 بالمشاركة مع أبطال الفصيل الأول من الكتيبة 90، وقد رأيت الكثير من دموع الفرح في تحرير الكويت، وكذلك رأيت الكثير من دموع الحزن والألم لمن تعرض للتعذيب أو فقد حبيبا خلال العدوان الغاشم للقوات العراقية. وبعد التحرير اعتقد أغلب الشعب أن الكويت ستتغير للأفضل بعد انتهاء إعادة إعمارها وإصلاح التخريب الذي تعرضت له مرافقها الحيوية، لكن للأسف وبمزيد من الألم والأسى ونحن في عام 2020، أي بعد تسعة وعشرين عاما من التحرير يجد المواطن نفسه مكبلا بعدوان آخر، ينغص معيشته بالديون وسوء الخدمات، مما يعقد حياته بالروتين والبيروقراطية التي تحد من قدرته على الحصول على حقوقه.وقد ازداد الفساد في توسعه ونموه على حساب التنمية والتطوير الذي حلمنا به كمواطنين لتحقيق الازدهار والرفاهية للكويت وشعبها، ولكل من يقيم على أرضها المعطاء، فمازلنا، على سبيل المثال، ننتظر تطوير شبكة المواصلات العامة بكل وسائلها المعروفة كالقطارات والمترو أو بناء محطات حديثة للنقل العام، وقس على ذلك مدى التخلف في البنية التحتية في مختلف أنواعها، والقصور في تنفيذ المشاريع السكنية وتأخر تسليمها مع ما يعانيه المواطن من تكاليف ومعاناة.

ففي الأمس كانت دموع الفرح واليوم نشاهد دموعاً من نوع آخر وهي دموع الألم، فشتان بين دموع الألم لما عانيناه من طاغية وعدو خارجي حرق الأخضر واليابس، ونهب خيرات الكويت، وهو عدو غادر خائن، وبين دموع الألم من عدوان داخلي أتى في صورة فساد يخرب وينهب وطناً بلا شفقة أو رحمة. فالرحمة لشهداء الكويت الأبرار وتحية إجلال واحترام لأبطال الكويت الشرفاء.

back to top