«إثراء» الظهران تحفة معمارية تبهر الزائر بصورة لم يعهدها

المركز يقدم مشهداً مختلفاً تماماً عن السعودية

نشر في 09-12-2019
آخر تحديث 09-12-2019 | 00:00
مركز إثراء
مركز إثراء
على هامش مؤتمر الفكر العربي في الظهران، ومن خلال جولة قامت بها "الجريدة"، لمست مدى التطور والصورة الجديدة التي تظهر بها السعودية حالياً.
ونحن في مدينة الظهران قلب "أرامكو"، للمشاركة في مؤتمر الفكر العربي السابع عشر، كان السؤال الذي يلح على الجميع: كيف وجدتَ السعودية؟ وهل لمستَ التغيير؟

ما إن تدخل مركز "إثراء" العالمي، وهو بالمناسبة تحفة معمارية تبهر الزائر، بنيت في المكان الذي اكتشف فيه النفط لأول مرة، حتى تلمس صورة مغايرة لم تعهدها من قبل... فتاة أوروبية تجلس أمام البيانو تعزف ألحانا موسيقية غربية، وشباباً سعوديين في زاوية أخرى يؤدون نغما جميلا على العود والطبلة، وأينما أدرت وجهك في معظم الزوايا والطوابق فهناك بنات سعوديات يرافقنك في جولتك، ويشرحن لك بمهارة، ويتقنَّ اللغتين العربية والإنكليزية عن كل ما له علاقة بهذا المركز الذي استهلك أنابيب معدنية تغطي المسافة من مدينة الخبر إلى العاصمة الرياض.

صورة مصغرة

اليوم نحن أمام مشهد مختلف تماما عن السعودية ومركز "إثراء" صورة مصغرة لما تعيشه المملكة من دخول الى مرحلة جديدة فيها الحداثة وفيها الانفتاح على الثقافات والتجارب الإنسانية العالمية.

مع إحدى السيدات السعوديات اللواتي يعملن في"أرامكو"، جلسنا نتحدث، وانضم إلينا عدد من الزملاء والباحثين العرب، ومنهم مدير تحرير جريدة "الجريدة" الزميل ناصر العتيبي، حيث أبدت السيدة استغرابها من الصورة المغلوطة عن المرأة السعودية عند الكثير من العرب والغرب، ثم راحت تشرح بلغة راقية مطعمة بمفردات إنكليزية حقيقة مشاركة المرأة، ليس فقط في قيادة السيارة بل في عدة قطاعات منتجة وفاعلة فيها، على مستوى الجامعات والطب والمحاماة والعمل الوطني.

محافظة القطيف

وقد تكون المنطقة الشرقية، بحكم جغرافيتها الممتدة على عموم محافظة القطيف وغيرها من المناطق الشاسعة جدا، أقرب للتعرف على أوجه التغيير التي حدثت أو التي يتوقع المعنيون قرب نتائجها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والتنموي.

وإلى جزيرة "تاروت"، التي تم ردم معظم أراضيها في البحر، تلقينا والمشاركين في ندوة بالمؤتمر حول المواطنة والدولة، دعوة من أحد أبناء المنطقة لزيارتها، واصطحبنا مع مجموعة من المفكرين والمثقفين الزائرين، من المغرب وسورية ولبنان والعراق، وقطعنا المسافة من مركز إثراء في الظهران إلى تاروت بالسيارة في أقل من ساعة، وكان اللقاء مع كوكبة من أبناء القطيف، في منتدى الثلاثاء الأدبي، والذي يديره شاب سعودي طموح يحمل هماً وطنياً ومجتمعياً قائماً على الاعتدال والتنمية الثقافية.

التعددية الفكرية

وفي تلك الأمسية وجدنا مجاميع مثقفة من أجيال ومهن مختلفة تواظب على إنتاج خطاب ثقافي متواصل على مدار العام، تسعى للحوار والتواصل بين المثقفين، وتؤمن بالتعددية الفكرية تحت سقف الدولة والمملكة.

هنا كان التغيير من حيث علاقة المواطنة بالدولة، كأبرز التجليات التي لمسناها وانعكست إيجاباً على تلك الفئات المجتمعية، وكانت المرأة السعودية حاضرة في تلك الأمسية التي ضمت أطيافاً من المجتمع.

وفي كل عام تختار مؤسسة الفكر العربي عنوانا رئيسيا لمؤتمرها والتقرير السنوي الذي تصدره، فكانت فلسطين هي الحدث، ومن قلب الظهران جرت نقاشات نحو فكر عربي جديد، هي أشبه بمعمل أفكار، وتم طرح أسئلة شملت الفكر العربي وثقافته وقضاياه.

وما يمكن استخلاصه من هذا الحراك الثقافي، الذي يرعاه الأمير خالد الفيصل شخصيا، من خلال المؤسسة التي تستجمع النخب العربية وتدير حواراتها بجهود وكفاءات العاملين فيها،وعلى رأسهم د. هنري العويط،أننا نحتاج إلى عقل عربي ينتج بنفسه وإصلاح هذا العقل بموازاة إصلاح الخطاب الديني، والأهم تجديد هوية المواطن العربي وشكل الدولة ومفهوم الانتماء والتشارك الحقيقي في البناء.

فلسطين بعنوانها مرايا للفكر والثقافة والإبداع كانت هي القضية والمحور، وتلك هي الرسالة التي أراد منظمو المؤتمر إيصالها، وهذا ما تحقق لهم.

back to top