دعوة المظلوم

نشر في 03-01-2020
آخر تحديث 03-01-2020 | 00:07
 محمد العويصي حرم الله سبحانه وتعالى الظلم بين عباده، وأمرهم برد المظالم، والآيات والأحاديث حول عاقبة الظلم كثيرة ومتعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى في سورة الحج "وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ"، وقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".

الله سبحانه وتعالى منع نفسه من الظلم، وحرمه بين عباده، فحرم على كل عبد أن يظلم غيره، لكن للأسف نرى ونسمع يومياً عن صور متعددة للظلم، فعلى سبيل المثال: ظلم الزوج لزوجته وأولاده، وظلم الزوجة لزوجها في الحقوق الزوجية، وظلم الرئيس في العمل لبعض مرؤوسيه، وظلم المقاول للعمال وأكل حقوقهم، وظلم التاجر للبائعين في محلاته وعدم إعطائهم رواتبهم الشهرية في موعدها.

وقد اخترت لكم قصة تبين عاقبة الظلم في الدنيا قبل الآخرة:

"رجل فقير يعيش مع زوجته وأولاده باتوا ثلاثة أيام من غير طعام، قالت له زوجته: اذهب إلى البحر لعل الله يرزقنا بشيء، فذهب الرجل الفقير إلى البحر واصطاد سمكة كبيرة فرح بها فرحاً، وتخيل نفسه مع زوجته وأولاده يأكلونها، وبينما هو سارح في خياله مر به ملك كان يتمشى على الشاطئ فأخذ منه السمكة عنوة دون أن يعطيه ثمنها أو يقول له كلمة طيبة.

عاد الرجل الفقير إلى بيته حزيناً مهموماً لا يستطيع الكلام مع أهله من ظلم الملك له، وذهب الملك إلى قصره مفتخراً أمام زوجته الملكة بهذا الصيد العظيم، ولما أخذ يعرض السمكة أمام الملكة أصابت شوكة إصبعه فشعر بألم شديد، ومع مرور الأيام ورم إصبعه، فنصحه الأطباء بقطعه لكنه رفض، فاشتد عليه الألم ووصل إلى ذراعه، وهنا قرر الأطباء قطع ذراعه فوافق الملك، وعندما قطعوا ذراعه شعر بالراحة الجسدية، إلا أن ألماً آخر بدأ يصاحبه وهو الألم النفسي الذي أقضّ مضجعه وجعله حزيناً مهموماً لا ليله ليل ولا نهاره نهار.

اجتمع الملك مع مستشارية وعرض عليهم مشكلته، فقالوا له: إن الألم النفسي الذي يشعر به ربما بسبب الظلم، فتذكر الملك الصياد الفقير، فأمر بالبحث عنه وإحضاره إلى القصر، ولما عثر الحراس على الصياد الفقير أحضروه إلى القصر، فقال له الملك: هل تعرفني؟

الفقير: نعم أنت الذي أخذت مني السمكة.

الملك: أريد منك أن تحللني.

الفقير: أنت في حل.

الملك: أريدك أن تخبرني ولا تخف مني: ماذا قلت عندما أـخذت منك السمكة؟

الفقير: رفعت بصري إلى السماء وقلت يارب إنه أراني قدرته علي، فأرني قدرتك عليه".

تذكر أخي المسلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن المسلم العاقل الواعي يجب عليه أن يحذر الظلم، فلا يظلم أحداً من الناس مسلماً كان أم كافراً، فقيراً كان أم غنياً، صغيراً كان أم كبيراً، لأن الله سبحانه وتعالى نصير المظلوم في الدنيا والآخرة، فهو القائل جل في علاه كما ورد في الحديث: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين".

* آخر المقال:

"إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك"

back to top