سيدات... من يهود البحرين

نشر في 26-12-2019
آخر تحديث 26-12-2019 | 00:10
الكثير من اليهود الخليجيين في الأزمنة المعاصرة جاؤوا من العراق وجنوب إيران إلى البحرين، واستأجروا للسكن في أحياء «المنامة»، عاصمة البلاد، في بنايات «راشد الزياني» و«هلال المطيري»، بالقرب من باب البحرين.
 خليل علي حيدر يطلق د. المدني على الإعلامي السعودي الشهير "عثمان العمير" لقب "قيصر الصحافة الإلكترونية"، غير أن الرجل انطلق في دنيا الشهرة الإعلامية والصحافة من خلال إصدار صحيفة "الشرق الأوسط" الورقية، قبل المد الإعلامي الإلكتروني الحالي، وكان ذلك في 4/ 7/ 1978، وقد احتفلت الصحيفة عام 2018 في لندن بمرور أربعين عاماً على صدورها، رغم أن "العمير" لم يعد على رأسها.

ولد "العمير" عام 1950 بمدينة "الزلفي" النجدية ابناً لرجل دين محافظ، وكان والده، يقول د. المدني، يريد له أن يصبح مثله شيخاً أو داعية.. واختار العمير الصحافة!

ويضيف "صحيح أنه توالى على قيادة "الشرق الأوسط" مذاك وحتى اليوم عشرة رؤساء تحرير، إلا أن أكثرهم ارتباطا بها ووضعا لبصماته عليها وتفانيا في خدمتها واكتسابا للشهرة الإعلامية من ورائها كان الأستاذ "عثمان العمير"، الذي يحار المرء في إيجاد صفة له تتناسب مع شخصيته المثيرة للجدل، وآرائه المستفزة للبعض، وعلاقاته المتشعبة مع الكبار شرقا وغربا، وهواياته الغريبة، وأحكامه القافزة لكل الحواجز، وطبيعته الإنسانية الودودة، وعشقه للحياة والموسيقى والفنون والحضارة البريطانية، وقراره بالبقاء عازبا إلى نهاية العمر". (ص733)

ننتقل إلى شخصية أخرى من تراجم الكتاب!

فقد اتسعت مساحة التسامح الديني، في المجال الثقافي الخليجي العربي في العقدين الأخرين على وجه الخصوص، ولو لم تكن لقوى التشدد وجماعات الإسلام السياسي كل هذه المؤسسات والمكاسب، لكان التطور الفكري والاجتماعي في المنطقة أكثر اتساعاً بأثر ما نشهد من تنامي نسبة المتعلمين وتقارب الأديان والثقافات وكثرة الأسفار وثورة المعلومات وغير ذلك.

ومن انعكاسات هذا التسامح اهتمام الخليجيين بدراسة الأقلية اليهودية في المنطقة، كما فعل كل من د. يوسف علي المطيري والباحث يعقوب الإبراهيم في دراسة عن يهود الكويت، والباحث "حمزة عليان" في كتابه عن المسيحيين في الكويت، وكذلك صدور عدة دراسات عن اليهود في سلطنة عمان نشرتها مجلة الدراسات العمانية عام 2008.

ويتناول د. عبدالله المدني في كتابه الحالي نموذجاً نسائياً من يهود البحرين، مستفيدا من دراسة الباحث البحريني "علي الجلاوي" التي نشرها بعنوان "يهود البحرين- مئة عام من الخفاء"، ومستفيداً كذلك من كتابات الباحثة البحرينية الجنسية والبريطانية المولد، "نانسي إيلي يوسف خضوري"، عضو مجلس الشورى في البحرين منذ عام 2010 في بحثها المنشور بعنوان "من بدايتنا إلى يومنا الحاضر".

Form our Beginig to present day والمعروف أن الكثير من اليهود الخليجيين في الأزمنة المعاصرة جاؤوا من العراق وجنوب إيران إلى البحرين، واستأجروا للسكن في أحياء "المنامة"، عاصمة البلاد، في بنايات "راشد الزياني" و"هلال المطيري"، بالقرب من باب البحرين، ويقول الباحث إن بعض القادمين دخل في مشاريع تجارية، أما السيدات اليهوديات فقد عملن في التمريض "وتوجد وثائق تؤكد أن دائرة الصحة استخدمت في خمسينيات القرن العشرين بعض الممرضات كان بينهن يهوديات عراقيات، ومنهن من عملن بالخياطة".

ويتحدث الباحث المشار إليه "علي الجلاوي" عن يهوديتين قادمتين، أسلمتا في البحرين إحداهما "مسعودة شاؤول"- أم نجم- التي اشتهرت بخياطة "ثوب النشل" البحريني، وهو نوع من اللباس النسائي اشتهرت "أم نجم" تبطريزه بزخرفة "الزري" الذهبية- وأصل الكلمة من "زر" بمعنى ذهب بالفارسية و"زري" أي ذهبي.

ويقول د. المدني إنها أسملت فيما بعد وتزوجت لاحقاً من تاجر بحريني من "عرب الهولة" ممن كانوا يتاجرون في الحلويات اسمه "محمد علي أمين"، وانتقلت للعيش معه في حي القضيبية بالمنامة".

ويضيف د. المدني إن السيدة "أم نجم" ورثت ثروة معتبرة من زوجها بعد وفاته، "أوصت بتخصيصها لحفظ القرآن ورعاية الأيتام، في حين وهبت منزلها لدائرة الأوقاف السنية". ويقول :"من اليهوديات الأخريات الخياطة "روز" التي كانت أول امرأة في البحرين تستخدم مكائن الخياطة من نوع "سنجر" Singer" (ص192).

وهناك السيدة الأخرى واسمها "تفاحة حوقي" التي أسلمت كذلك "وتزوجت من بحريني كان مالكاً لعبّارة ينقل بها الناس ما بين المنامة والمحرق قبل افتتاح جسر الشيخ حمد في عام 1941".

ويذكر الباحث أن "أم جان" كانت من أصول تركية واسمها "فلورا جان" وكانت أشهر السيدات اليهوديات في الوسط الشعبي البحريني لقيامها بمهنة التوليد، متنقلة بين بيوت الأسر البسيطة مشياً على الأقدام "بحقيبتها السوداء مرتدية إيشارباً وفستاناً يصل إلى الركبتين"، وكانت قد اقترنت في العراق بشخص هندي وانتقلت معه إلى البحرين في أربعينيات القرن العشرين.

من الشخصيات الثقافية الخليجية التي يسلط د. المدني الأضواء على دورها، رائد الفن التشكيلي السعودي "عبدالحليم رضوي"... الملقب بالبروفيسور! ورغم تعقد وصعوبة مسار الفنون التشكيلية والنحت في المملكة العربية السعودية، فإن أول معرض فني في تاريخ منطقة الحجاز والمملكة العربية السعودية كان الذي نظمه الفنان "رضوي" في عام 1965 بجدة، "بحضور لفيف من الوجهاء علاوة على الصحافيين والمهتمين بالفن".

وكان ثاني معرض في تاريخ المملكة في مدينة الرياض، وأقيم لفنان ثان هو "محمد موسى السليم" (1938-1997) الذي توفي وحيداً داخل شقته في إيطاليا!

وإلى إيطاليا شد الفنان "رضوي" الرحال فور تخرجه من الثانوية سنة 1958 لدراسة الفن، معتمداً على نفسه حتى التقى سفير المملكة العربية السعودية هناك، فضمه إلى البعثة الحكومية حتى حصل على "ليسانس" في فنون الديكور عام 1964. فعاد إلى "جدة"، وانهمك في العمل الفني التشكيلي، فبلغ إنتاجه 3300 عمل فني ما بين الرسم و"الكولاج" والنحت والمجسمات والجداريات، قبل أن يتوفى بنوبة قلبية سنة 2006.

أما عدد المعارض الفنية التي نظمها لأعماله في مختلف دول العالم فتجاوزت المئة، وشملت معارض في أوروبا وأميركا، كما أنه كان قد نال درجة الدكتوراه من إسبانيا في الفنون، وأسس قبل ذلك "مركز الفنون الجملية" بجدة، كأول مؤسسة أهلية معنية بالفن، أغلقها صاحبها بداعي السفر إلى مدريد.. لنيل درجة الدكتوراه.

وتحدث د. المدني في كتابه عن النخب الخليجية من شخصيات وأسر اقتصادية وسياسية كالغانم والعتيقي، وسيكون مقالنا القادم حول كتاب د. المدني حول هذه الشخصيات.

معظم اليهوديات بالبحرين في خمسينيات القرن العشرين قدمن من العراق وعملن في التمريض والخياطة
back to top