حكومة مواجهة (3)

نشر في 10-12-2019
آخر تحديث 10-12-2019 | 00:08
"نمد يد التعاون للمجلس لكن التهاون للوصول إلى هذا التعاون مرفوض، وهذا ما لن أقبله"، جملة عليك تذكرها يا سمو الرئيس بوضعها على مكتبك لأنها الفيصل في طبيعة التعامل مع السادة أعضاء مجلس الأمة، ومن خلالها ستتحد ملامح النهج الحكومي.
 أ. د. فيصل الشريفي مجمل ما قاله سمو رئيس الوزراء خلال لقائه في الشأن المحلي مع رؤساء تحرير الصحف المحلية يدور حول محاربة الفساد من خلال تفعيل الأجهزة الرقابية وإعادة هيكلة أجهزة الدولة ودعوة المواطنين ممن لديهم معلومات أو أدلة على أي فساد بتقديم ما لديهم لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، حيث سيتم منح المبلِّغ كل الضمانات، ثم تحدث عن آلية مدّ يد التعاون لمجلس الأمة غير أن التهاون للوصول إلى هذا مرفوض، وهذا لن يقبله.

هذه العناوين الرئيسة التي أطلقها الخالد محل النقاش، وتحتاج إلى تعزيزها عملياً وعلى أرض الميدان كون أجهزة الدولة الرقابية هي المسؤولة، وتملك الكثير من المعلومات عن المخالفات الإدارية والمالية التي ارتكبتها مؤسسات الدولة، وهي كثيرة ومتعددة، ورئيس الوزراء الحالي يعرفها جيداً ولا يحتاج إلى من يدله عليها لأنه ليس بغريب عن العمل الحكومي، فقد تقلد المنصب الوزاري منذ عام 2006 وفي أكثر موقع ومع رئيسي وزراء سابقين.

مواجهة ملفات الفساد تحتاج إلى ثبات وإيمان وقوة وجدية، وإلى الجرأة في فتح الملفات القديمة مثل تعويضات الداو المليارية، والكشف عن مصير أموال التأمينات المنهوبة، ومحاسبة مديرها السابق، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى تخلي الحكومة عن مسؤولياتها في تنفيذ بعض المشاريع لصالح الديوان الأميري، ومتابعة من تضخمت حساباتهم بالسنوات العشر الأخيرة، والتعيينات التي حدثت دون مفاضلة، وغيرها من الملفات التي لا تعدّ ولا تحصى.

سمو الرئيس المواطن هو الآخر فاقد الثقة بنفسه قبل أن يفقدها بمؤسسات الدولة، فهو حبيس ثقافة كرستها المؤسسات ذاتها خلال السنوات الأخيرة، فكيف تطلب منه التفاعل مع قضية بحجم مكافحة الفساد والنتائج السابقة غير مشجعة، فأغلب من رفعوا هذه الراية تعرضوا للكثير من الضغوط النفسية والوظيفية؟ لذلك يا سمو الرئيس المطلوب منك شخصياً أن تبدأ بتبديد هذه المخاوف وإعادة الثقة من خلال تبنيك ملفات الفساد ومحاسبة المقصر مهما كان نفوذه وقوته، وساعتها لن يتأخر المواطن بالوقوف معك والانتصار لمسيرة الإصلاح.

سمو الرئيس الجملة التي ذكرتها في معرض لقائك مع رؤساء التحرير بأنك "تمدّ يد التعاون للمجلس وأن التهاون للوصول إلى هذا التعاون مرفوض، وهذا ما لن أقبله"، عليك تذكرها بوضعها على مكتبك فهي الفيصل في طبيعة التعامل مع السادة أعضاء مجلس الأمة، ومن خلالها ستتحد ملامح النهج الحكومي، والتي نأمل أن تصل إلى مكانها ضمن إطار فصل السلطات والتعاون فيما بينها، كما نص عليها دستور دولة الكويت، وتذكر قول الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه " لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه".

ودمتم سالمين.

back to top