حبيب: «الخطاب المقدماتي» من أهم العتبات النصية للروائي

بوهرور رسم استراتيجيات النص خلال محاضرته في رابطة الأدباء

نشر في 15-12-2019
آخر تحديث 15-12-2019 | 00:00
حبيب بوهرور خلال المحاضرة
حبيب بوهرور خلال المحاضرة
قال د. حبيب بوهرور إن «الخطاب المقدماتي» جزء من شبكة العتبات النصية، ويعمل على توجيه القارئ نحو أفق من التوقع والتأويل، مما يشجع المتلقي على إنتاج اللغة الواصفة ضمن سلسلة من الخطابات المحفزة على توليد أكثر من دلالة.
أقام نادي القراءة برابطة الأدباء الكويتيين محاضرة بعنوان "الخطاب المقدماتي في الرواية العربية المعاصرة"، قدمها أستاذ نظريات النقد الحديث بجامعة الكويت د. حبيب بوهرور، وأدارها فيصل الحبشان.

وقال د. بوهرور إن "الخطاب المقدماتي يعتبر من أهم العتبات النصية التي يعتمدها الروائي المعاصر في رسم استراتيجيات النص والتصدير له عند المتلقي، بوصفه القارئ المفعّل للدلالات الوسيطة بينه وبين المعنى المضمر، الذي يحاول القبض عليه من خلال تلك اللواحق النصية الموجِهة تارة والمتسلطة تارة أخرى".

واعتبر أن هذا "الخطاب لا يخرج عن دائرة التوجيه الفكري والأيديولوجي، إنه خطاب موجه نحو النص والقارئ، بقصد بناء أو تحديد نمط القراءة المتوخاة"، مبيناً أن "هذه الوظيفة التوجيهية جزء من استراتيجية المقدِّم في تحديد علاقة النص بالقارئ".

العلاقات الوظائفية

وركز د. بوهرور من خلال المحاضرة على نوعين من الخطابات المقدماتية هما خطاب المقدمة الذاتي وخطاب المقدمة الغيري، معقبا بأن " كليهما في تقديري يؤسس لمجموعة من العلاقات الوظائفية المحيلة على الآخر وجوبا، بغية وضعه أمام ثلاثة أنواع أخرى من المقدمات، أولاها المقدمة المسترسلة وتكون في شكل مدخل أو بيان نقدي يتقدم عادة الروايات التي تعيد قراءة ومساءلة التاريخ من وجهة نظر خاصة، فيقوم خلالها الروائي بإعادة طرح الإشكالية التاريخية في سياقاتها المختلفة أمام المتلقي، وتحيله نحو المشاركة في إعادة قراءة التاريخ بأدوات الأدب في ضوء الراهن المعيش، مثلما فعل واسيني الأعرج في رواية الأمير، وعبد الإله بن عرفة في رواية ياسين قلب الخلافة وإبراهيم نصر الله في قناديل ملك الجليل".

وتطرق د. بوهرور إلى المقدمة العادية، وأوضح أنها تكون في روايات الخيال العلمي والعجائبية وروايات ما بعد الرومانسية أو الرومانسية الجديدة، كما هو الحال عند فيصل الأحمر، وأحلام مستغانمي في الأسود يليق بك، ونسيان كوم، أو في لها سر النحلة، وشارع إبليس لأمين الزاوي...الخ.

أما المقدمات الغامضة، فأوضح أنها هي التي تترك المتلقي في حالة من العماء لا تقوده بصيرته لولوج النص، إلا إذا ارتقى إلى مستوى الروائي وشاركه لعبة التخييل، "وندرك هذا في روايات رشيد بوجدرة ذات البعد الفلسفي الوجودي، خصوصا في رواية الصبّار الصادرة عام 2010، حيث يؤسس لنموذج مختلف من التقديم، ويعتمد الميتاقص من خلال استدعاء النصوص دون إدراكها في المتن ضمن لعبة فلسفية يجيدها رشيد بتميز".

أفق التوقع

وأكد د. بوهرور "أن الخطاب المقدماتي - وهو جزء من شبكة العتبات النصية- يعتبر وسيطا اجرائيا نقدي أساسيا في توجيه القارئ نحو أفق التوقع والتأويل من جهة، وهو ما يشجع المتلقي على إنتاج اللغة الواصفة ضمن سلسلة من الخطابات المحفزة على توليد أكثر من دلالة، ومن جهة ثانية يعمل على كسر قدسية النص كبنية لغوية مكتفية بذاتها لا تحيل إلا على ما هو محايث ضمن شبكة من الوسائط اللغوية الجافة".

وأضاف: "وعليه عملت الرواية المعاصرة، ومنها العربية، على الخلق الذاتي لمدركات تأويل النص عند المتلقي والكاتب معا، من خلال إعادة إنتاج آليات قراءة النص الروائي ووسائطه قراءة متعدية تغازل الذاتي واللغوي والايديولوجي معا، فتقود لا محالة نحو آفاق توقع متشابكة".

الخطاب المقدماتي لا يخرج عن دائرة التوجيه الفكري والأيديولوجي

المقدمة العادية تكون في روايات الخيال العلمي والعجائبية
back to top