«التمييز»: سداد الغرامة لا يعني علم المتهمين بقضايا جنح المرور ويجب إعلانهم

«إعلان الأحكام الغيابية أو ثبوت صدورها بحكمٍ باتٍّ يسمح بطلب التعويض»

نشر في 19-11-2019
آخر تحديث 19-11-2019 | 00:00
المستشار عبدالهادي العطار
المستشار عبدالهادي العطار
قضت محكمة التمييز التجارية برئاسة المستشار عبدالهادي العطار بعدم اعتبار سداد الغرامات المحكوم بها في القضايا الجزائية يحل محل الإعلان في الأحكام الجزائية الغيابية، وبضرورة أن يتم إعلان المحكومين في هذه القضايا.

ولفتت «التمييز»، في حيثيات حكمها، إلى ان سداد الغرامة لا يقوم مقام الإعلان ولا يفيد بذاته صيرورة الحكم الجزائي باتّاً، حتى يضحي ذا حجية ملزمة للقاضي المدني.

وقالت إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الثالث المتهم قضى ضده غيابيا بتغريمه مائتي دينار في الجنحة مرور سند الدعوى، وكان الثابت انه قد علم علما يقينا بهذا الحكم، حيث قام بسداد الغرامة المحكوم بها وفقا للشهادة الصادرة عن الادارة العامة لتنفيذ الاحكام، وأنه لا يستقيم ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من ان سداد الغرامة لا شأن له بنهائية الحكم الغيابي، وأن الاوراق خلت مما يفيد إعلان المتهم بالحكم الجزائي أو انه هو من قام بسداد الغرامة، اذ لا يتصور ان يقوم شخص آخر غير المتهم بسداد الغرامة المقضي بها عليه، وأن القول بخلاف ذلك يجعل المجني عليه ينتظر كثيرا حتى يستطيع الحصول على حقه في التعويض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه الى قبول الدفع المبدى من المطعون ضدها - شركة التأمين - بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان لعدم صيرورة الحكم الجزائي نهائيا؛ فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.

وتابعت أن هذا النعي مردود، ذلك انه من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن الحكم الجزائي لا تكون له قوة الشيء المحكوم به امام المحاكم المدنية، الا اذا كان باتاً لا يقبل الطعن فيه، إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه، وإما لفوات مواعيدها، وأن الاعلان بالحكم الجزائي الغيابي هو الذي يبدأ به سريان الميعاد المحدد في القانون للطعن في الحكم بالمعارضة، ولا يقوم مقامه تنفيذ المحكوم عليه للحكم، وأنه يجوز للمجني عليه حتى ولو لم يدّع مدنياً أن يقوم بإعلان المتهم بالحكم الغيابي، حتى يتوصل لأن يصير الحكم باتاً، ذلك أن نصوص قانون المرافعات وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية لم تشترط صفة خاصة في طالب إعلان الحكم الغيابي، وإنما جعلت غايتها ضمان علم المحكوم عليه بالحكم الذي صدر في غيبته، حتى يبدأ احتساب ميعاد الطعن.

وأوضحت المحكمة أن الطاعن كان أقام دعواه بطلب إلزام المطعون ضدهم من الاولى حتى الثالث بأن يؤدوا له المبلغ المطالب به، استناداً الى حجية الحكم الجزائي الصادر غيابيا في الجنحة، واستند في اثبات نهائية الحكم المذكور وصيرورته باتاً، إلى الوصف الذي اطلقته عليه ادارة الكتاب أخذا من سداد المتهم المطعون ضده الثالث للغرامة المقضي بها، وكان ذلك البيان لا يقوم مقام الإعلان ولا يفيد بذاته صيرورة الحكم الجزائي باتاً حتى يضحى ذا حجية ملزمة للقاضي المدني. وإذ خلت الاوراق من الشهادة الدالة على اعلان الحكم وفوات مواعيد الطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف فإن تعييب الحكم المطعون فيه لقضائه بقبول الدفع المبدى من الشركة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان يكون غير صحيح، ومن ثم غير مقبول، ويكون النعي على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

back to top