أولاً وأخيراً: فساد الخبراء

نشر في 06-12-2019
آخر تحديث 06-12-2019 | 00:04
 مشاري ملفي المطرقّة كشف حكم محكمة التمييز الخاص بإبطال تعيين ٥٦٠ خبيراً في وزارة العدل عن خطورة الفساد الإداري ووضع يده على مكامن المحسوبيات والواسطات التي تتدخل في تعيين الموظفين في جهات الدولة وإقصاء المتميزين لمصلحة المتنفعين والمتسلقين، وإن كان هناك من الخبراء المشمولين بقرار إلغاء التعيينات قد تعرّضوا لظلم بيّن خصوصاً أنهم وفقاً للحكم القضائي الذي نحترمه ونقدره جميعاً سيتم حرمانهم من التقدّم للوظائف مرة أخرى، رغم أنهم من أصحاب الكفاءات وبذلوا جهوداً كبيرة منذ توليهم مهام أعمالهم، وأثبتوا وجودهم بقوة كبيرة بشهادة الكثيرين من داخل وزارة العدل وخارجها. ومع اعترافنا بأن القضاء الكويتي النزيه كعادته دائماً انتصر للحق والعدالة، وفضح من خلال حكمه التاريخي في قضية الخبراء تجاوزات ومخالفات صارخة للقانون، تحدث في الجهاز الإداري للدولة الذي ترهل وأصبح مفعما برائحة الفساد، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يكون هناك فرز للغث من السمين، وألا يكون هناك قرارات معممة بفصل موظفين أكفاء لا ذنب لهم إلا أن تعيينهم تم في المسابقة نفسها التي التحق بها فاسدون وصلوا إلى وظائف ومناصب لا يستحقونها، ويجب على المسؤولين ألا يتعاملوا مع قضية الخبراء بمنطق "الحسنة تخص والسئية تعم"، إنما تتم دراسة كل ملف من ملفات الذين تم إبطال تعيينهم على حدة، وإعطاء كل ذي حق حقه، خصوصاً أن هؤلاء لديهم عوائل يعولونها وتجريدهم من وظائفهم سيؤثر عليهم سلبا ويسبب لهم الكثير من المشاكل.

ولعل ظهور قضية الخبراء في هذا التوقيت بالذات يتيح الفرصة أمام سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد وحكومته الجديدة للمضي قدماً في إجراءات إصلاح الخلل في الهيكل الإداري للدولة، والذي أصابته العديد من الأمراض على مدار ٦٠ عاماً، ومحاربة الفساد الذي استشرى في الوزارات والهئيات الحكومية، كما أن هذه القضية يجب أن تأخذ نصيبها من اهتمامات نواب مجلس الأمة، لدراستها وتحليلها وسن التشريعات اللازمة لعدم تكرارها، وأن يكون هناك قواعد للتعامل مع مثل هذه القضايا، حتى لا يظلم أحد، كذلك يجب أن يتم تحديد هوية المسؤولين الحقيقيين عن الفساد الذي حدث أثناء التعيينات، ومن هم الذين مرروا نتائج الاختبارات المتدنية، واعتمدوا المقابلات الشخصية دون أن يتم إجراؤها، وفضحهم أمام الرأي العام ومحاسبتهم. إن قضية الخبراء قضية حساسة يجب معالجتها سريعاً وبطريقة حكيمة للحد من آثارها وارتداداتها على الأسر الكويتية التي تأثرت بقرار إلغاء التعيينات، وكذلك للحفاظ على سمعة وكرامة المؤسسات الكويتية التي أصبحت محط الشبهات والقيل والقال.
back to top