بوليفيا: فراغ في السلطة بعد إطاحة الاحتجاجات لموراليس

● انحياز الجيش للشارع حسم الوضع
● موسكو والحلفاء اليساريون يرفضون «الانقلاب»

نشر في 12-11-2019
آخر تحديث 12-11-2019 | 00:04
انصار المعارضة يحتفلون في لاباز بعد استقالة موراليس أمس الاول (أ ف ب)
انصار المعارضة يحتفلون في لاباز بعد استقالة موراليس أمس الاول (أ ف ب)
بعد 3 أسابيع من احتجاجات أعقبت انتخابات رئاسية مشكوك في صحتها، استقال رئيس بوليفيا إيفو موراليس تحت ضغط الشارع والجيش الذي انحاز له. وبينما احتفلت المعارضة الليبرالية بانتصارها نددت موسكو والحلفاء اليساريون لموراليس، بما اعتبروه انقلاباً عسكرياً.
استيقظت بوليفيا، أمس، على شغور في السلطة غداة إعلان الرئيس البوليفي اليساري الشعبوي إيفو موراليس استقالته من منصبه، بعد موجة احتجاجات مستمرّة قادتها المعارضة الليبرالية منذ ثلاثة أسابيع على إعادة انتخابه المثيرة للجدل، بعد أن خسر دعم قوات الجيش والشرطة.

وفي نهاية يوم شهد أحداثاً متسارعة مع إعلان عدد من الوزراء وكبار المسؤولين استقالاتهم، وتراجع الدعم الحكوميّ لأطول رؤساء أميركا اللاتينية حكماً، قال موراليس (60 عاماً) في خطاب متلفز أمس الأول، «أستقيل من منصبي كرئيس».

ولإعلان تنحيه، سافر موراليس بالطائرة إلى منطقة تشيمور المشهورة بزراعة نبتة «الكوكا» في وسط بوليفيا، مهد مسيرته السياسية. وقال في خطاب تنحّيه: «لست مضطرا إلى الهرب. لم أسرق أي شيء. خطيئتي أنني من السكان الأصليين. أني من مزارعي الكوكا»، وأضاف: «أنا أستقيل حتى لا يستمر قادة المعارضة في ركل إخواننا».

وموراليس المنتمي إلى شعب ايمارا من السكان الأصليين، كان مزارعا للكوكا قبل أن يصبح أول رئيس للبلاد من السكان الأصليين عام 2006.

استقالات وفراغ

واتبع استقالة موراليس إعلان مجموعة من الوزراء استقالاتهم، ما أثار تساؤلات عمن بات مسؤولا عن البلاد، خصوصا مع استقالة نائب الرئيس ألفارو غارسيا لينيرا أيضا.

وبموجب الدستور، تنتقل السلطة إلى رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب على التوالي، لكنهما استقالا أيضاً، ما دفع النائبة المعارضة جانين آنيز لإعلان استعدادها تولي الرئاسة المؤقتة للبلاد.

وفي العاصمة لاباز ومدينة سانتا كروز شرق البلاد، هللت الحشود ابتهاجا باستقالة موراليس، الذي أثار غضب المواطنين بترشحه لفترة ولاية رابعة، متحديا القيود على فترات الرئاسة وإعلانه الفوز في انتخابات شابتها اتهامات بالتزوير.

لكن مع حلول ليل الاثنين- الثلاثاء، جابت عصابات الشوارع ونهبت متاجر وشركات وأضرمت النار في مبان. وكتب المعارض البارز والأكاديمي والدو الباراسين على «تويتر» إن انصار موراليس أحرقوا منزله.

وأظهر تسجيل فيديو آخر جرى تداوله على نطاق واسع أشخاصا داخل منزل موراليس اليساري مع كتابات على الجدران، بعد أن سافر جوا إلى مكان آخر داخل البلاد.

مذكرة توقيف

وكتب موراليس لاحقا على «تويتر»، ان هناك مذكرة توقيف «غير قانونية» صدرت بحقه، لكن قائد الشرطة فلاديمير يوري كالديرون أفاد التلفزيون المحليّ بأنّ الأمر غير صحيح، معلناً اعتقال ماريا تشوك كويسبي، رئيسة المحكمة العليا للانتخابات، ونائبها أنطونيو كوستاس، بتهمة التزوير في انتخابات 20 أكتوبر.

بدوره، أكّد لويس فرناندو كاماتشو، أحد المعارضين الرئيسيين، والذي أدّى دورا أساسيا في الحراك الذي دفع الرئيس الى الاستقالة، وجود مذكرة توقيف بحق موراليس.

وكتب على «تويتر»: «الشرطة والعسكريون يبحثون عنه في شاباريه»، وهي منطقة في كوشابامبا وَسط بوليفيا.

وأضاف: «العسكريون أخذوا الطائرة الرئاسية، وموراليس هرب الى شاباريه. سيحضرونه!».

وبدأت الأزمة بعد أن صدرت نتائج أولية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 20 اكتوبر بفارق ضئيل عن منافسه، توحي أن الأمور تتجه الى دورة ثانية، لكن بعد ذلك صدرت نتائج معاكسة تظهر فوز موراليس بولاية رابعة من الدورة الأولى، ما اثار احتجاجات، ما لبثت ان اشتدت بعد ثبتت المحكمة العليا فوز موراليس.

وقادت المعارضة الليبرالية احتجاجات استمرت 3 أسابيع، وشهدت مقتل ثلاثة وإصابة المئات، لكن انحياز الشرطة في البداية للشارع ورفضها قمع الاحتجاجات، ثم اعلان قائد القوات المسلحة ويليامز كليمان انه طالب موراليس بأن يستقيل «للسماح بالتهدئة والحفاظ على الاستقرار، من أجل مصلحة بوليفيا» حسما الأمر لمصلحة المعارضة.

وأمس الأول، دافع موراليس عن حقبته التي شهدت مكاسب رئيسية ضد الفقر والجوع في البلاد، وكذلك مضاعفة حجم اقتصاد البلاد ثلاثة اضعاف خلال حكمه الذي استمر نحو 14 عاماً.

لجوء وسفارة فنزويلا

في المقابل، لجأ 20 نائباً ومسؤولاً حكومياً كبيراً لمقر إقامة سفير المكسيك التي أعلنت أنها ستمنح اللجوء لموراليس أيضاً إذا طالب بذلك.

وفي مؤشر إقليمي مهم، قالت السفيرة الفنزويليّة في بوليفيا كريسبيلي غونزاليس، إنّ مقرّ السفارة في لاباز قد استولى عليه مساء أمس الأول «أشخاص مقَنّعون بحوزتهم ديناميت ودروع»، بينما دعت كولومبيا لاجتماع عاجل للمجلس الدائم لمنظّمة الدول الأميركيّة.

حلفاء موراليس

وفور إعلان استقالته، ندّد حلفاء موراليس اليساريين بالانقلاب المنسّق ضده.

ودان الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو «بشكل قاطع الانقلاب المنسّق»، ودعا لحشد الحركات السياسية والاجتماعية «للمطالبة بالحفاظ على حياة المواطنين البوليفيين الأصليين ضحايا العنصرية».

وأعربت كوبا عن دعمها لموراليس «في مواجهة المغامرة الانقلابيّة للإمبرياليّة».

من جهته، وصف الرئيس الأرجنتيني المنتخب ألبرتو فرنانديز الوضع بأنه «انقلاب منسّق وقع نتيجة للأعمال المشتركة للمدنيين العنيفين وأفراد الشرطة وسلبية الجيش».

وفي موسكو، عبّرت وزارة الخارجية الروسية عن انزعاجها واتهمت في بيان، أمس، المعارضة في بوليفيا بإطلاق العنان لموجة عنف في البلاد، وقالت إنه يبدو أنه «انقلاب منسق».

الشرطة تلاحق موراليس الذي التجأ إلى مزارعي "الكوكا"... والمكسيك تعرض عليه اللجوء
back to top