ماذا وراء الإعلان عن إعادة افتتاح سفارة ماليزيا في كوريا الشمالية؟

نشر في 09-01-2020
آخر تحديث 09-01-2020 | 00:00
 ذي دبلومات أكدت ماليزيا رسمياً، في 3 يناير، إعادة افتتاح سفارتها في كوريا الشمالية، لم تكن هذه الخطوة مفاجئة، مع أن تفاصيلها تبقى غامضة، لكن لا بد من فهم معنى هذا التطور المحتمل في سياق علاقة ماليزيا وكوريا الشمالية عموماً، والسياسة الخارجية الماليزية في عهد الحكومة الراهنة، والتطورات المعاصرة التي تؤثر على الطرفين معاً.

تاريخياً، لطالما كانت علاقة ماليزيا مع كوريا الشمالية أكثر تعقيداً من شعار "العلاقة المميزة" المزعوم الذي يُستعمَل أحياناً لوصف الروابط بين البلدين، لكنّ الخلاف الدبلوماسي الذي نشأ بينهما غداة اغتيال أخ كيم جونغ أون غير الشقيق، كيم جونغ نام، في فبراير 2017 في مطار كوالالمبور الدولي في عهد رئيس الحكومة السابق نجيب الرزاق، دفع ماليزيا إلى إقرار سلسلة من الضوابط في مجالات متعددة، منها إغلاق سفارتها، وحظر السفر، وفرض قيود على العمال والشركات.

لكن حتى عند إغلاق سفارة ماليزيا في كوريا الشمالية، أكدت الحكومة الماليزية حينها أنه إجراء موقت، ويمكن التراجع عنه في تاريخ لاحق، ففي تلك الفترة أعلنت وزارة الخارجية الماليزية أيضاً قيودا فرضتها على كوريا الشمالية، منها حظر سفر المواطنين، وأوضحت أن تلك القيود سيُعاد النظر بها حين يعود الوضع إلى طبيعته، فأبقت بذلك المجال مفتوحاً أمام تغيير السياسات القائمة.

في الأسبوع الماضي اتّضحت أخيراً الرغبة في عكس تلك القرارات في عهد حكومة "تحالف الأمل" الجديدة التي كانت أقالت حكومة نجيب في مايو 2018، ففي 3 يناير الجاري أعلن وزير الخارجية الماليزي، أثناء تكلمه عن أولويات السياسة الخارجية لعام 2020، احتمال إعادة فتح سفارة ماليزيا في بيونغ يانغ.

خلال مؤتمر صحافي حول مقاربة السياسة الخارجية التي يتبناها "تحالف الأمل"، كشف وزير الخارجية الماليزي سيف الدين عبدالله أن السفارة الماليزية ستفتح أبوابها مجدداً في بيونغ يانغ بعد تجديد الروابط الثنائية مع كوريا الشمالية.

اعتبر سيف الدين هذه الخطوة جزءاً من سلسلة تطورات مرتبطة بمواقع ماليزيا الخارجية، وتشمل خطوات أخرى إنشاء قنصلية ماليزية في إسطنبول.

هذا التطور ليس مفاجئاً بأي شكل، لكنه يحمل أهمية بارزة، حيث تشير العلاقة الثنائية بحد ذاتها إلى تقارب مستجد بين ماليزيا وكوريا الشمالية بدرجة تسمح بتجديد الجوانب العامة من الروابط الثنائية تدريجاً، كما أنها تُشدد على المدة التي احتاج إليها البلدان للمضي قدماً وإقرار خطوات مماثلة بعد تدهور علاقتهما في عام 2017.

على صعيد آخر، يكشف هذا التطور مدى حرص حكومة "تحالف الأمل" على أن تؤدي ماليزيا دوراً في تعزيز الالتزامات الإقليمية. حين أعلن سيف الدين هذه الخطوة لم يعتبرها مجرّد تحرك ثنائي، بل جزءاً من جهود ترمي إلى "تحفيز" كوريا الشمالية على متابعة مساعيها الدبلوماسية وترسيخ قناعة ماليزيا بضرورة استمرار هذا الأسلوب التشجيعي، على أن يشمل تخفيف جزء من العقوبات.

يتماشى هذا التوجه مع مقاربة السياسة الخارجية التي تطبقها حكومة "تحالف الأمل"، حيث تعتبر ماليزيا نفسها لاعبة أساسية لمعالجة المسائل الإقليمية عند الإمكان.

لا تخلو هذه الخطوة من المخاطر على مستوى السياسة الخارجية الماليزية، نظراً إلى التوقعات الدبلوماسية القاتمة في المرحلة المقبلة غداة الإشارات الأخيرة الصادرة من بيونغ يانغ، وصعوبة إحراز أي تقدم في العلاقة بين الكوريتين، واحتمال زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في عام 2020.

كذلك، لن يكون تقييم المقاربة الماليزية المتبدلة تجاه كوريا الشمالية ممكناً على نطاق واسع إلا بعد معرفة تفاصيل الخطوة التي تقترحها حكومة "تحالف الأمل"، علماً أنها لا تقتصر على إعادة فتح السفارة (لم يُحدَّد تاريخ فتحها بعد)، بل تشمل جوانب أخرى من الروابط، على غرار سياسات نيل التأشيرة والسفر التي تؤثر على سلامة المواطنين الماليزيين وأمنهم.

مع تطور هذه الأحداث كلها على مر عام 2020، يجب أن نتابع مراقبة الوضع عن كثب!

* براشانث باراميسواران

* «ديبلومات»

back to top