أحمد مراد

نشر في 12-11-2019
آخر تحديث 12-11-2019 | 00:01
 حمود الشايجي الحكاية بدأت بسؤال حول إمكانية تحويل بعض الأعمال الروائية إلى أعمال ناجحة سينمائياً، وهذا السؤال مهم، وخير مَن يجيب عنه أحمد مراد، لكونه صاحب تجربة ناجحة في عالمَي الكتب والسينما.

إجابة أحمد مراد تطرقت إلى آلية التحويل، وأن العصر وسرعته يحتمان على كُتاب السيناريو آليته، خصوصاً مع التطور الذي يعيشه العالم السينمائي والتلفزيوني، بعد دخول «نتفليكس» و«أبل تي ڤي» وغيرهما، ومن الأمثلة التي عرضها أحمد مراد، رواية للروائي العظيم نجيب محفوظ، وتحدث تحديداً عن رواية «السراب»، وانها لتخرج في الوقت الحالي سينمائياً، على كاتب السيناريو أن يسرع من إيقاعها، لتواكب العصر وسرعته.

هنا دبَّ الخلاف والتصيد الصحافي، مع الأسف، وتم تحوير كلام أحمد مراد إلى نقطة أخرى، وهي أن كتابات نجيب محفوظ لا تصلح لهذا العصر، بسبب بطئها.

لم أفاجأ أنا شخصياً من تصرف هذا الصحافي، الذي جازف بمهنيته، بتزوير ما قيل، لكن ما فوجئت به أكثر، ردة الفعل العارمة ضد تصريح أحمد مراد. فالهجمة التي تعرَّض لها وكثافتها، فتحت عيني على أمرين؛ الأول عشق الناس لنجيب محفوظ، وهذا أمر يفرحني كثيراً، ويشعرني بالأمان الشخصي، وربما يشعر أي كاتب في العالم بهذا الأمان، لكون الناس يحبونه هذا الحب، ويؤمنون بتجربة كاتبهم حتى بعد رحيله.

أما الأمر الثاني الذي فتحت عيني عليه، فهو مدى شراسة بعض الأكاديميين والمثقفين والأدباء في الدفاع عن نجيب محفوظ من غير أن يتأكدوا من معلوماتهم، ويتدققوا من حيثيات ما قيل، وهذا أمر خطير جدا، لأنه يكشف أن مَن نعتمد عليهم لكونهم «نخبة مثقفة»، ينزلقون مثل العامة في حالات عاطفية، ويخرجون من منظورهم العلمي التحليلي إلى نتائج من منطلقات غير صحيحة، والأمر الأخطر من الخطير بالنسبة لي، هو لغة الطرح، التي تحوَّلت إلى سب وقذف قاسٍ، لو خرج من رجل شارع عادي لتم رده عليه، فماذا يكون الفعل مع نخبة من الأكاديميين والمثقفين والأدباء؟!

أي شخص متابع لتجربة أحمد مراد، إن كنت معجبا بها أو عليك ملاحظات عليها، سوف يلاحظ أن طريقة تعامله مع الأدب والسينما تشبه كثيراً طريقة تعامل نجيب محفوظ نفسه، وهذا ما لا ينفيه أحمد مراد، بل يكاد يؤكده في أغلب لقاءاته، وهذا التشابه الكبير لا يمكن أن يكون لشخص كاره لنجيب محفوظ، بل لشخص عاشق للتجربة المحفوظية.

لكن لو افترضنا أن أحمد مراد بالفعل كان رأيه في تجربة نجيب محفوظ أنها لا تصلح للعصر، فلماذا يتم الحجر على هذا الرأي؟ ولماذا لا يتم مناقشته، للتبين من وجهة نظره، بأسلوب ممنهج، بدلاً من الزوبعات والعنتريات التي يقوم بها بعض المثقفين والأكاديميين والأدباء في وسائل التواصل الاجتماعي؟

أخيراً: الرأي الذي قدمه أحمد مراد، بتحويل الروايات إلى أعمال سينمائية، لا يختلف كثيرا عمَّا كان يقوله نجيب محفوظ في وقته، ولا يختلف بما فُعل فعلاً بروايات نجيب محفوظ، التي حولت إلى أفلام في حياته، فهو كان يؤمن بأن العمل الروائي شيء، والفيلم شيء آخر، كما كان يؤمن بأن الجمهور الذي توجه إليه الرواية مختلف كل الاختلاف عن جمهور الأفلام والسينما. لذلك أعتقد أن الأمر الذي حدث ما هو إلا زوبعة في فنجان فقط، لنعرف بعضنا أكثر، وكيف أن العالم يجري وراء ما هو «تريند» أكثر من أي شيء آخر، لإضافة شيء من الإثارة لحياتهم.

back to top