رياح وأوتاد: مزايدات ما قبل الكارثة

نشر في 06-01-2020
آخر تحديث 06-01-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر دور الانعقاد الحالي هو الدور الأخير في هذا الفصل التشريعي، وهو الدور الذي يسبق الانتخابات، وسيحاول النواب تحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات فيه، ولا بأس إذا كانت الإنجازات مدروسة ومفيدة للبلد ومستقبله، ولكن كل الخشية أن تكون إنجازات الشهور الأخيرة شعبية وانتخابية ومزايدات مكلفة بحيث تزيد الاختلالات الهيكلية وتعمق الانقسامات الشعبية وجراحات الوطن.

ومنذ أيام قليلة تابعنا أطروحات بعض النواب الحاليين وبعض المرشحين التي اتسمت بالمزايدات المالية والدينية وغير الواقعية، فهذا ينكر العجز في الميزانية، وآخر يهاجم قانون الزكاة، وثالث يعد بتوزيع المليارات من احتياطي الأجيال على الشعب، ورابع يريد ضم ميزانية صندوق التنمية الى الميزانية العامة، فتستنزف في سنوات قليلة بالمصروفات الجارية، وخامس يريد شراء القروض الربوية بالمال العام، ومن لم يقترض أو من سدد قرضه فعليه العوض لأنه مواطن ملتزم!

كما تابعنا الانتخابات الفرعية وما تم فيها من مخاطبة القبيلة، وشحن الولاء لها بوعود ومزايدات تتعلق بالتوظيف والمناصب القيادية، ولم تخل الساحة الانتخابية من الطرح الطائفي أيضاً بمناسبة مقتل رموز إيرانية وعراقية لها تاريخ في تهديد الاستقرار في المنطقة ومطلوبة للجهات الأمنية باتهامات تتعلق بالإرهاب، مما ملأ وسائل التواصل بالسباب والتخوين.

كل هذا يتم في غيبة عن مشاكل خطيرة حقيقية داخلية يجب أن تتضافر جهود النواب لحلها، كما يجب على المرشحين استيعابها وطرحها في برامجهم بأسرع ما يمكن. فقبل أسبوعين كتبت مقالاً بعنوان: "مساطر الحكومة الجديدة"، تطرقت فيه إلى أهم ما يجب على الحكومة والمجلس إنجازه في ما تبقى من عمر المجلس، واليوم ألقي الضوء على ما أعتبره أهم هذه المساطر، والذي يجب أن يكون الاهتمام الأول للنواب والمرشحين على اختلاف مشاربهم وقبائلهم وطوائفهم، لكي يجدر بهم التنافس في عرضه وكيفية علاجه بالطرق العلمية والعملية دون مزايدة، وهو: كيف سيتم التعامل من قبل الحكومة والمجلس مع الأعداد الهائلة من الطلبة الجالسين اليوم على مقاعد الدراسة التي ستدخل إلى سوق العمل في السنوات القليلة القادمة ابتداء من الشهر القادم؟ هذه الأعداد عرضها الدكتور محمد الشريكة مدير إدارة المعلومات في مكتب التربية العربي في لقاء أجراه معه تلفزيون الكويت قبل أسبوع، فقد بين الدكتور الشريكة أن عدد الكويتيين في التعليم العام 406000، وإذا أضيف الى هذا الرقم عدد الكويتيين:

* في جامعة الكويت أكثر من 30000

* في التعليم التطبيقي أكثر من 50000

* في الجامعات الخاصة نحو 14000

* في الجامعات الخارجية نحو 50000

أي أن العدد الإجمالي يزيد على خمسمئة وخمسين ألف طالب وطالبة. كل هؤلاء سيكون واجباً على الحكومة والمجلس إيجاد فرص العمل والسكن لهم بغض النظر عن تخصصاتهم من الآن وخلال 14 سنة قادمة. وإذا استمرت الأوضاع الاقتصادية واختلالات الميزانية وفرص العمل كما هي دون إصلاح فسنواجه انفجار القنبلة الديمغرافية التي تنبأ بها خبراء الاقتصاد، فتشيع البطالة وتتراجع الخدمات وتتوقف مشاريع الإسكان وغيرها من مظاهر الكارثة الاجتماعية والمالية الخطيرة التي قد تنعكس على الأمن الداخلي. إن توفير فرص العمل الحقيقية هو الهم الأول للحكومات والبرلمانات في جميع دول العالم، وفي الكويت تزداد أهمية هذا الموضوع بسبب التركيبة العمرية للشعب الكويتي، ففي كل عام يزداد عدد الخريجين عن السنة التي قبلها.

لذلك فإن المطلوب من النواب وجميع المرشحين إعطاء هذا الموضوع الأولوية التي يستحقها الأبناء ويعاني غيابها كل بيت كويتي.

back to top