بريطانيا: فوز جونسون الانتخابي يثبّت «بريكست»

البرلمان يصوّت على «الانفصال» قبل الميلاد... وضغوط على كوربين للاستقالة بعد إذلال «العماليين»

نشر في 15-12-2019
آخر تحديث 15-12-2019 | 00:04
جونسون متحدثاً أمس الأول أمام مقر الحكومة في لندن         (اي بي اي)
جونسون متحدثاً أمس الأول أمام مقر الحكومة في لندن (اي بي اي)
بات الطريق ممهداً أمام رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون لتحقيق وعده بإتمام «بـريكست» في موعده 31 يناير عقب الفوز الكبير الذي حققه في الانتخابات التي جرت الخميس ومنحته أغلبية مطلقة تسمح له باقرار اتفاق الخروج الذي توصل إليه مع الاوروبيين.
معيداً إلى الأذهان تلك الأغلبية التي حقّقها زعماء سابقون مثل مارغريت ثاتشر وتوني بلير، اعتبر رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون أن نصره الانتخابي هو انتصار لـ"بريكست" ومنحه تفويضاً ساحقاً بخروج بريطانيا، خامس أكبر اقتصاد في العالم وأحد أعمدة الغرب، من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في 31 يناير، داعياً في الوقت نفسه إلى "إغلاق" باب الانقسامات المتعلقة بالخروج، وذلك بعد توجيهه ضربة قاضية لمستقبل زعيم "حزب العمال" المعارض جيريمي كوربين.

وكان جونسون من أبرز وجوه الحملة الداعية لمغادرة الاتحاد في استفتاء 2016، وخاض الانتخابات تحت شعار "أنجزوا بريكست"، متعهداً بالخروج من الطريق المسدود وإنفاق المزيد على الصحة والتعليم والشرطة.

وحقق جونسون أكبر انتصار لحزب المحافظين منذ فوز تاتشر الساحق عام 1987، ووجه لطمة لمنافسه جريمي كوربين الاشتراكي، بحصوله على 365 مقعداً بأغلبية 80 مقعدا، بينما حصل "العمال" على 203 مقاعد.

وبهذه الأغلبية الكبيرة، سيتمكن جونسون من التصديق بسرعة على "بريكست" الذي أبرمه مع الاتحاد الأوروبي، ومن ثم سيكون بمقدور المملكة المتحدة مغادرة الاتحاد في 31 يناير، أي بعد 10 أشهر من الموعد الذي كان مقرّراً أصلاً.

واستحوذ المحافظون الذين ينتمي إليهم جونسون على حصة من الأصوات بلغت 43.6 في المئة، وهي أعلى نسبة منذ أول فوز انتخابي لتاتشر عام 1979، وأعلى مما حصل عليه بلير في أي من انتصاراته الانتخابية الثلاثة.

في المقابل، انهار "حزب العمال"، أكبر أحزاب المعارضة، مسجلاً أسوأ نتيجة منذ 1935، مما شكل ضربة موجعة لزعيمه جيريمي كوربين (70 عاما) الذي أعلن أنه لن يقود حزبه في الانتخابات المقبلة، معربا عن "خيبة أمل كبيرة".

لكن لم يقنع هذا الموقف الكثير من المعلقين الذي واصلوا الضغط على كوربين لإعلان استقالة فورية بعد نتائج اعتبرت مذلة لحزب العمال.

ويدفع كوربين ثمن موقفه الملتبس بشأن "بريكست"، إذ دعا إلى استفتاء جديد من غير أن يتخذ بنفسه موقفاً، وكذلك ثمن عدم اتخاذه خطوات حازمة حيال الاتهامات بمعاداة السامية في صفوف حزبه.

وبعدما أحدث الـ"بريكست" انقساماً في المملكة المتحدة، دعا جونسون إلى بدء "مرحلة العلاج". وقال من أمام مقر إقامته في "10 داونينغ ستريت"، أمس الأول، "أحضّ الجميع على أي جانب نحن فيه، وبعد ثلاثة أعوام ونصف من الجدل العقيم، على إغلاق الصفحة وتضميد الجراح وإفساح المجال للعلاج". وتابع: "أعلم بصراحة وبعد عملية انتخابية على مدى خمسة أسابيع، أن هذا البلد يستحق فترة راحة من التشاحن، راحة من السياسة، وراحة دائمة من الحديث عن بريكست". ومد يده إلى المؤيدين لأوروبا الذين لم يصوتوا له، مشدداً على رغبته في التركيز الآن على أولويات الناس كالطبابة والأمن والتعليم والبنى التحتية.

وتابع: "أرغب أن يشرع الجميع في الاستعدادات لعيد الميلاد وهم يشعرون بالسعادة والأمان، في حين تسارع حكومة الشعب فى القيام بأعمالها". وتابع: "أريد أن نجعل 2020 عاما من الرخاء والنمو والأمل، وأن نقدم برلمانا يعمل لمصلحة الشعب".

وذكر جونسون، أمس، أن النواب سيصوتون قبل أعياد الميلاد حول "بريكست".

ستيرجن

ولم تجد دعوات جونسون إلى وحدة الصف أصداء إيجابية لدى "الحزب الوطني الأسكتلندي"، الذي عزّز موقعه بفوزه بـ48 مقعداً مقابل 35 سابقاً، ما من شأنه تشجيع الميول الانفصالية.

وقالت رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستيرجن إن هذا النجاح "يعزز التفويض من أجل تنظيم استفتاء جديد حول مستقبل اسكتلندا المعارضة لبريكست"، بعدما فشل الانفصال عن بريطانيا في استفتاء أول عام 2014.

الا أن جونسون أبلغ ستيرجن، بأنه لن يكون هناك استفتاء جديد على الاستقلال ويتعين احترام نتيجة استفتاء 2014.

وقال مكتب جونسون، في بيان: "أوضح رئيس الوزراء أنه ما زال يعارض إجراء استفتاء ثان على الاستقلال، وأنه يقف إلى جانب أغلبية الشعب في اسكتلندا الذي لا يريد العودة إلى الانقسام وحالة عدم اليقين... وأضاف أن استفتاء عام 2014 كان حاسما ويجب احترامه".

أما في أيرلندا الشمالية، فتراجع الحزب الوحدوي الديمقراطي أمام "شين فين" الجمهوري، ما يطرح هنا أيضا مسألة وحدة المملكة.

الأوروبيون

وفي ردود الفعل، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال معلقاً على المهلة الضيقة المتبقية للتفاوض بشأن اتفاق تجاري مع بريطانيا بعد "بريكست"، إنه "من غير الوارد إتمام المفاوضات بأي ثمن، يمكن إتمام مفاوضات حين نعتبر أن النتائج متوازنة وتضمن مراعاة المخاوف".

وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أنه "سيكون لدينا منافس على أبوابنا بعد بريكست، مما قد يدفع الأوروبيين الى اتخاذ قرارات بوتيرة أسرع".

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "لا يجب على بريطانيا أن تصبح منافسا غير نزيه". وقال: "حان وقت الوضوح بعد أشهر من المماطلة، وأتمنى أن يصادق البرلمان البريطاني على اتفاق بريكست في أسرع وقت ممكن".

وشدد القادة الأوروبيون الـ27، أمس الأول، على دعمهم لـ"خروج منظم" لبريطانيا "على أساس الاتفاق" الذي أبرمه جونسون خلال القمة السابقة في أكتوبر.

وفي واشنطن، هنأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء البريطاني على فوزه "الرائع"، معتبراً أن ذلك سيفتح المجال لإبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.

الزعماء الأوروبيون يأملون خروجاً منظماً... ويدعون لندن إلى منافسة تجارية نزيهة
back to top