خاص

سالم التميمي: أنتمي إلى مدرسة اللاشكل

اختيار أعماله ضمن المشروع السويسري - الليبي باليونسكو

نشر في 11-11-2019
آخر تحديث 11-11-2019 | 00:01
تحنو ريشة الفنان الليبي سالم التميمي على الواقع القاسي، فترسم البهجة على الحوائط والجدران، وتطيب الجراح التي أدمتها الحرب في ليبيا، حاملة بلسم رؤيته التشكيلية التي تشع بالأمل.
ودوَّن التميمي كل إبداعه الفني بريشته، فقدَّم أكثر من 70 معرضا، ومثَّل الحركة التشكيلية الليبية في جميع المناسبات المحلية والوطــنية والعالمية، واختيرت أعماله لتكون ضمن كتاب المشروع السويسري الليبي - فرع اليونسكو بسويسرا (كتاب للفن الصخري بلاد العلامات).
وفي حوار معه لـ«الجريدة»، من القاهرة، تحدث التميمي عن علاقته بالريشة والألوان، ورؤيته للحركة التشكيلية الليبية التي يضعها في خانة «الامتياز»، ويصفها بالتنوع، وأنها تمتلك طاقة شبابية كبيرة ومتطورة، رغم الصراعات الداخلية، وفيما يلي نص الحوار:
• ما المحددات التي تنطلق منها نحو اللوحة؟

- أرسم من دون سابق معرفة أو محددات، وعندما أكون في حالة من التوهج الوجداني تأتي إليَّ اللوحة بكل حب ورغبة. لا أرسم بالصورة التقليدية، بوضع الألوان الباردة في جانب من الباليته، والألوان الحارة في الجانب الآخر، لكن في تداخل، وتتولد اللوحة عندي دون افتعال، أو اسكتشات مسبقة، وأطلق الفرشاة على المساحة البيضاء، وبحُرية تنتهي اللوحة عندما أشعر بأنها انتهت.

رائحة اللون

• متى بدأ اهتمامك بالرسم والألوان؟

- أحببت الرسم مند الطفولة، وأحببت رائحة اللون والورق والعجين، ومبكرا كنت أرسم، وشاركت في المعارض المدرسية، وزاد اهتمامي والوعي الفني أكثر أثناء دراستي الجامعية، وبدأت أتعامل مع اللوحة والألوان عبر مواضيع عامة ومباشرة، واعتمدت على الصور الواقعية، واستقيت خبرتي وتقنياتي من مصادر مختلفة ومتنوعة، حيث درست الصحافة وفنون الطباعة والحفر والتصميم بكلية اكستر للفنون والتصميم، ومارست التصوير الفوتوغرافي من خلال البحت والتجريب والاطلاع.

من خلال معايشتي لبيئتي ومحيطي حصلت تجاربي الشخصية وتجربتي الفنية، وأخذت أتطور وأتنوع في مدارس فنية عدة، لكن واقعية بمختلف اتجاهاتها، حتى وصلت إلى مرحلة التجريد، التي تعتمد على الخطوط المتداخلة والمتقاطعة والمثلثات، وغيرها من الأشكال، التي تُعد عنصرا أساسيا في اللوحة.

خلال إنتاجي لهذه الأعمال التجريدية، وخاصة أعمالي الأخيرة، أحسست بأني أتلمس ما هو أقرب لي وأكثر تلبية لرغبتي، وهذا التحول من الفن الواقعي إلى فن التجريد يشكل المرحلة التي أنا فيها الآن.

وجهة نظري أن الصورة المرئية أو المقروءة ليست شرطا أساسيا لإنتاج عمل فني، ووجدت نفسي في المدرسة التجريدية، التي تعتمد على الأشكال دون الرجوع إلى التفاصيل الطبيعية، بل تهتم بجمال السطوح.

الفن والحرب

• ما رؤيتك لعلاقة الفن والحرب والأحداث الكبرى في التاريخ؟

- توجد علاقة وثيقة، حيث يحمل العمل الفني مساحة للتعبير عن الصراعات المحيطة بالفنان، وهناك بعض الفنانين العالميين يستخدمون أدوات حربية وبقايا مخلفات الحرب لصنع عمل فني معبِّر، وهناك كثير من الفنانين في العصر الحديث صوَّروا الفضاءات الدموية بالحرب، منهم الفنان بيكاسو، فالحرب لها تأتير مباشر على الفن، فالفن مرآة عاكسة، وكل فنان يعبِّر بطريقته التي تناسبه بشكل تعبيري أو رمزي أو واقعي، لكن بالنسبة لي أعبِّر بطريقتي الخاصة، وبدلا من رسم الحروب والمعاناة والصرعات، أرسم زهورا أو مناظر طبيعية جميلة، لنشر البهجة والجانب المضيء.

بيكاسو وفان جوخ

• كثير من الفنانين يبدؤون العمل الفني باسكتش للوحاتهم، فماذا عنك؟

- لكل فنان أسلوبه، والمدرسة التي ينتمي إليها ويتأثر بها، وعادة ينطلق الفنان من خلال الاسكتش أو الرسم التخطيطي مع الفكرة، وهناك الكثير من الفنانين العالميين لهم تجارب وخبرات تبدأ برسم الاسكتشات، لكن بالنسبة لي أرسم دون اسكتش إلا قليلا، فالفكرة تكون في رأسي، وأرسم مباشرة على سطح اللوحة، أو أرسم من الذاكرة البصرية، وهناك الكثير من الفنانين العالميين يلجأون للاسكتش، مثل فان جوخ، وتخطيطات الفنان ليوناردو دافنشي، واسكتشات الفنان العالمي بيكاسو.

أنا أنتمي إلى المدرسة التجريدية، أي مدرسة اللاشكل، وهي التخلص من آثار الواقع والارتباط به، والتجريد أعبِّر به عن رؤيتي التعبيرية، فالتجريد يعتبر فضاء مفتوحا، وأكثر اتساعا وتعبيرا، وأكتر حُرية، ومن خلاله يعبِّر الفنان عن رؤيته الداخلية.

التشكيل الليبي

• ما رؤيتك للواقع التشكيلي الليبي؟

- من خلال خبرتي ومشاركاتي العديدة في المعارض العربية والدولية أقول إن الحركة التشكيلة الليبية تصل إلى درجة الامتياز، ولا تقل مستوى عن أي حركة تشكيلية بدول أخرى، أو عن أي فنان في الوطن العربي، وتمتاز الحركة التشكيلية الليبية بالتنوع، وتمتلك طاقة شبابية كبيرة ومتطورة.

لا يوجد نقاد

• وماذا عن الحركة النقدية؟

- في الحقيقة لا يوجد نقاد بمجال الفنون التشكيلية، وهذا الأمر من الإشكاليات التي تواجه الفن التشكيلي العربي. أرى أن غياب النقد الفني له أثر عكسي على تطور الفن، فغياب النقد والناقد تسبب في انعزال العمل الفني والفنان عن الجمهور، فالناقد هو القادر على التقريب بين العمل الفني والجمهور، وللأسف ليس هناك نقاد، لأن معظم الكتابات في الصحف وغيرها عبارة عن مقالات أدبية إنشائية ليست لها علاقة بالنقد.

مناسبات وجوائز

يُعد ســـالم التميمي من أبرز الفنانين التشكيليين في ليبيا، وُلد في طرابلس عام 1956، وتخرج في جامعة قاريونس كلية الآداب قســـم الدراسات الإعلامية 1980، وأكمل دراسته بكلية اكستر للفنون والتصميم بريطانيا (فن الحفر والطبـاعة) 1985. حصل على شهادة في صيانة ومعالجة وترميم اللوحة الفنية من المركز الإقليمي لصيانة الممتلكات الثــقافية في الدول العربية- اليونسكو بغداد 1988.

صمم التميمي ونفذ عدة أعمال في معظم المناسبات الليبية، وحاز العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها: جائزة البينالي الذهبــية في بينالي الإسكندرية 2001، والجائزة الثالثة والتشجيعية في مجال لتصوير الضوئي، والجائزة الثانية في المعرض السنوي للتشكيليين الشبان تونس 2004، وهو عضو رابطة الفنانين، وعضــو مؤسس لقاعة الواسطي 1999، ومن مؤسسي قاعة ألف باء للفنون التشكيلية طرابلس، وعمل رئيــس لوحدة الفنون التشكيــلية.

وأقـام التميمي العديد من المعارض الفردية والجماعية منــذ عام 1978، واختارته جامعة باليرمو إيطاليا في سنة 2007 لإقامة معرض الفن الليبي المعاصر بالبحر المتوسط في باليرمو، واختيرت تجربته ضمن المشروع السويسري للفن المعاصر، وتناولت تجربته العديد من الدراسات ومحورها: الفن المحيطي وغرافيت جدار المدن.

فنانون عالميون يستخدمون مخلفات الحرب لصنع عمل فني

الصورة المرئية أو المقروءة ليست شرطاً أساسياً لإنتاج اللوحات التشكيلية
back to top