برنامج عمل الحكومة... يا سمو الرئيس

نشر في 27-12-2019
آخر تحديث 27-12-2019 | 00:05
 ماجد مفرج المطيري لست متشائما عندما أقول إن واقع النزاهة في القطاع العام الكويتي "ليس حيا فيرجى، ولا ميتا فيرثى"، فما زلنا نرى هذا التخبط الحكومي في أولويات مكافحة الفساد ومنهجية التطبيق.

فقد تعهد رئيس مجلس الوزراء أمام الشعب الكويتي في قاعة عبدالله السالم وأثناء جلسة أداء القسم بعرض برنامج العمل الحكومي للبرلمان خلال ثلاثة أسابيع، وفي استعراض سريع للأحداث التي سبقت تولي الشيخ صباح الخالد سدة السلطة التنفيذية يبرز استحقاق مكافحة الفساد وحماية المال العام كمطلب شعبي بالغ الأهمية يعتلي سلم الأولويات القصوى لبرنامج العمل الحكومي.

وأجزم وفق خبرتي في هذا الميدان أن الحكومة الجديدة لن تستطيع أن تحرز أي تقدم في ملف مكافحة الفساد ما لم تؤمن أن عملية الإصلاح هي عمل وطني تشاركي تقوده الحوكمة بالتوافق مع السلطة التشريعية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وأن هناك محركات رئيسة لأي عملية إصلاح حقيقية تبدأ بما يسمى "مؤشرات القياس"، وهنا أكرر مطالباتنا في جمعية الشفافية الكويتية بضرورة إجراء مسح حقيقي لكل قطاعات الدولة لمعرفة مدى متانة النظام الوطني للنزاهة أو ما يسمى "نظام النزاهة الوطني" (NIS) الذي استحدثته منظمة الشفافية الدولية، وطورته على مدى السنوات الماضية والذي أصبح الآن أحد المؤشرات الدولية المعتبرة لجميع الدول المتقدمة في مؤشر مدركات الفساد العالمي (CPI).

في قراءة سريعة لتاريخ الأمم المتقدمة نرى أن مؤسسات الحكم على مر العصور لم تستطع استيعاب الأزمات السياسية الخانقة وفضائح الفساد المستشري إلا من خلال التطبيق الحقيقي لقواعد "حوكمة القطاع العام" والإيمان أنها هي المخرج العلمي والفني الوحيد للنهوض مرة أخرى واللحاق في ركب الأمم.

سمو الرئيس: نحن في أمس الحاجة إلى برنامج عمل حكومي واضح المعالم بسيط الأهداف سهل التطبيق ويحاكي الواقع ويتوافق بشكل مباشر مع تطلعات الشارع الكويتي، ويمكنني هنا أن أقترح عدة نقاط رئيسة لملامح هذا البرنامج:

1- ترسيخ قواعد الحوكمة في القطاع العام والاستخدام الأمثل للموارد وإعادة رسم دور القطاع العام من المحرك الرئيس إلى المنظم والشريك وتسهيل الإجراءات الحكومية وتطويرها.

2- الاستثمار في المواطن من خلال تعزيز الخدمات الحكومية في التعليم والصحة والإسكان والخدمات الرئيسة الأخرى وتطويرها واستدامتها، والعمل على استدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تفعيل التشريعات والمبادرات الداعمة لاستقرار الأسرة والتوازن بين الجنسين، ودعم الإبداع والتفوق وإبراز دور الشباب والرياضة في جميع البرامج والمبادرات الحكومية.

3- المحافظة على مجتمع يسوده الأمن والاستقرار والترابط وتعزيز التنمية الشاملة في إطار توازن مالي يواكب ويحافظ على النمو الاقتصادي الإيجابي.

4- دفع القطاع الخاص ليتبوأ دوراً أكبر كمحرك رئيس في عملية التنمية وخلق فرص نوعية للمواطنين وقطاع العمل والاستثمار، استمرار تمويل المشاريع التنموية والبنى التحتية المحفزة للنمو ولخدمة المواطنين.

5- دعم دور المجتمع المدني والسماح له بالعمل بحرية في دعم جهود تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وإشراكه في عملية مكافحة الفساد وفي "رؤية الكويت الجديدة 2035".

في الختام: يجب أن يعمل برنامج العمل الحكومي على رفع كفاءة وفاعلية القطاع الحكومي، وزيادة إنتاجية الموظف العام وتحسين مستوى الخدمة العامة وتشجيع الإبداع والمعرفة والابتكار، وتعزيز الرقابة والمساءلة والشفافية، والتخطيط الاستراتيجي ومتابعة الأداء في كل المؤسسات العامة.

back to top