لبنان: قطع طرقات ودم في الشويفات واشتباك بجل الديب

«مقابلة عون» تستفز الشارع... ومعتصمون يتوجهون إلى القصر الجمهوري
بري يحذر من الوقوع في فخ الفراغ السياسي... وباسيل ينذر من جر البلاد إلى الفوضى
● كيف يعتذر الحريري إذا لم يُكلَّف؟
● فرنسا مستعدة للمساعدة

نشر في 14-11-2019
آخر تحديث 14-11-2019 | 00:05
عاد مشهد قطع الطرقات إلى واجهة الأحداث في لبنان، أمس، مع توتّر في الشارع، قد يكون الأعلى منذ بدء الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر الماضي، تسببت فيما اعتبره متظاهرون استفزازاً وجدوه في مقابلة الرئيس عون التلفزيونية أمس الأول، وسقوط أحد المحتجين برصاص جندي أمام عائلته في الشويفات.
عاد المشهد الميداني في لبنان ليطغى من جديد على الحركة السياسية بعد المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية ميشال عون، مساء أمس الأول، التي قابلها المتظاهرون بردود فعل سلبية ظهرت من خلال إعادة عملية إغلاق الطرقات وإشعال الإطارات في العديد من المناطق.

وإذ شكلت بعض عبارات عون أثناء المقابلة عامل استفزاز للمحتجين في الشوارع والساحات، فإن جملة «إذا مش عاجبهم ولا حدا آدمي بالسلطة يروحوا يهاجروا»، التي أطلقها في سياق حديثه عن تشكيل الحكومة، ورغم توضيحها لاحقا، بدت أنها الشرارة التي أعادت الحراك إلى نقطة الصفر.

ولم ينته يوم أمس الأول دون سقوط قتيل في منطقة خلدة، إذ أقدم عنصر أمني على إطلاق النار على عضو بلدية الشويفات علاء أبوفخر الذي كان يتظاهر برفقة زوجته وابنه، مما أدى إلى مقتله.

اشتباكات وإطلاق نار

وعاد المتظاهرون مجدداً، أمس، إلى قطع الطرق الرئيسية في مختلف المناطق اللبنانية، وشهدت منطقة جل الديب اشتباكا بين المتظاهربن الذين أقفلوا الطريق وعناصر تابعة لـ «التيار الوطني الحر» قاموا بإطلاق النار تجاههم، مما أسفر عن سقوط 3 جرحى.

وشهدت الساحة حال هرج ومرج بعدما أقدم المتظاهرون على ضرب العنصر الذي أطلق النار وقاموا بنزع سلاحه وتسليمه للقوى الأمنية.

وحصلت سجالات ومشادات كلامية بين المواطنين الرافضين لقطع طريق جل الديب والمحتجين، نتج عن ذلك إشكالات سقط في نتيجتها 3 جرحى تم نقلهم إلى المستشفيات. وبعد تمكّن القوى الأمنية من فض الإشكالات، ساد هدوء حذِر خرقه مسلح من المحتجين على قطع طريق جل الديب، أقدم على إطلاق النار بكثافة، مما أحدث حالة من الهلع في المنطقة، وتمكّن المحتجون بعد ذلك من القبض عليه وضربه وتحطيم سيارته، وفق ما أظهرت لقطات الفيديو.

كما شهدت منطقة نهر الكلب اشتباكات متفرقة بين عدد من المتظاهرين ومواطنين محسوبين على «التيار الوطني الحر». كما قطع المتظاهرون طرقاً حيوية منذ الصباح الباكر في وسط بيروت وعلى مداخلها، وفي نقاط عدة على الطريق المؤدي من بيروت إلى شمال لبنان، وفي طرابلس وعكار شمالاً والبقاع الغربي شرقاً وصيدا جنوباً، وأشعلوا الإطارات المطاطية احتجاجاً.

مقتل أبوفخر

وأُطلق النار على أبوفخر تحت جسر خلدة، ونقل إلى مستشفى كمال جنبلاط. ووفق رواية شهود عيان، فإن شخصاً في «جيب» أطلق النار على الضحية إثر تلاسن مع مجموعة من الشبان الذين كانوا يقطعون الطريق. والضحية هو أمين سر وكالة داخلية الشويفات في الحزب «التقدمي الاشتراكي».

وزار رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور المستشفى مساء أمس الأول، وحث أنصاره على التحلي بالهدوء. ونشر جنبلاط تغريدة عبر حسابه في «تويتر»، أمس، قال فيها، إن «أفضل تكريم لشهيد الثورة اللبنانية وشهيد الحزب الاشتراكي علاء أبوفخر هو مواصلة الثورة السلمية بعيداً عن أي توتر أو هيجان أو فئوية حزبية ضيقة. لقد حطم الحراك كل الحواجز ووحد اللبنانيين وكان علاء في الطليعة. وغداً في يوم وداعه غطوا الساحات والطرقات بالعلم اللبناني دون سواه».

من ناحيته، غرّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس، عبر «تويتر»: «أتقدم بأحر وأصدق التعازي القلبية من ذوي الشهيد علاء أبوفخر، والحزب التقدمي الاشتراكي والطائفة الدرزية الكريمة. وقد آلمني جداً استشهاده والطريقة المفجعة التي استشهد بها. وأطالب القضاء المختص بالقيام بكل التحقيقات اللازمة وإنزال أشد العقوبات بمن يظهره التحقيق مذنباً ومسؤولاً».

وكان رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ناشد جميع المواطنين اللبنانيين المحافظة على حراكهم السلمي.

وأكد الحريري، في بيان مساء أمس الأول، أنه اتصل بقائد الجيش اللبناني، وقائد الأمن الداخلي لاتخاذ إجراءات لحماية المواطنين.

وأضاف البيان أن «الحريري تواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط معزياً بالشاب علاء أبوفخر عضو المجلس البلدي في الشويفات الذي مات بالاحتجاجات الشعبية في منطقة خلدة».

القصر الجمهوري

واعتصمت وفود من المتظاهرين على طريق القصر الجمهوري، أمس، احتجاجاً، ونقل أحد الضباط للمحتجين اقتراحاً باختيار عشرة منهم للقاء رئيس الجمهورية. وبينما قبل عدد قليل من المحتجين، رفضت الأكثرية.

وطلب أحد المتظاهرين من القوى الأمنية السماح لهم بالاقتراب أكثر من القصر الجمهوري لسماع صوتهم. وقام المحتجون بالضرب على أعمدة الإنارة والفواصل الحديدية لإصدار الأصوات ليسمعهم الرئيس عون.

بري

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء «الأربعاء النيابي»، أمس، أن «الأمن يجب أن تكون له الأولوية والحفاظ على النظام العام في المؤسسات وصون السلم الأهلي والوحدة الوطنية»، مشيرا إلى أن «المرحلة تستدعي تحمل المسؤولية من الجميع لانتشال الوطن من قعر الهاوية».

وجدد بري المطالبة بـ «حكومة جامعة تلتزم الإصلاحات»، محذراً من «الوقوع في فخ الفراغ السياسي».

وقدم بري، أمس، بواسطة وكيله المحامي الدكتور علي رحال، شكوى إلى النيابة العامة التمييزية في وجه رئيس مجلس إدارة تلفزيون «الجديد» تحسين الخياط وشركة «الجديد» وآخرين بجرائم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقدح والذم والتحقير ونشر الأخبار الكاذبة وجرائم المطبوعات. وسجلت الشكوى تحت الرقم 7706/2019 وهي قيد التحقيق من جانب أحد المحامين العامين التمييزيين.

باسيل

من جانبه، غرّد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، أمس، قائلا: «واثق أن الناس الطيبين يريدون الاستقرار والإصلاح معاً في حمى الدولة والحرية، حرية التظاهر والتنقل معاً. كل نقطة دم تسقط تدمينا وتنبّهنا بألا يجرّنا أحد إلى الفوضى والفتنة. اللحظة الآن لتشكيل حكومة تستجيب للناس وتكسب ثقة البرلمان، والاتصالات تبلورت إيجاباً. يجب ألا تضيع الفرصة».

وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قال أمس الأول إن «حكومة التكنوقراط التي يطالب بها الكثير من المحتجين لن تكون قادرة على حكم لبنان، ويجب أن تضم عدداً من السياسيين».

وأضاف: «إذا أكملتم هكذا فسوف تضربون لبنان وتضربون مصالحكم. مصالحكم بتروح وبنروح معها وأنا أضعكم أمام هذا الخيار. نحن نعمل ليل نهار لنرتب الوضع وإذا ظلوا مكملين فستحدث نكبة، وإذا توقفوا فمازال هناك مجال لأن نصلح».

كيف يعتذر الحريري إذا لم يُكلَّف؟

علقت أوساط رئاسة الحكومة اللبنانية على التقارير التي ترجح أن يعتذر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن عدم تشكيل حكومة جديدة، وسألت: «كيف يمكن لرئيس ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ أن يعتذر عن تكليف لم يحصل؟ هذا الأمر كله غير موجود»، مشيرة الى أن «الحريري يقول بوضوح للجميع أنه اذا حصلت الاستشارات وفق ​الدستور​ وفي أسرع وقت، وتمت تسميته، فلن يشكل سوى حكومة اختصاصيين، لأن ​لبنان​ يواجه أزمة حادة ولا يمكن معالجتها إلا بحكومة كهذه».

وأكدت الأوساط أن «الحريري لم يتلقّ أي جواب إيجابي يتعلق بطرح حكومة اختصاصيين»، معتبرة أن «من يمرر إشاعة اعتذار الحريري عن التكليف يريد أن يقول للحريري إن طرحه غير مقبول».

فرنسا مستعدة للمساعدة

أعلنت فرنسا أمس، استعدادها لمساعدة لبنان للخروج من محنته الحالية وحرصها على سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ووحدة شعبه.

ونقل مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو الموقف الفرنسي في رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والحكومة الفرنسية إلى الرئيس اللبناني ميشال عون الذي التقاه في قصر بعبدا.

وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، إن الرئيس عون أبلغ الموفد الفرنسي بأن «الحكومة العتيدة ستلتزم بتنفيذ الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة السابقة، إضافة إلى عدد من القوانين التي يفترض أن يقرها مجلس النواب في سياق مكافحة الفساد وملاحقة سارقي المال العام بعد رفع الحصانة عنهم».

وأضافت أن التحركات الشعبية القائمة حالياً رفعت شعارات إصلاحية هي نفسها التي التزم رئيس الجمهورية بتحقيقها، لكن الحوار مع المعنيين في هذا الحراك الشعبي لا يزال متعذراً على الرغم من الدعوات المتكررة التي وجهها رئيس الجمهورية إليهم.

وذكرت أن عون سيواصل اتصالاته لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، آملاً «أن يتحقق ذلك في وقت قريب». وأكدت أن الأوضاع الاقتصادية تزداد تردياً نتيجة ما تمر به البلاد حالياً من مظاهرات واضرابات، فضلاً عن التداعيات السلبية التي تركها نزوح أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري إلى لبنان.

واعتبرت أن بدء التنقيب عن النفط والغاز خلال الشهرين المقبلين سوف يساعد على تحسن الوضع الاقتصادي تدريجياً.

والتقى الموفد الفرنسي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وبحث معه الأوضاع والمستجدات في لبنان، كما التقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.

back to top