الحجاز!

نشر في 17-12-2019
آخر تحديث 17-12-2019 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم إلى جانب قداسة أداء فريضة العمرة، فإن زيارتي لمكة المكرمة والمدينة المنورة اقتضت مني أن أبحث عن جوانب أخرى اشتُهرت بها هاتان المدينتان المقدستان، وقد ساعدني على ذلك رسالة دكتوراه أهدتها إلي الدكتورة الباحثة سراب الشامي؛ تتناول فيها الآثار الفكرية والعلمية والثقافية، بل والفنية على امتداد تاريخ هاتين المدينتين.

***

• فللحجاز مكانة أدبية متميزة عبر التاريخ الإسلامي، وتتنوع تلك المكانة بين الدينية والعلمية والأدبية، وتبرز منذ ظهور الإسلام وتثبيت أركان دولته واستقرار قاعدته، فمن ذلك التاريخ أصبحت قلوب المسلمين تهفو في شتى بقاع الأرض إلى الأماكن المقدسة، حيث الكعبة المشرفة في مكة، ومثوى النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة... وتظهر المكانة العلمية للحجاز باعتباره مركزاً للثقافة ومجمعاً للعلماء، حيث يفد إليه في كل عامٍ منهم ما لا يشهده قُطر آخر، ومن أبرز ما اختص به علماء الحجاز في العهود الإسلامية الأولى: سيرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام وتدوين أخباره، وقد ذكرت كتب السيرة في أثناء بحثها عن حياته عليه السلام أماكن كثيرة في الحجاز وسكانها وعشائرها وتحديد مواقعها وعلاقة نبي الرحمة عليه السلام بها.

***

• من أبرز مراكز العلم ومدارسه في الحجاز:

1- مكة المكرمة، حيث كان المسجد الحرام من أعظم المراكز العلمية في الحجاز على الإطلاق، فهو مقر للتدريس وجامعة مفتوحة تُعقد فيها حلقات العلم المتنوعة، وقد نوَّه ابن جبير بحلقات العلم في المسجد الحرام في مكة وتعدد المذاهب، حيث كان لكل مذهب إمام مقدم للصلاة بطائفته... ولم يكن التعليم في المسجد الحرام وفق منهج محدد، بل كان الأمر متروكاً لكل عالم في تدريس المفيد والصالح من العلم، والطالب يتبع ميوله العلمية، فإذا برز في علمٍ استطاع اجتياز الامتحان فيه وأصبح مؤهلاً للتدريس في ذلك العلم، وقد برزت بعض البيوت في مكة المكرمة اختُصت بطلب العلم، وقد ظهرت في القرن السادس الهجري بيوتات مثل بيت الطبري والنويري وغيرهما، وقد زخرت مكتبات مكة المكرمة بنوعية نادرة من الكتب التي أشار إليها العديد من المؤرخين ومنهم الرحالة ابن بطوطة والنجيبي والبلوي وغيرهم.

2- المدينة المنورة: يأتي المسجد النبوي الشريف مركزاً ثانياً بعد مكة المكرمة، وقد توافرت الكتب في المدينة المنورة وتنوعت، فما من عالم صنَّف كتاباً بالمشرق أو بالسند أو الهند أو مصر أو العراق وغير ذلك من الأقطار إلا خصص نسخة لمكتبة المدينة المنورة، كما أن المسجد النبوي مقر لحلقات العلم الدينية والشروح والتفسير وتجويد القرآن الكريم.

ويحتوي المسجد النبوي على مكتبة كبيرة ضمت أمهات المجلدات من المصاحف والكتب التاريخية.

***

• وبعد انتقال الخلافة من الحجاز إلى العراق فالشام لم يؤثر ذلك على المكانة العلمية المقدسة للحجاز، كما حافظت على مكانتها الأدبية... فللحجاز تاريخ عريق في نفوس جميع المسلمين فوق هذا الكوكب.

back to top