الرواية الكويتية والتحديات الاجتماعية

نشر في 14-01-2020
آخر تحديث 14-01-2020 | 00:01
 حمود الشايجي تتعدد التحديات الاجتماعية في الكتابة الروائية الكويتية، ومنها ما هو سلبي، ومنها ما هو إيجابي، فأكثر التحديات السلبية إزعاجاً للروائي الكويتي هو الإزعاج الرقابي، ويعتقد البعض أن الرقابة مجرد إرادة حكومية، تريد أن تبطش بالأدب الكويتي، لكن الأقرب للصحة هو أن هناك توجهات محافظة في المجتمع الكويتي تعمل، منذ سنوات، على السيطرة على حركة الشارع، مع بعض التساهل والتراخي من قبل التوجهات الأخرى الأكثر انفتاحاً في المجتمع، التي في الأغلب تتعلل بالتوجهات الحكومية غير المنصفة تجاههم، وهذا ما جعل الساحات السياسية يتصدرها أصحاب الرؤى المحافظة، وهم في الأغلب إما لهم توجهات دينية، أو توجهات ذات بُعد قبلي، وهذه الورقة لا تدعي أن هاتين الفئتين لهما بعد سلبي على المجتمع، لكنها تقول، بكل حرص، إن أصحاب الفكر المحافظ في الكويت استطاعوا أن يفهموا من أين تؤكل الكتف في المشهد السياسي بالكويت، لذلك استطاعوا أن ينفذوا أجنداتهم السياسية التي ساهمت في تحولات في المجتمع الكويتي، الذي صبغ خلال فترة الخمسينيات والستينيات وحتى تقريباً منتصف السبعينيات في الانفتاح، وهذا ما أسهم في انطلاق الحركات الثقافية والمشاريع الثقافية بأشكالها المتعددة: إصدارات، ومجلات، ومسارح، وفن تشكيلي وغيرها، لكن بعد ما يسمى «الصحوة الدينية»، التي مورست على الناس كأنهم في غفلة من دينهم، استطاع الحراك المحافظ في الكويت أن يُكون لنفسه صوتا مسموعا في الشارع، إما من دوافع دينية أو من خلال الدوافع العادات والتقاليد، وهذا ما يمكننا إرجاعه إلى عوامل خارجية كانت تصاحب هذه التيارات المحافظة وتدعم توجهها، فهزيمة الـ67 وما ساهم من انكسار لمفهوم القومية، ورمزها جمال عبدالناصر، جعل هذه الحركات ذات البعد الديني تستغل هذه الهزيمة، وتستثمرها الاستثمار الأمثل للترويج لمعتقداتها. كما لا يستطيع أحد أن ينكر دور الثورة الإيرانية، ومفهوم «تصدير الثورة» الذي أرعب المجتمع، وساهم هذا الرعب في تقوية متاريس هذه الحركات المحافظة ذات البُعد الديني، لكن اليوم، وهذا هو الجميل، المجتمع أصبح يتحرك ناحية الانفتاح من جديد، ربما لاكتمال دائرة المحافظة التي لم تعد تصلح لهذا العصر الأكثر انفتاحا من أي عصر سبق، وربما لأن المجتمعات في الخليج وفي الكويت تحديداً تغلب عليها فئة الشباب، وهذا هو التحدي الأهم، وهذا التحدي يعتبر إيجابيا لكتاب الرواية، وللحراك الثقافي بشكل عام، فما نراه من تحركات شبابية تبشر بجيل رفض الانغلاق، وراح يسير في خطى ثابتة تجاه مستقبله، بوعي باللحظة، وهذا الوعي الشبابي لايزال يواجه بعض العوائق، منها الحمل الاجتماعي الذي لايزال يحمل جزءاً من الأفكار المحافظة التي باتت خارج عصرها، والأخطر منها الأفكار المحافظة ذات البعد الثقافي الفكري، فهناك بعض الكتاب والمثقفين لايزالون يعيشون في عصر غير العصر الذي هم فيه، وهم الآن في مكانة يعتقدهم بها بعض الشباب أنهم أولياء الثقافة والكتابة، وهم يؤثرون بشكل سلبي في الحراك الشبابي، لكن لا يمكن لأحد أن ينكر وجود فئة من الشباب واعية لخطواتها، وهذا ما يبشر بحاضر ذهبي ومستقبل مبهر، وهذه ليست نظرة متفائلة لكنها نظرة لها ما يدعمها من عوامل، وأهمها تطور مفهوم القراءة في المجتمع الكويتي، إذا كان يقال إن القراءة مجرد «هبة» أي موضة أو صرعة، يتفاخر بها الشباب فيما بينهم، وخرج من يندد بهذه الظاهرة في وقتها، فاليوم القراءة أصبحت شبه طقس يومي لبعض الشباب، وهذا أمر مهم يدعو إلى التفاؤل، وهذا التفاؤل يحتاج إلا بُعد نظر يواكبه، وهو التحول من مرحلة الهواية الكتابية إلى مرحلة الاحتراف الكتابي.
back to top