رحيل ناصر الساير

• أحد رموز النجاح في التجارة والسياسة
• ارتبط اسمه بـ «تويوتا اليابانية» للسيارات منذ عام 1954
• أول من نادى بربط وصف «العربي» بالخليج... وناصر الحقوق السياسية للمرأة

نشر في 15-11-2019
آخر تحديث 15-11-2019 | 00:04
فقدت الكويت أحد رجالات الاقتصاد في البلاد، وهو العم ناصر محمد الساير عن عمر تجاوز 89 عاما.

وقد ارتبط اسمه رحمه الله بشركة تويوتا للسيارات، فهو المؤسس لفرع الشركة في الكويت عام 1954، ومن خلالها تم تأسيس مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده، ولم يكتف الراحل بالعمل الاقتصادي بل أتبعه بالسياسي عبر دخوله مجلس الأمة عام 1971.

الولادة والتعليم

ولد الراحل عام 1929، والتحق بداية بمدرسة العنجري الأهلية، حيث تعلم القرآن الكريم والكتابة والقراءة، ثم أكمل تعليمه النظامي في مدارس المباركية ثم الأحمدية وختمها بالمدرسة القبلية عام 1943، ولرغبته في تعلم اللغة الإنجليزية طلب من والده الالتحاق بمدرسة هاشم القناعي، ثم التحق بمدرسة المعلم العراقي "إسرائيل" (مسيحي من أصل عراقي)، الذي درس لديه أغلب أبناء الكويت قديماً.

ولأن التعليم في زمانه كان مقتصرا على مرحلة الصف الرابع المتوسط، سافر رحمه الله إلى البحرين ليستكمل تعليمه الثانوي، بعد أن سبقه إليها شقيقه الأكبر بدر الساير، فوجد الحال هناك كما في الكويت، فغير وجهته إلى بيروت، ووجد المدارس مغلقة بسبب العطلة الصيفية، فعاد إلى الكويت ليبدأ رحلته العملية والتجارية، ويساهم كما ساهم كثير من أبناء الكويت في توريد وتصدير البضائع الغذائية والإنشائية.

رحلة العمل

يمكن اعتبار البحرين البداية الحقيقية للراحل في حياته العملية، فمن هناك رافق التجار وأخاه الذي أسس شركة في المنامة مع شريكه خالد عبدالعزيز السعدون، فتعلم منهما أسرار المهنة وأصول العمل التجاري، وواصل تعلم اللغات فأتقن الإنجليزية والفارسية والأوردية.

ثم عاد إلى الكويت متسلحا بسلاحي العلم وحب العمل، فقد كانت البحرين مركزا من المراكز التجارية العريقة في المنطقة، لكن بدايته كانت من خلال العمل في الأنشطة الاجتماعية التي لم تكن منتشرة قديما، ولم يكن يعلم الشباب أين يقضي وقت فراغه، فانضم إلى نادي المعلمين الذي تأسس عام 1949، وساهم في نشاطاته الاجتماعية والثقافية، ثم اتجه للعمل التجاري، مستفيدا من الخبرة التي اكتسبها من العمل مع أخيه في البحرين، كما أنه نشأ في عائلة احترفت التجارة، وعملت بها لسنوات طويلة، لذلك لم يعمل في القطاع الحكومي.

وسافر إلى الهند ليبدأ مشوار التجارة فيها، إذ قام بشراء بعض البضائع والسلع التي كانت تُدر عليه الربح القليل، راضيا بما قسمه الله، فهو لايزال شابا في مقتبل العمر، وشاهد من خلال قراءاته المتعددة خزانات المياه التي لم تكن معروفة في الكويت، فشعر باحتياج السوق الكويتي لها، وبدأ يراسل الشركات الواحدة تلو الأخرى، حتى تمكن في خمسينيات القرن الماضي من استيراد هذه الخزانات من إحدى الشركات الإنجليزية وبيعها في السوق المحلي، ولم يكتف بذلك بل قام باستيراد مضخات المياه والأغذية والأصباغ ومولدات الكهرباء والأخشاب وعمل بتجارة الذهب.

وتطورت علاقته بالبيع والشراء، فدخل سوق السيارات من خلال استيراده سيارتين من نوع سكودا، باعهما لأشخاص من الجالية الأرمنية، أما "تويوتا" فكانت لها قصة أخرى.

قصته مع «تويوتا»

لا يعرف الكثير من الناس أن حبه للصيد والقنص كان المفتاح لامتلاكه واحدة من أكبر الوكالات في الشرق الأوسط وهي سيارات تويوتا، فقد كان رحمه الله دائم التفكير في وجود سيارة تقهر الصحراء والرمال في رحلاته إلى الصيد.

ولأنه كان يحب القراءة كثيرا توصل إلى قراءة إعلان في إحدى المجلات عن سيارة دفع رباعي لاند كروزر، وكان هذا في أوائل الخمسينيات، فراسل الشركة المصنعة لهذه السيارة بهدف امتلاك التوكيل الخاص بها، وجاء الرد من الشركة بأن عليه أن يبدأ باستيراد سيارتين أولا، وهذا ما حصل فعلا عام 1954، حيث استوردهما وباعهما لدائرة الأشغال بـ8000 روبية للسيارة الواحدة.

وشعر بأن تحقيق حلمه بات قريبا، فسافر إلى اليابان عام 1955 بغية الحصول على توكيل من الشركة، وبعد رحلة طويلة استغرقت 45 يوما، وصل إلى اليابان وزار مصنع تويوتا، وبدا التفاهم واضحا بينه وبين المسؤولين في إدارة التصدير بالمصنع فحظي بثقتهم، وتم الاتفاق على أن يكون رحمه الله الموزع المعتمد للشركة في الكويت والخليج ولبنان.

وكانت فكرة استيراد السيارات اليابانية محل رفض وتشكيك من المحيطين به، لكنه ثابر واجتهد حتى أصبحت فكرته عنوانا للنجاح والامتياز، ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الشركة عن التوسع وتنويع نشاطها، الذي شمل الإطارات وزيوت السيارات والأصباغ والتأمين وصناعة المرطبات والهندسة وصناعة المعدات النفطية، واندمجت جميعها تحت مسمى مجموعة الساير.

العمل السياسي

بعد أن شق طريقه بنجاح واقتدار في عالم المال والاقتصاد، قرر الراحل خدمة وطنه هذه المرة عن طريق السياسة، التي اختار الولوج في عالمها عبر بوابة مجلس الأمة، والكثير من شباب الكويت في فترة الخمسينيات كانت لديهم الرغبة في دخول المجلس.

وعُرف عنه شغفه بمتابعة البرامج الحوارية من خلال إذاعة لندن، كما كان من المتابعين لما يجري داخل البرلمان المصري عبر الاستماع إلى إذاعة القاهرة، فضلا عن متابعته لجلسات مجلس الأمة الأول والثاني بالكويت.

هذا كله دفعه إلى الترشح لانتخابات مجلس الأمة عام 1971 عن الدائرة الثالثة، حيث حصل على 751 صوتا، وفاز بعضوية المجلس، كما تم انتخابه عضوا في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة شؤون العاملين، وتميزت لجان المجلس الثالث بالالتزام في حضور الجلسات والعطاء.

ومنذ دخوله البرلمان، عمل بجد ونشاط من أجل رفعة الكويت، فقد كان الجميع يعمل لما فيه مصلحة الكويت أولا وأخيرا، فكان من أكثر المجالس إنجازا للقوانين، وهو أول من نادى بربط كلمة العربي بالخليج حفاظا على الحقوق القومية، من خلال اقتراح برغبة تقدم به عندما كان نائبا في المجلس، ووافقت عليه اللجنة التشريعية في يوليو 1972.

ولعل أهم إنجازات هذا المجلس تأميم النفط من الشركات الأجنبية عام 1975، كما تم إقرار قانون الوصية وقانون إنشاء إدارة شؤون القصر، كما أقر للموظفين بنفس الفترة قانونا بتعديل جداول ومرتبات الموظفين والمستخدمين والعمال وفئات العلاوة الاجتماعية.

وكان رحمه الله من المؤيدين لحصول المرأة على كل حقوقها السياسية في الترشح والانتخاب، كما كان من المطالبين بأن تكون الكويت دائرة انتخابية واحدة، ولم يكن يرغب في وجود تيارات أو انتماءات داخل المجلس، فالقوة مع الجماعة وليست مع الفرقة.

لقد كان الفقيد نموذجا للعمل والعطاء وقدوة يحتذى بها، ومثالا للرجل الناجح الذي بدأ مسيرته بفكرة بسيطة رآها في مجلة أسبوعية هي سيارات الجيب، وأصبحت الآن مجموعة واسعة تضم العديد من الشركات المتنوعة في كل المجالات، وهي مجموعة الساير.

"الجريدة" التي آلمها هذا المصاب الجلل تتقدم إلى أسرته الكريمة بأحر التعازي، سائلة المولى عز وجل أن يلهم أهله وذويه، ويلهمنا الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل.

السيرة الذاتية

• الاسم: ناصر محمد ناصر الساير.

• الميلاد: 29 ديسمبر 1929.

• عضو نادي المعلمين الذي تأسس عام 1949.

• عضو مجلس الأمة الثالث عام 1971.

• عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت.

• عضو سابق بالمجلس الأعلى للمعاقين.

• عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعة.

• نائب رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة المال الكويتية.

• رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة دار الاستثمار.

• رئيس مجلس الإدارة السابق للشركة الوطنية الدولية القابضة.

• نائب رئيس مجلس الإدارة السابق لمركز الخليج المالي.

• نائب رئيس مجلس الإدارة الأسبق لشركة الاسكندرية للملاحة والنقل بمصر.

• عضو مجلس الإدارة في المنظمة الإسلامية العالمية الخيرية.

• مؤسس شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده.

• مؤسس شركة بحرة التجارية.

• مؤسس مصنع الساير للمرطبات.

• مؤسس مصنع الكويت لعلف الحيوان.

• مؤسس شركة مشاريع الساير المحدودة.

• مؤسس شركة الساير لوساطة التأمين بالعمولة.

• مؤسس شركة الساير الطبية.

• رئيس مجلس إدارة مجموعة الساير القابضة.

الراحل بدأ نجاحه من فكرة صغيرة التقطها من مجلة أسبوعية

فقيد الكويت رمز مشهود له بالكفاءة بعدما حفر اسمه بارزاً في عالمَي التجارة والسياسة
back to top