لبنان: فتح الطرق... وباسيل يقطعها على «التكنوقراط»

الجيش يتحرك بحزم للمرة الأولى... و«الحراك» يتوعد بتجمعات أمام المقار الحكومية
● سبحة الاستقالات تكرّ في «الأخبار»

نشر في 06-11-2019
آخر تحديث 06-11-2019 | 00:04
في أول تحرك حازم له منذ بدء الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي، تحرك الجيش اللبناني، أمس، وفتح جميع الطرقات التي كان يغلقها المتظاهرون، في وقت بدا أن الطريق إلى الحكومة لا يزال مغلقاً.
للمرة الأولى منذ انطلاق التظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية، تدخّل الجيش بشكل حاسم لفتح الطرقات وفض الاعتصامات.

وعمل عناصر من الجيش على إزالة خيم المتظاهرين «تنفيذا لقرار حاسم بفتح الطرقات، منعا لاحتكاك المواطنين بين بعضهم»، وفق ما قال مصدر أمني رفيع لـ «الجريدة».

جاء ذلك بعد 24 ساعة من لقاء رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الذي عوّل عليه كثيرا لإيجاد مخارج للأزمة الراهنة.

وكشفت مصادر سياسية متابعة لـ «الجريدة»، أمس، أن «اللقاء بين الحريري وباسيل تركز على شكل الحكومة المقبلة»، مشيرة إلى أن «باسيل أبلغ صراحة رئيس الحكومة المستقيلة رفض التيار حكومة تكنوقراط».

وأضافت أن «باسيل شرح للحريري الظرف السياسي الدقيق الذي يمر به شخصيا، طالباً منه المؤازرة والدعم». وأكدت المصادر أن «باسيل قال للحريري حرفيا: عدم وجودي في الحكومة المقبلة يعني انتهائي سياسيا».

الجيش

وأقدم الجيش اللبناني، أمس، على فك الخيم المنصوبة على أوتوستراد جل الديب وأوتوستراد زوق مصبح وتقاطع «الشفروليه».

وقد شهدت تلك المناطق إشكالات وتدافعا بين الجيش والمحتجين، بعد إصرار المحتجين على البقاء في الشارع، مما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات من بينهم كما القت القوى الأمنية القبض على حوالي 15 متظاهرا. وأزال الجيش ايضا الخيم من ساحة ايليا في صيدا والطرقات المؤدية إلى ساحة النور في طرابلس وأوتوسترد زحلة لتعود جميع الطرقات في لبنان سالكة بالكامل. وقالت مصادر متابعة، أمس، إن «أبرز ما يتم التداول به في هذه المرحلة، هو تصويب تحرّكات المتظاهرين نحو مكامن الهدر والفساد في الدولة ونحو المرافق العامة لشلّها تماما، وهذا ما بدأ في عدد من المناطق، حيث تجمعوا أمام السرايات، مانعين الموظفين من الدخول اليها، وأمام مصالح المياه ومكاتب أوجيرو مثلا، وهذا ما حصل في طرابلس وشحيم، في وقت نزل عدد منهم الى أمام مجلس النواب، والبعض الآخر الى أمام شركات الخلوي وشركة كهرباء لبنان».

وتابعت: «هذا التوجّه الجديد سيتزامن مع دعوات ستتكاثر للعصيان المدني، خاصة إذا ما استمرت المماطلة في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، أو اذا كانت طبيعة الحكومة التي سيتم تأليفها لا تلتقي والشروط التي وضعها المتظاهرون، إذ يكثر الحديث عن وجوه نافرة باقية في التركيبة الجديدة وعن صيغ تُدخل الأحزاب والتكنوقراط معا».

بري

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في دردشة مع الإعلاميين، أمس، انه «سيستعمل صلاحياته كرئيس مجلس نيابي وبناء لرغبة الحراك المدني الحقيقي الذي يطالب بمطالب محقة سيحدد نهار الثلاثاء المقبل جلسة انتخاب اللجان وهيئة المجلس وبعدها سيرفع الجلسة».

وقال: «انا مع الحراك المدني ومع مطالبه، لكنني ضد قطع الطرقات وضد الشتائم والإهانات». وأضاف: «الجميع على علم أن جلسة 12 نوفمبر التي ستنعقد عند الساعة 11 صباحاً، هي جلسة انتخابية لتتمة هيئة مكتب المجلس وبعدما أقفلها، سأعلن عند الساعة الواحدة افتتاح الجلسة التشريعية، وسنعمل على مناقشة عدد من القوانين المنجزة في اللجان النيابية، إضافة إلى قوانين بغاية الاهمية».

ستريدا ترد

ووقع سجال، أمس، بين عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائبة ستريدا جعجع والوزير باسيل، على خلفية اللافتة المسيئة لجعجع، والتي رُفعت من قبل أحد عناصر الحرس الجمهوري في مهرجان «التيار الوطني الحر» الأحد الماضي.

وبدأ السجال بعد تصريح جعجع، أمس، بأن المدعو قزحيا يوسف، وهو جندي في الحرس الجمهوري، رفع لافتة مسيئة لها خلال التظاهرات الداعمة لرئيس الجمهورية هو «أداة عند جبران باسيل»، مضيفة أن «باسيل يحاول من خلال يوسف خلق فتنة بين شباب وشابات حزب القوّات اللبنانيّة والتيار الوطني الحر». كما أوضحت أن «باسيل يحاول خلق فتنة بين حزب القوّات ومؤسسة الجيش اللبناني، هذه المؤسسة الوحيدة التي تحمي الاستقرار في لبنان».

ونفى باسيل «كل المزاعم والأكاذيب التي أطلقتها كالعادة النائب جعجع». وقال في بيان أمس إن «التصرفات التي قامت بها بعض العناصر التابعة للنائب جعجع والقوات اللبنانية من شتائم وسباب وقطع للطرقات وأخذ خوّات وتخريب للأملاك العامة والخاصة، ومنع مرور الناس وحجز حرّياتهم والاعتداء عليهم، هي وحدها كفيلة من دون تدخّل أحد من التيّار أو غيره، بتذكير الناس بتاريخ هذه المجموعات وعلاقتها مع الجيش اللبناني ومع المواطنين في زمن الحرب، ودون الحاجة إلى أي جهد بهذا الموضوع».

سبحة الاستقالات تكرّ في «الأخبار»

لم يكد يمضِي يوم على استقالة رئيس قسم الاقتصاد في جريدة «الأخبار» المقربة من حزب الله، محمد زبيب، احتجاجاً على «السياسة التحريرية المناهضة لحراك الشارع» التي اعتمدتها الصحيفة، حتى أعلنت الصحافية صباح أيوب، مسؤولة قسم الرأي، والصحافية في قسم الاقتصاد فيفيان عقيقي استقالتيهما أمس، للسبب نفسه.

كما استقال، أمس، الصحافي محمد الجنون الذي أعلن توقفه عن الاستكتاب مع الصحيفة، وكانت الصحافية جوي سليم من القسم الثقافي أعلنت الأسبوع الماضي استقالتها للأسباب ذاتها.

وتُعد «الأخبار» من الصحف الأكثر قراءة في لبنان، حتى بين الذين يعارضون موقفها السياسي، وذلك نتيجة أسلوبها الحديث البعيد عن الصحافة التقليدية واهتمامها بالملفين الاجتماعي والمعيشي.

ولدى بدء الحراك الشعبي ضد الطبقة الحاكمة في لبنان، قبل أكثر من أسبوعين، اتخذت الصحيفة موقفاً مؤيداً للتحرك، وفي اليوم الأول عنونت «الشعب يستطيع»، واليوم الثاني «ثورة»، لكن بعد كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في 25 أكتوبر، التي حذر فيها من «الفوضى والانهيار» في حال استقالة الحكومة برئاسة سعد الحريري (التي استقالت لاحقا)، وشكّك بـ«عفوية» الحراك الشعبي، خرجت الصحيفة بعنوان «لبنان ينقسم».

بعدها تغير موقف الصحيفة بوضوح، فحذرت من «خطف» الحراك أو استغلاله من قوى سياسية مدعومة من دول إقليمية. ثم بدأت تصر على فكرة أن الشارع «خُطف» من خصوم حزب الله السياسيين، منتقدة قطع الطرق وشل البلاد.

والاثنين، عنونت الصحيفة «حان وقت الحقيقة: من يلعب بالبلاد؟». وكتبت «بعدما دخلت الهبّة الشعبية أسبوعها الثالث، تبدو البلاد أسيرة سلطة مكابرة وعاجزة عن الإنقاذ، ومراهقين لا يرون أبعد من أنوفهم، ومجموعة من المتآمرين الذين يريدون الفوضى، ولو على حساب الناس المحتجين على كل واقعهم المزري».

back to top