سدانيات: الهرِّ السياسي!

نشر في 24-01-2020
آخر تحديث 24-01-2020 | 00:06
 محمد السداني فضفاضة تلك المصطلحات التي تستخدم لتحليل الواقع السياسي في الكويت، فمع كل استجواب أو حدث سياسي مهم نجد من يتسمَّون بالتيار الإسلامي ينعتون الآخرين المتسمين بالتيار الليبرالي، ولا يعدو الاختلاف بين هذا وذاك إلا ما يفصل فيه "الحلاَّق" بموسه بين خدٍ ناعم وخدٍ ملبَّدٍ بالشعر واللحية! إنَّ استمرارنا في التعاطي مع المعارك الصغيرة في البلد بهذه التفاهة أمر في غاية الخطورة، ومدعاة إلى أن نراجع أنفسنا مراجعة حقيقية حول مستقبل هذا البلد ومستقبل مواطنيه، لا يمكن أن نسمع يوميا بسرقات بالملايين والمليارات ونسير على شوارع أقل ما يقال عنها أنها متهالكة، ونشهد انخفاضا في مستوى التعليم ونضوباً في الاحتياطي العام للدولة وسوء إدارة للموارد الاقتصادية، ونرى مجلس الأمة الذي من المفترض أن يناقش هذه القضايا المهمة ليناقش عكسها تماما، فنجد نائبا ينتقد حجاب وزيرة الإسكان السابقة، وآخر يعترض على حفل غنائي، والأخير يناقش قضية ليس لها علاقة بالكويت أو الكويتيين! إن هذه النوعيات من النواب الذين اختيروا على مرأى ومسمع منا لا يمكن أن يمثلوا رغبات الشعب ومصالحه أو يحموا أمواله، فهم نتاج نظام مشوه مُتخلف أكل عليه الدهر وشرب، فالمطالبات بتغيير نوعيات النواب وحسن الاختيار لن تغيِّر شيئا في ظل النظام الأعوج الذي نسير فيه، فلا نحن ديمقراطيين ولا نحن دولة الفرد الواحد! لذلك؛ بدلا من الصياح والنواح على الهررة التي تظن أنها أسود الغاب المفترسة يجب علينا أن نقف مع أنفسنا وقفة جادة لكي نتدارك مع يمكن تداركه من بقايا هذه الدولة التي نخر فيها الفساد طولا وعرضا! لقد باتت المطالبة بنظام ديمقراطي حقيقي وفاعل أمراً ملحاً لما نشاهده من مسرحيات مملة في المجلس الذي لا يعبر عن رغبات الأمة! فكل الممارسات التي حدثت خلال السنوات الثلاث السابقة لم يكن لها الأثر الواضح في تغيير الواقع الذي نعيشه، ومن المضحك أن نرجو من هذه النوعية من المجالس أي تغيير لما لها من تاريخ حافل بالارتماء في أحضان الحكومة التي أعلنت منذ زمن زواجها غير الشرعي من هذه النوعيات من المجالس! كنا نرجو أن يتطور نظامنا السياسي كما تطورت الأنظمة السياسية في الدول المحترمة، ولكنَّ الغريب أنَّ النظام زاد سوءا، والغريب أيضا أنَّ "المعارضة" أو ما يسمى "المعارضة" مارست الدور نفسه الذي مارسته سابقاتها في مختلف المراحل السياسية، فالملفات العالقة التي على جدول أعمال المجلس لن تكون عالقة إذا اخترنا من يحاسب ويشرع ويراقب ويردع التفرد بالسلطة ردعا حقيقيا لا تحويلا إلى محاكم خاصة أو تحقيقات لا قيمة لها.

خارج النص: النص الذي سيكتبه أبناؤنا عن حكاية هذا الوطن سيكون مليئا باللعن والشتائم والاحتقار إذا استمرت الحكاية على ما هي عليه، فالمحافظة على الأوطان مهمة الشرفاء أما سرقتها وهدمها فاللصوص يقومون بذلك دائما.
back to top