سنام الأماكن

نشر في 17-12-2019
آخر تحديث 17-12-2019 | 00:10
قضيت في مكة المكرمة ساعة تعد لحظاتها عقوداً من السنين، حيث تم فتح باب الكعبة المشرفة ودخلنا إلى صحن الكعبة، وما كدت أضع قدمي على الدرجة الأولى للسلم حتى انتابتني قشعريرة هزت كياني من رأسي إلى أخمص قدمي، هل ما أنا فيه حلم أم حقيقة؟
 يوسف عبدالله العنيزي تحدثنا وكتبنا وتنقلنا بين مناطق العالم وأماكن رسخت في الذاكرة، ولن نستطيع نسيانها، ولكن يبقى سنام تلك الأماكن وقمة الذكرى أنها هبة من الرحمن، ففي الفترة بين (1974 و1977) عملت ملحقاً دبلوماسياً في سفارة دولة الكويت في جدة، وقد تشرفنا بتلقي دعوة كريمة من سمو الأمير الملكي فواز بن عبدالعزيز، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وكان وقتها أميراً لمكة المكرمة، وذلك للمشاركة في التشرف بغسل الكعبة المشرفة من الداخل.

ونظراً لغياب السفير المغفور له الشيخ بدر المحمد الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله- في إجازة فقد تشرفت بتلك المشاركة، وفي اليوم المحدد ركبت السيارة متوجها من مدينة جدة إلى مكة المكرمة في ساعة تعد لحظاتها عقوداً من السنين، وجال في خاطري تلك الهجرة المباركة التي قام بها «نبي الأمة» وسيد الأنبياء، محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في رحلة غيرت وجه التاريخ.

وصلت إلى المكان المحدد، وبدأت المراسم وتم فتح باب الكعبة المشرفة وبدأ ذلك الجمع الطيب بالدخول الى صحن الكعبة، وما كدت أضع قدمي على الدرجة الأولى للسلم حتى انتابتني قشعريرة هزت كياني من رأسي إلى أخمص قدمي، هل ما أنا فيه حلم أم حقيقة؟ وهل سأكون ضيفاً عند الرحمن في بيته العتيق؟ وهل حقاً حباني الرحمن بهذه الهبة من بين ملايين المسلمين، والتي لن يجود الزمن بمثلها؟

ولم يخرجني من بحور التفكير إلا صوت ذلك الشاب من المراسم الملكية السعودية، وهو يقدم لي زجاجة من العطر مع قطعة من القماش، وذلك لمسح جدران الكعبة المشرفة، بعد خطوات وجدت نفسي في أقدس مكان أشرقت عليه الشمس، فقمت بأداء ركعتين في كل ركن من أركان بيت الله الحرام.

بعد انتهاء الوقت المحدد وحين جاء موعد الرحيل رأيت خطوات ذلك الجمع الطيب وهي تتثاقل بالخروج وكأن أقدامها قد تسمرت في ذلك المكان الطاهر.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top