لبنان: هلع من «الانهيار الكبير»... والسلطة تطمئن

• 3 صيغ حكومية... وبري لمعالجة على طريقة «الجرافة»
• جعجع لبومبيو: لا نحتاج مساعدتكم

نشر في 10-11-2019
آخر تحديث 10-11-2019 | 00:04
طلاب لبنانيون خلال تظاهرة في بيروت أمس (أ ف ب)
طلاب لبنانيون خلال تظاهرة في بيروت أمس (أ ف ب)
حاولت السلطة اللبنانية التقليل من حالة الهلع التي تنتاب اللبنانيين وسط حديث عن انهيار مالي كبير. وبينما عقد رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً ماليا مع المصرف المركزي وجمعية المصارف، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، إنه لا يزال بالإمكان معالجة الوضع.

وسط حالة من الهلع من انهيار مالي كبير يقود لبنان إلى إفلاس تترتب عليه تداعيات خطيرة، تواصلت، أمس، الاحتجاجات الشعبية والطلابية أمام المؤسسات العامة في مختلف المناطق اللبنانية، مجددة دعوتها الى التغيير السياسي والاقتصادي، بدءاً بتشكيل حكومة مستقلة.

وفي ظل عدم ظهور أي مؤشر على اتفاق سياسي على كيفية معالجة الأوضاع بدءاً بتكليف رئيس جديد للحكومة، يزداد الوضع المالي والاقتصادي صعوبة مع تشديد المصارف اللبنانية إجراءات الحدّ من بيع الدولار وإغلاق محطات وقود عدة، أمس، أبوابها مع انتهاء المخزون لديها وصعوبة القدرة على الشراء من المستوردين بالدولار الأميركي.

وتسود حالة من الفوضى في الأسواق اللبنانية مع إغلاق محطات وقود أبوابها وارتفاع أسعار سلع أساسية وإشكالات شهدتها المصارف.

وتطغى حالة من الخوف بين المواطنين غير القادرين على تحصيل ما يريدون من ودائعهم المصرفية مع تشديد المصارف إجراءات الحد من بيع الدولار والخشية من زيادة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وبات التجار الكبار غير القادرين على الحصول على الدولارات من المصارف يتلاعبون بدورهم بالأسعار، وفق ما يقول رئيس جمعية المستهلك غير الحكومية زهير برو.

ويوضح: "نتلقى الكثير من الشكاوى أن البلد في مرحلة فوضى بالأسعار"، مشيراً إلى أن "التجار الكبار يطلبون من التجار الصغار أن يدفعوا لهم بالدولار، وإن وافقوا على الليرة اللبنانية فيفعلون ذلك بسعر الصرف الذي يناسبهم".

ويضيف: "من هنا تنطلق المشكلة الأساسية، وبات صغار التجار أيضاً يفعلون الأمر ذاته، وبالتالي تصل الأسعار للمستهلك مرتفعة جداً"، مشيراً إلى ارتفاع شمل "العديد من المواد من البيض إلى اللحوم والأجبان والألبان، والخضار" بنسب مختلفة.

وللمرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن ظهر خلال الصيف سوق موازٍ، وبات الدولار اليوم يصل إلى 1800 ليرة، فيما لا يزال السعر الرسمي لليرة ثابتاً على 1507.

ويأتي ذلك مع تشديد المصارف اللبنانية إجراءات الحدّ من بيع الدولار خلال أسبوع فتحت فيه أبوابها بعد توقف دام أسبوعين أمام الاحتجاجات الشعبية. ولم يعد بإمكان المواطنين الحصول على الدولار من الصراف الآلي، كما تفرض المصارف رسماً إضافياً على عمليات سحب الدولار المحدودة جداً مباشرة منها.

وتداول مواطنون خلال الأسبوع الماضي أشرطة فيديو عدة تظهرهم وهم يتشاجرون مع موظفين في المصارف لعدم السماح لهم بسحب ما يريدون من مبالغ بالدولار، أو لعدم قبول المصارف أن يدفعوا مستحقات قروضهم بالليرة اللبنانية.

وأغلقت محطات وقود عدة أمس، أبوابها مع انتهاء المخزون لديها وصعوبة القدرة على الشراء من المستوردين بالدولار الأميركي، وأبقت أخرى أبوابها مفتحة ريثما ينتهي مخزونها.

وقال رئيس نقابة أصحاب المحطات سامي البراكس: "إذا لم يجدوا (المسؤولون والمصرف المركزي) حلاً حتى يوم الثلاثاء، سنضطر أن نوقف استيراد المشتقات النفطية ونغلق كافة المحطات ونجلس في بيوتنا".

وبدأت أزمة محطات الوقود في شهر سبتمبر مع تذمر أصحابها من صعوبة الحصول على الدولارات لتسديد فواتيرهم للمستوردين. ويدفع المستهلكون لأصحاب محطات الوقود بالليرة اللبنانية لكن يتعيّن عليهم الدفع بالدولار للمستوردين والموزعين.

وبعد تنفيذهم إضرابات، أصدر المصرف المركزي تعميماً لتسهيل الحصول على الدولار. لكن مع تشديد الإجراءات على بيع الدولار، الذي بات الحصول عليه بالغ الصعوبة، عاد أصحاب المحروقات لمواجهة الأزمة ذاتها، وباتوا يضطرون مجدداً لشراء الدولار من السوق الموازي.

وهددت المستشفيات اللبنانية الجمعة بأنها ستتوقف عن استقبال المرضى يوماً واحداً في منتصف الشهر الحالي كإجراء تحذيري، في حال لم تستجب المصارف خلال مهلة أسبوع لطلبها تسهيل تحويل الأموال بالدولار لشراء مستلزمات طبية.

ورغم أن المؤشرات المالية كلها تتجه إلى انهيار كبير، بدا أن طرفاً أساسياً في السلطة يصر على أن الوضع المالي مستقر، وهو أكده رئيس لجنة المال والموازنة النائب عن "التيار الوطني الحر" إبراهيم كنعان، أمس، حين قال إن "لبنان غير مفلس والقطاع المصرفي سليم إلى حدّ كبير والضوابط المتّخذة ضرورية ويتم اللجوء اليها في كل العالم، لأن سحب الأموال بكثرة يؤدي إلى أزمة والمشكلة السياسية تنعكس سلباً على ماليتنا واحتياطنا، لذلك فتشكيل الحكومة يُعيد الثقة بنسبة كبيرة".

يأتي كل ذلك في وقت تنشط الاتصالات التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمعالجة الوضع المصرفي في البلاد وآخرها اللقاء الذي عقد أمس، وضمّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف في لبنان سليم صفير، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية.

3 نماذج

سياسياً، قالت مصادر متابعة، إن "المفاوضات الجارية على اكثر من خط اقتربت من الوصول إلى ثلاثة نماذج من التشكيلات الحكومية بعناوينها الكبرى بانتظار ولوج المراحل الأكثر دقة عند البحث في التوازنات الداخلية وهويات الوزراء الشخصية والمؤهلات التي توحي بالثقة لاستعادة ما فقد منها على أكثر من مستوى".

وأضافت أن "الحريري بقي متصدراً المكلفين تشكيل الصيغ الحكومية كافة، بعدما انعدمت كل الفرص التي تتحدث عن شخصيات أخرى من فريقه أو من خارجه. أما النماذج فأولها من 14 وزيراً وثانيها من 18 وثالثة من 24 وزيراً خالية جميعها من النواب – الوزراء والوجوه المستفزة".

بري

وأكد رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه ​بري​،​ أنّ "الوضع وحراجته يُحتّم عودة رئيس الحكومة المكلف ​الحريري​ إلى ​رئاسة الحكومة"​، وقال بري أمام زوّاره: "أجواء البلد المتردية، إن على المستويين الإقتصادي والمالي​، أو على مستوى قلق الناس، يمكن لَملمتها في ظل وجود حكومة في أقرب وقت، والمعالجة لا بد منها وبسرعة فائقة، وعلى طريقة الجرّافة، بدءاً بنزع فتيل ​الأزمة​ والشروع فوراً في إصلاح وتصحيح اقتصادي ومالي، فالبلد خسر وقتاً كثيراً، والإمكانات موجودة لتصحيح مسار ​السفينة​".

بستاني

وتفقدت وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ندى البستاني في مرفأ بيروت، أمس، مستوعبات الدفعة الثانية من المعدات المخصصة لحفر البئر الاستكشافية للنفط، وفتحت أبواب المستوعبات أمام الإعلاميين لتصوير المعدات. ودعت البستاني إلى "الإبقاء على الأمل المرجو من هذا القطاع وعدم تشويه صورته وتركه نظيفاً"، مشيرة إلى أن "باخرة أخرى تحمل معدات ستصل إلى مرفأ بيروت غداً"، مؤكدةً الشفافية في هذا القطاع. كما كشفت بستاني عن "وصول معدات لعمليات حفر أول بئر استكشافي للنفط في مرفأ بيروت"، معلنة "بدء الإجراءات التنفيذية لحفر أول بئر استكشافي في لبنان". كما طمأنت اللبنانيين أنّ "لبنان سيوضع قريباً على الخريطة النفطية".

جعجع

إلى ذلك، غرّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عبر "تويتر"، "مع الشكر الجزيل مستر مايك بومبيو (وزير الخارجية الاميركي) لكن الشعب اللبناني "مكفى وموفى"، وليس بحاجة للمساعدة من أجل الخروج من ازمته المعيشية، الاجتماعية والاقتصادية".

back to top