معاناة منتجي النفط ستتضاعف إذا استمرت الحرب التجارية

الفائض المرتفع سيؤدي إلى عجز الميزانيات بنسب ضرر متفاوتة

نشر في 31-12-2019
آخر تحديث 31-12-2019 | 00:05
No Image Caption
التخمة النفطية التي عانتها أسواق النفط بوجود فائض مرتفع تعد حالة غير مريحة للدول المنتجة، خصوصاً التي تعتمد بصورة رئيسة على الإيرادات النفطية، إضافة إلى شركات النفط الصخري الأميركي التي ليست في أفضل حالاتها بسبب الأسعار الحالية.
لعل الاسباب التي أدت الى التخمة النفطية التي من اجلها قامت منظمة «اوبك بلس» بتعميق خفض الانتاج، تعد حالة غير صحية، ولتشخيص هذه الحالة غير الصحية يجب التعرض لأسبابها الظاهرية، ومنها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي خصوصا الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الصين التي تعد من أكبر الدول استهلاكا للنفط.

الحرب التجارية

ويشير هنا بعض المحللين النفطيين الى ان الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة خلال الفترة السابقة هي اهم الأسباب الرئيسة التي أثرت سلبا في الطلب العالمي على النفط، مبينين أن تلك الحرب إذا استمرت فستؤدي إلى زيادة معاناة الدول المنتجة للنفط. وقد سجل التبادل التجاري بين أميركا والصين خلال شهر سبتمبر الماضي تراجعا واضحا بسبب تلك الحرب التجارية والرسوم على السلع، إذ تراجعت الصادرات الصينية إلى أميركا بنسبة 4.9 في المئة تقريبا مقارنة بالشهر الذي سبقه بما يعادل 37 مليار دولار، وهو أقل مستوى خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، وفي المقابل انخفضت الصادرات الأميركية إلى الصين بنحو 10 في المئة وهو أقل مستوى خلال الأشهر الخمسة السابقة.

منافسة شرسة

ويضيف المحللين إلى أن من الأسباب أيضا دخول النفط الصخري الأميركي منافسا شرسا لا يستهان به، وزيادة إنتاجه المتزامنة مع انخفاض تكلفته الإنتاجية، حيث تجاوز إنتاج الولايات المتحدة من النفط 12.3 مليون برميل يوميا ومن المتوقع أن يصل إلى 13.3 مليوناً خلال عام 2020 بحسب إدارة معلومات الطاقة.

وأشار بعض الخبراء إلى أن أعراض التخمة النفطية وتبعاتها واضحة للجميع حيث أدت إلى انخفاض أسعار النفط، مما تسبب في عجز ميزانيات أغلب الدول المنتجة وبنسب ضرر متفاوتة.

وبما لا يدع مجالا للشك، فإن جميع الدول المنتجة للنفط داخل “أوبك” وخارجها موقنة بأن العلاج الوحيد لهذه التخمة هو خفض الإنتاج وأن الالتزام بذلك لا يقل أهمية عن الخفض في حد ذاته.

أرقام قياسية

ويقول الخبراء ان التخلص من التخمة النفطية أو تخفيف وطأتها لن يصبا في مصلحة «أوبك» فقط بل يصب في مصلحة الجميع خصوصا شركات النفط الصخري الأميركي، حيث إنه على الرغم من وصول إنتاجها إلى أرقام قياسية فإن هذا لا يعني ديمومة هذه الصناعة في ضوء الأسعار الحالية.

ولعل بعض المتفائلين يرون ان اتفاق “أوبك بلس” الأخير في فيينا لتعميق خفض الإنتاج بما يعادل 500 ألف برميل إضافي ليصل المجموع إلى 1.7 مليون برميل يوميا خطوة مهمة للتخلص من هذه التخمة المزعجة إذا ما تم التزام جميع الدول بالحصص المتفق عليها، بعد دخوله حيز التنفيذ مطلع يناير.

الصادرات الإيرانية

ويرى البعض أن هذا الاتفاق إضافة إلى تصريحات الرئيس الأميركي التي تؤكد وصول الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري مع الصين بالتزامن مع العقوبات على الصادرات الإيرانية التي فقدت نحو 80 في المئة من انتاجها بسبب العقوبات المفروضة عليها ستؤدي جميعا إلى التخلص التدريجي من التخمة النفطية.

وهناك توقعات من قبل المعنيين بأن تدور أسعار خام برنت في فلك الـ70 دولارا قبل نهاية هذا العام الحالي، وهو رقم من وجهة نظرهم مناسب للمنتجين والمستهلكين، بل ذهب هؤلاء في توقعاتهم الى ارتفاع هذا الرقم إلى 75 دولارا بنهاية الربع الأول من عام 2020.

استثمارات ضعيفة

من جهة أخرى فقد أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أخيرا تقريرخاصاً باستشراف آفاق الاقتصاد العالمي حيث أشارت فيه إلى توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي العالمي. ويشير التقرير إلى أنه خلال العامين الماضيين، كانت توقعات ونتائج النمو الاقتصادي العالمي تتدهور بشكل منتظم، وسط حالة من عدم اليقين بشأن السياسة وتدفقات تجارية واستثمارية ضعيفة.

ولذلك فإن توقعات منظمة التعاون التجاري والتنمية في هذا الإطار أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي نحو 2.9 في المئة خلال هذا العام وأن يبقى هذا المعدل في حدود 3 في المئة خلال العامين المقبلين 2020 و2021.

معدل النمو

وتأتي هذه التوقعات مقابل توقع المنظمة خلال العام الماضي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي خلال العام الحالي 3.5 في المئة. ويعد معدل النمو للعام الحالي هو أضعف معدل نمو سنوي منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصين والهند تتوليان بمفردهما نحو نصف النمو في الطلب العالمي على النفط، لذا فانخفاض النمو المنتظر في الصين وعدم تعويض الهند للدور الصيني في مجال الصناعات التقليدية ربما تعني انخفاضا في إجمالي نمو طلب البلدين على النفط.

وتشير المنظمة، في تقريرها إلى أن البنوك المركزية قامت بإجراءات التيسير النقدي بشكل متوال وفي التوقيت المناسب، وهو ما عمل جزئيا على مواجهة الآثار السلبية للنزاعات التجارية، كما ساعدت هذه السياسة على الحيلولة دون المزيد من التدهور الاقتصادي ؛ كما انها مهدت الطريق لإصلاحات هيكلية ولاستثمارات عامة جريئة لرفع معدل النمو في الأجل الطويل، مثل الإنفاق على البنية التحتية.

وتوقعت المنظمة أن يسجل الاقتصاد الصيني معدلا للنمو يبلغ 6.2 في المئة خلال العام الحالي، لكن المنظمة أشارت إلى استمرار فقدان ثاني أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر مستهلك عالمي للنفط لقوة الدفع الاقتصادية، حيث من المتوقع أن تسجل الصين معدلا للنمو يبلغ 5.7 في المئة خلال العام المقبل، و5.5 في المئة خلال عام 2021.

تغيير هيكلي

ويشير تقرير منظمة التعاون الاقتصادي إلى أن الاقتصاد الصيني يتغير هيكليا، حيث يقوم بعملية إعادة توازن بعيدا عن الصادرات والصناعة التحويلية ويتحول لكي يصبح معتمدا أكثر على الاستهلاك وقطاعات الخدمات.

كما اشار التقرير أيضا الى ان الصينيين يعملون على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المكونات الأساسية لبعض القطاعات الصناعية بما يعكس رغبتهم في التحرك بعيدا عن الاعتماد على استيراد التكنولوجيا لصالح إنتاج تكنولوجي محلي؛ كما أن التحول في استخدام الطاقة والاهتمام بقضية التلوث، وكذا ارتفاع إنتاج الخدمات ساهمت في التأثير على طلب الصين على الواردات.

ويشير التقرير الى انه من المنتظر أن تنخفض مساهمة الصين التقليدية في نمو التجارة العالمية كما ستتغير طبيعة هذه المساهمة الصينية.

وخلص بعض الخبراء المهتمين من تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الى انه بناء على تلك المعطيات والنتائج فإنه من المنتظر انخفاض معدل نمو الطلب الصيني على النفط، نتيجة للتغيرات الهيكلية التي يمر بها هذا الاقتصاد، وكذا نتيجة للاهتمام بقضية التلوث.

العرض العالمي

ومن ناحيتها، فإن وكالة الطاقة الدولية تشير في تقديراتها بشأن أوضاع سوق النفط خلال العام المقبل إلى أن العرض العالمي خارج «أوبك» سيرتفع بنحو 2.3 مليون برميل يوميا، مقارنة بارتفاع يتوقع أن يبلغ نحو 1.8 مليون برميل يوميا فقط خلال العام الحالي. ويرجع ارتفاع الإنتاج في أغلبه إلى عدد محدود من الدول يأتي على رأسها الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج.

مليون برميل

ووفقا للوكالة، فإن نمو الطلب على النفط خلال العام الحالي يقدر بنحو مليون برميل يوميا، ومن المقدر أن يرتفع نمو الطلب بنحو 1.2 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل.

وأخيرا فإن توقعات منظمة أوبك للطلب والعرض خلال العام المقبل تختلف عن توقعات وكالة الطاقة الدولية، فانطلاقا من توقع معدل نمو للاقتصاد العالمي في عام 2020 يبلغ 3 في المئة تماما مثل توقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن التقرير الشهري لأوبك عن شهر نوفمبر يتوقع أن يبلغ معدل نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام المقبل 1.08 مليون برميل يوميا، أما في مجال العرض فقد توقع التقرير أن ينمو خلال العام المقبل بمقدار 2.17 مليون برميل يوميا.

الالتزام باتفاق تعميق خفض الإنتاج قد يؤتي ثماره خلال العام المقبل

التخلص من الفائض النفطي يصب في مصلحة شركات «الصخري» الأميركية
back to top