مصر تنجح في استعادة آلاف القطع الأثرية المنهوبة

أحدثها أطلس أثري كان في ألمانيا وتابوت «نجم عنخ» بالولايات المتحدة

نشر في 03-11-2019
آخر تحديث 03-11-2019 | 00:00
عبدالدايم وشكري أثناء استلام الأطلس من هايكو ماس
عبدالدايم وشكري أثناء استلام الأطلس من هايكو ماس
تبذل مصر جهوداً كبيرة في سبيل استعادة آلاف القطع من آثارها التاريخية المنهوبة، التي خرجت من البلاد بطرق غير شرعية، وغالباً ما يتم اكتشاف ذلك حين يتم الإعلان عن بيع هذه القطع النادرة في صالات مزادات بدول أوروبا والولايات المتحدة، وكانت آخر هذه القطع المستردة أطلس "سديد" الأثري الذي هُرب إلى ألمانيا، وتابوت "نجم عنخ" الذي كان معروضاً في متحف بالولايات المتحدة منذ تسع سنوات.
تسعى مصر لاستعادة الآثار المسروقة منها، إذ تسلمت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بحضور نظيره المصري سامح شكري، أطلس "سديد" الأثري، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد بمقر وزارة الخارجية المصرية بحضور رئيس دار الكتب والوثائق المصرية هشام عزمي.

وثمَّن شكري اهتمام ألمانيا بإعادة الأطلس إلى مصر، معتبراً أن هذه الخطوة تشير إلى اهتمام ألمانيا بالحفاظ على تراث ومقتنيات الدول ومنع تداولها بشكل غير مشروع، وأعرب عن تطلعه لأن تستمر ألمانيا في هذا النهج المحمود، وأن تقتدي بها دول أوروبية أخرى، لم تصل بعد إلى هذا المستوى من المسؤولية، فيما قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن بلاده حرصت على إعادة كتاب نادر إلى مصر، مؤكداً أنه من مقتنيات المكتبة الوطنية المصرية.

الدبلوماسية المصرية

من جانبها، أشادت وزيرة الثقافة بجهود وزارة الخارجية ومساعي الدبلوماسية المصرية في استعادة جزء مهم من تاريخ الوطن، وأضافت أن ما حدث يعد نصراً للدولة المصرية ووزارة الثقافة في معركتها لاستعادة تراثنا المسلوب، إذ يعود تاريخ الأطلس إلى القرن التاسع عشر وتحديداً عام 1218 هـ – 1803 م.

ويحتوي على عدد من أبرز الخرائط العثمانية النادرة، وهو من أندر الأطالس في العالم.

ولفتت عبدالدايم إلى الجهود والمتابعة الحثيثة، التي قامت بها دار الكتب والوثائق القومية برئاسة هشام عزمي فور علمها بعرض الأطلس للبيع في إحدى صالات المزادات بمدينة برلين الألمانية مقابل مبلغ مالي ضخم، وذلك يوم 12 أكتوبر 2018، وعلى الفور راسلت الهيئة بشكل رسمي جميع الجهات المعنية، مؤكدة أن الأطلس ينتمي إلى مجموعة مقتنيات دار الكتب المصرية، وطالبت الجهات المختصة في ألمانيا بوقف عملية البيع.

ملف كامل

من جانبه، قال هشام عزمي، إنه بالتعاون مع وزارة الخارجية، تم إيقاف بيع الأطلس في المزاد، وأصبح في حيازة السلطات الألمانية يوم 17 أكتوبر 2018، وتم إرسال ملف كامل موثق بما يثبت ملكية دار الكتب والوثائق للأطلس اعتماداً على الفهارس والسجلات الرسمية.

وتابع: "دار الكتب المصرية طالبت بحقها في استعادة الأطلس، إذ إن ضبطه من السلطات الألمانية يضعه تحت مظلة اتفاقية يونسكو الصادرة عام 2007 التي وقعت عليها ألمانيا، كما يخضع الأطلس لقانون حماية التراث الثقافي الألماني الصادر عام 2017.

وأوضح أن الفترة من نوفمبر 2018 إلى أكتوبر 2019 شهدت إجراء الشرطة الألمانية تحقيقات موسعة ومطولة في ظل متابعة من السفارة المصرية ببرلين، إذ تم إخطار الجانب المصري رسمياً - عن طريق وزارة الخارجية - بقبول تسليم الأطلس لوزارة الثقافة المصرية.

وفي نهاية سبتمبر الماضي، نجحت جهود الدبلوماسية المصرية في استرجاع تابوت "نجم عنخ" العائد إلى مصر، التي كانت معروضة بمتحف المتروبوليتان في نيويورك، بعد غياب دام تسعة أعوام.

وقال حينها الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري، إن مصر نجحت في استعادة التابوت بفضل صحة موقفها القانوني، وإصرارها على جمع كل آثارها المنهوبة في كل الدول.

وكشف وزيري أن مصر شككت في مستندات ملكية التابوت المصري، وقدمت دعاوى إلى المحكمة العليا في مانهاتن للطّعن في صحة مستندات ملكية هذا التابوت الذي تم نهبه وتهريبه بطريقة غير قانونية خارج البلاد، مضيفاً أن المحكمة الأميركية حكمت بأحقية مصر في استعادة التابوت.

ووفق وزيري فإن المتحف الأميركي أكد للسلطات المصرية أنه سيتواصل معها قبل أن يشتري أي قطعة أثرية مصرية من أي بائع آثار للتأكد من صحة الوثائق التي معه، وأنه لن يقبل بعرض قطع أثرية مسروقة من مصر، وأنه سيعرض فقط ما خرج من مصر بطريقة شرعية.

وخلال السنوات الثلاث الأخيرة نجحت مصر بفضل جهود وزارتي الخارجية والآثار في استعادة آثار مصرية جرى تهريبها إلى الخارج، وتخطى عددها 22 ألف قطعة أثرية، أبرزها تمثال مصنوع من الحجر الجيري، كان معروضاً في دار للمزادات بهولندا، وخرج بطريقة غير شرعية من منطقة آثار سقارة (بمحافظة الجيزة) منذ تسعينيات القرن الماضي، وتمت استعادته في فبراير الماضي.

والتمثال المسترد لأحد كبار موظفي الدولة في الفترة من نهاية عصر الدولة القديمة وبداية عصر الانتقال الأول، ويُدعى "ني كاو بتاح".

وخلال العام الماضي نجحت وزارة الآثار المصرية بالتعاون مع الخارجية في استرداد ثلاث قطع أثرية كانت مهربة إلى خارج البلاد، وتسلمتها القنصلية العامة لمصر في نيويورك، والقطع الثلاث عبارة عن أجزاء من مومياء تتكون من رأس ويدين آدمية كانت قد سُرقت من منطقة "وادي الملوك" بمدينة الأقصر (أقصى جنوب مصر) وهُربت خارج البلاد عام 1927، وأثناء عرضها في صالات للمزادات بمدينة مانهاتن الأميركية قامت وحدة مكافحة الإتجار في الآثار التابعة لمكتب المدعي العام الأميركي بمقاطعة نيويورك بوقف بيعها وضبطها.

586 قطعة

وفي عام 2017، بلغ إجمالي عدد القطع المستردة من يناير حتى نوفمبر 586 قطعة، منها لوحة حجرية تعود لعصر الملك نختنبو الثاني (الأسرة الثلاثون) كانت معروضة بإحدى صالات المزادات بباريس و8 حشوات خشبية من لندن، كما تم استرداد 8 قطع أثرية من فرنسا منها أجزاء توابيت وقطتان ورأس آدمي من البازلت. وفي 2016، استردت مصر عدداً كبيراً من الآثار المسروقة والمهربة خارج البلاد، ومنها مجموعة من الحشوات الخشبية بعد إيداعها صالة مزادات "بونهامز" بمدينة لندن تمهيدا لعرضها للبيع.

"سديد" من أندر الأطالس في العالم ويرجع للقرن التاسع عشر
back to top