72 عاماً على التقسيم

نشر في 02-12-2019
آخر تحديث 02-12-2019 | 00:20
 أ.د. غانم النجار في زمن مضى كانت هناك قضيتان عنصريتان رئيستان، فلسطين وجنوب إفريقيا. بالطبع العنصرية وممارساتها موجودة في كل المجتمعات، إلا أن بعض المجتمعات يمارسها بفجاجة، وبعضها يحاول التخفيف منها بجدية، وبعضها يزعم أن قيمه الدينية والتراثية ضد العنصرية ويمارس بالواقع عكسها. الفارق في الحالتين أن تلك الممارسات تحولت من ممارسات إلى قوانين، فتصبح حينها عنصرية مقننة. ومع ذلك سارت التحولات منذ القرن الثامن عشر باتجاه مناهض للعنصرية، كإلغاء الرق ومكافحة مفهوم العبودية وإنصاف السكان الأصليين، وهي مسيرة مستمرة بغض النظر عن إخفاقات هنا ونجاحات هناك.

ولأسباب عديدة حظيت جنوب إفريقيا بالصدارة في مكافحة العنصرية.

انتهى نظام الابارثايد بجنوب إفريقيا، ولم تنته مشاكل جنوب إفريقيا كدولة، مع الفساد والعنف الداخلي والتنمية وتراجع المعيشة.

بدأت الهجرة اليهودية المنظمة لفلسطين بدايات القرن العشرين، وأغلبهم صهاينة من أوروبا وروسيا، وحاول العرب إيقافها دون جدوى. وفي 1929 بدأت معارك مفتوحة بين الطرفين. بريطانيا، التي كانت قد أعلنت في 1917 ما عرف بإعلان بلفور، بالتعهد بوطن قومي لليهود، كانت لديها وصاية على فلسطين منذ الحرب العالمية الأولى، فقامت جماعات عسكرية إرهابية يهودية بأعمال إرهابية ضدها.

وفي سنة 1945 تبنت الولايات المتحدة الرؤية الصهيونية. وزادت "المحرقة" أو هولوكوست خلال الحرب الثانية من أعداد المهاجرين اليهود. أحالت بريطانيا الموضوع إلى الأمم المتحدة، المؤسسة حديثاً بعد فشل تجربة عصبة الأمم، وفي 29 نوفمبر 1947 تم التصويت على تقسيم فلسطين، فأعطت اليهود أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية، رغم أن عدد اليهود كان لا يتجاوز نصف عدد الفلسطينيين. قاوم الفلسطينيون مع متطوعين عرب القوات الصهيونية، إلا أنهم تمكنوا من الحفاظ على المساحة التي صوتت الأمم المتحدة بها لصالحهم، إضافة إلى مناطق أخرى. وفي 14 مايو 1948 انسحبت بريطانيا من فلسطين لانتهاء الانتداب، وأعلن بن غوريون استقلال إسرائيل. وحينها دخلت فلسطين قوات من مصر والأردن وسورية ولبنان والعراق، لكن لأسباب عديدة، منها الخيانة، والإسناد الغربي والشرقي، تمكنوا من الاحتفاظ بمواقعهم، إضافة إلى مساحات واسعة أخرى كالساحل الفلسطيني.

وأدى ذلك الأمر إلى حدوث أكبر وأقدم ظاهرة لجوء في التاريخ الحديث، تضرر منها آلاف الفلسطينيين، فمن كان طفلاً عمره سنة صار عمره 72 عاماً. وبعد اثنين وسبعين عاماً تتراجع القضية الفلسطينية ولا تتقدم، والنظام الصهيوني يزداد عنصرية، خاصة بعد القانون الأخير، الذي انتقده العديد من الصهاينة أنفسهم الذين يحذرون من أن ذلك سيؤدي إلى القضاء على إسرائيل من الداخل.

وخلاصة القول أنه ما لم تحل القضية الفلسطينية بشكل عادل وإنساني يعيد الحقوق إلى أصحابها فإن الحديث عن علو القيم الإنسانية يصبح كلاماً في الهواء.

back to top