«الوطني»: الحرب التجارية الأميركية تتخذ منعطفاً غير متوقع

تراجع الدولار على خلفية ضعف البيانات الاقتصادية وتصاعد المخاوف التجارية

نشر في 09-12-2019
آخر تحديث 09-12-2019 | 00:05
No Image Caption
سجّل الدولار أداء ضعيفا بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، حيث أدى تراجع بيانات قطاع الصناعات التحويلية إلى التأثير سلباً على توقعات النمو، واتخذت الحرب التجارية الأميركية منعطفا غير متوقع.

كما تراجع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن معهد إدارة التوريد للشهر الرابع على التوالي، إضافة إلى تراجع مستويات التفاؤل في ردود المديرين التنفيذيين ضمن قطاع الصناعات التحويلية.

وحسب تقرير أسواق النقد السبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، تستمر حالة عدم اليقين الاقتصادي في التفاقم، بينما تواصل الطلبات تراجعها وفقا لما أشار إليه المشاركون في الاستبيان.

ومن الواضح أن قطاع الصناعات التحويلية، الذي يمثّل 11% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، تعرّض لضغوط هائلة على خلفية ضعف النمو العالمي واستمرار الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم.

وقد تراجع مؤشر معهد إدارة التوريد إلى 48.1 في نوفمبر، مقابل 48.3 في أكتوبر، في وقت يعد أدنى بكثير عن مستوى التوقعات البالغ 49.2.

ويشير الإحصائيون في معهد إدارة التوريد إلى أن هذا المستوى يتوافق مع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي تبلغ نسبته 1.5%.

وعلى صعيد التجارة، فاجأ الرئيس الأميركي ترامب مسؤولي أميركا الجنوبية الأسبوع الماضي بإعلانه فرض رسوم جمركية على واردات الفولاذ والألمنيوم القادمة من البرازيل والأرجنتين. وصرح ترامب بأن التعريفات التي تم تفعيلها على الفور كانت ضرورية لأن "تُجري البرازيل والأرجنتين خفضاً ضخماً في عملتيهما، وهذا ليس أمرا جيدا لمزارعينا". ويسعى المسؤولون من كلتا الدولتين إلى البدء فورا في إجراء مفاوضات مع نظرائهم من الولايات المتحدة.

تجدر الإشارة إلى أن الأمر الذي أدى إلى تفاقم حدة الموقف هو أن الرئيس ترامب لم يبد أي إشارة في اليوم التالي لهذا الإعلان تدل على ضرورة إبرام صفقة مع الصين. وصرح للصحافيين قائلا: "ليس لديّ موعد نهائي"، وأضاف: "من بعض النواحي، أحب فكرة الانتظار إلى ما بعد الانتخابات لإبرام اتفاق مع الصين".

وسحقت تلك التصريحات مشاعر التفاؤل الأخيرة بشأن التوصل قريباً إلى "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري بين الطرفين. وأدت تعليقات ترامب إلى جانب البيانات الضعيفة لقطاع الصناعات التحويلية إلى تراجع الأسهم الأميركية بحوالي 2% في منتصف الأسبوع.

العجز التجاري وسوق العمل

وعلى الرغم من تدهور بيانات الصناعات التحويلية وتوتر البيئة التجارية، انخفض العجز التجاري الأميركي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ قرابة العام ونصف العام في أكتوبر بما يشير إلى إمكان مساهمة التجارة في تعزيز النمو الاقتصادي في الربع الرابع، حيث أعلنت وزارة التجارة أن العجز التجاري انخفض بنسبة 7.6%، ليصل إلى 47.2 مليار دولار، في ظل تراجع كل من الواردات والصادرات.

ومن الواضح أن الحرب التجارية التي استمرت على مدار 17 شهرا متواصلة مع الصين ساهمت في تقليص التدفقات التجارية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضر بالنمو المحلي والعالمي على المدى الطويل.

إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد تساهم قوة سوق العمل في استمرار دعم الإنفاق الاستهلاكي، حيث أظهرت بيانات أخرى يوم الخميس أن عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة انخفض بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، ليصل إلى أدنى مستوياته المسجلة في سبعة أشهر.

وإضافة إلى ذلك، تخطت الرواتب غير الزراعية التوقعات من خلال توفير 226 ألف وظيفة جديدة في نوفمبر، وهو معدل يتخطى مستوى التوقعات البالغ 181 ألف وظيفة، وانخفض معدل البطالة من 3.6% إلى 3.5%، في حين ارتفع متوسط أجور الموظفين الأميركيين بنسبة 0.2%.

انفصال المملكة المتحدة

كان الجنيه الإسترليني هو الأكثر حركة على صعيد أسواق العملات الأسبوع الماضي، حيث وصل إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ سبعة أشهر على خلفية ضعف الدولار على نطاق واسع وتوقعات انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي.

وأظهرت استطلاعات الرأي البرلمانية في المملكة المتحدة استمرار تصدر حزب المحافظين الحاكم برئاسة بوريس جونسون قبل موعد الانتخابات المقرر إجراؤها هذا الأسبوع. وأظهر الاستطلاع أن نسبة تأييد حزب المحافظين بلغت 44%، بينما لم يطرأ أي تغيير على معدلات المنافس الرئيسي المتمثل في حزب العمال، والذي حظي بنسبة 32%.

ومن شأن فوز حزب المحافظين بأغلبية المقاعد البرلمانية أن ينهي فعليا حالة الجمود التشريعي التي أصابت البرلمان، بما يفتح المجال أمام انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في يناير.

وفي واقع الأمر، تعهّد جونسون بإعادة التشريع الخاص بتنفيذ اتفاقية الانسحاب من لاتحاد الأوروبي على طاولة مناقشات البرلمان قبل عطلة عيد الميلاد، لضمان الالتزام بالموعد النهائي المقرر في شهر يناير.

بيانات التصنيع والخدمات البريطانية

وفي غضون ذلك استمر تدهور أداء قطاع الصناعات التحويلية بالمملكة المتحدة في نوفمبر، حيث ظهرت ردة فعل الشركات تجاه تأخير انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في أكتوبر، وزادت حالة عدم اليقين على خلفية الانتخابات العامة المقبلة.

وانخفضت الطلبات الجديدة للشهر السابع على التوالي، خلال نوفمبر، بما يعكس ظروفا بالغة القسوة في الأسواق المحلية والخارجية، وعزت الشركات هذا الوضع إلى التخلص من المخزون، وتحويله للعملاء بعد تأخير انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، واستمرار الشكوك المحيطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والتجارة العالمية.

ويعد معدل تراجع طلبيات التصدير الجديدة من أدنى المعدلات المسجلة على مدى السنوات السبع الماضية. من جهة أخرى، تخطى مؤشر مديري المشتريات التصنيعي بالمملكة المتحدة في نوفمبر التوقعات وإن لم يتجاوز مستوى 50 الدال على التوسع، حيث وصل إلى 48.9.

أما على صعيد مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات فقد تراجع إلى 49.3 في نوفمبر، مقابل 50.0 في أكتوبر، بما يشير إلى انخفاض هامشي في ناتج قطاع الخدمات. ورغم ارتفاع المؤشر عن قراءته السابقة وصولا إلى 48.6 في نوفمبر، فإنه لا يزال يشير إلى الانخفاض الحاد الذي صاحب النشاط التجاري منذ مارس، وأشار المشاركون في الدراسة الاستقصائية إلى أن حالة عدم اليقين السياسي على المستوى المحلي أدت مرة أخرى إلى اتباع سياسات الحذر في الإنفاق التجاري والاستهلاكي.

شهادة رئيسة «المركزي» الأوروبي

شاركت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، التي تولت مهام عملها مؤخرا، أولى جلسات الاستماع أمام البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، وتحدثت خلالها عن الوضع الاقتصادي الحالي.

وصرحت لاغارد بأن نمو منطقة اليورو لايزال ضعيفا، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.2% فقط على أساس فصلي في الربع الثالث من عام 2019، وأرجعت هذا الضعف بشكل رئيسي إلى العوامل العالمية، كما لا تزال توقعات نمو الاقتصاد العالمي ضعيفة وغير مؤكدة.

وأضافت أن تلك الأوضاع تساهم في خفض الطلب على السلع والخدمات بمنطقة اليورو، كما تؤثر على معنويات أنشطة الأعمال والاستثمار، مؤكدة أن موقف السياسة التيسيرية، الذي يتبعه البنك المركزي الأوروبي، كان محركا رئيسيا لتحفيز الطلب المحلي خلال فترة التعافي، ولا يزال هذا الموقف ساريا.

الناتج المحلي الإجمالي

أظهرت البيانات نمو اقتصاد منطقة اليورو بوتيرة متواضعة في الربع الثالث من العام، في ظل التأثير السلبي على صعيد التجارة، بينما تراجعت مبيعات التجزئة بأعلى معدل لها هذا العام في أكتوبر.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو 0.2% في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وهو نفس الرقم الذي تم الإعلان عنه في أكتوبر، كما أنه ظل ثابتا ولم يتغير عن معدلات الربع الثاني.

وانخفضت مبيعات التجزئة بمنطقة اليورو في أكتوبر بنسبة 0.6%، أي ضعف المعدل المتوقع وفقا لاستطلاعات "رويترز"، وارتفعت بنسبة متواضعة بلغت 1.4% على أساس سنوي، ويعتبر معدل التراجع الشهري هو الأشد انخفاضاً على مدار عام 2019.

back to top