خاص

عبدالرحمن: نيويورك عاصمة الفن التشكيلي

«الفنان كأي إنسان يتأثر بمحيطه الاجتماعي والسياسي»

نشر في 01-11-2019
آخر تحديث 01-11-2019 | 00:01
فنان مصري مبدع له بصمة فريدة، لكن معينه الأساسي الذي ينهل منه هو الحضارة المصرية القديمة، إنه الفنان التشكيلي رضا عبدالرحمن، الذي يؤمن بأنه جاء إلى الحياة لاستكمال ما بدأته حضارة بلاده العتيقة بروح العصر الحالي، وتتنوع منطلقاته كفنان فينشغل أحياناً بقضايا المرأة ثم يغوص في عالم الأساطير، وأحياناً يقيم معرضاً لـ "الحمار"، وأخيراً أطلق المنظمة العربية الأميركية لمد الجسور بين الشرق والغرب.
وفي حوار أجرته معه "الجريدة" من القاهرة، قال عبدالرحمن، الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ نحو خمس سنوات، إن نيويورك عاصمة الفن التشكيلي في العالم الآن، لافتاً إلى أن الحركة التشكيلية صاعدة في الخليج ومستقرة في مصر...
وفيما يلي نص الحوار:
‎• ما الأفكار العامة أو الفلسفة التي تنطلق منها أعمالك الفنية؟

‎- الفنان كأي إنسان يتأثر بمحيطه الاجتماعي والسياسي ويشكل وجدانه محيطه الثقافي والتعليمي، والعمل الفني لأي فنان له قطبان رئيسان: الشكل والمضمون، وأنا من الفنانين المتحركين في القطبين وما بينهما، لذا فإنني متعدد الاتجاهات الفنية من حيث الشكل والمضمون، تجدني أحياناً مهتماً بقضايا المرأة مثل الختان، ثم تجدني مهووساً بشكل كبير بالأسطورة، ثم تأتي الثورة فأكتشف بداخلي روحاً ثورية وهكذا، أما من ناحية الشكل فقد تتواتر أعمالي قليلاً، لكنها كلها تدور في فلك اهتمامي بقاعدة الفن المصري القديم، وأنني أتيت لأكمل ما بدأته الحضارة المصرية بروح عصري الذي أعيشه.

صراع شديد

‎• استقلت من عملك كأستاذ جامعي، فما السبب؟

‎- بعدما حصلت على الدكتوراه، كان لدي صراع شديد، هل أبقى موظفاً يذهب إلى عمله بانتظام، أم أبحث عن أحلامي بالفن، وما يمكن أن أصل إليه من خلال التفرغ للفن، وقررت أن أخوض مغامرتي وألا أستسلم، لأنه أحياناً تكون الوظيفة بالجامعة نهاية الفنان، ولم أحاول أن الجمع بين العملين مثل كثير ممن حولي، فأنا أحب الاستقرار الذهني، وأحدِّد أهدافي وفقاً لأحلام قديمة لا أتنازل عن تحقيقها.

ملاحظات عامة

‎‎• كيف تقيِّم مستوى التشكيل العربي؟

- ليس لأحد أن يجيب عن هذا السؤال، لكن ثمة ملاحظات عامة، فالحركة التشكيلية عربياً متنوعة ومختلفة طبقاً لظروف كل بلد، فمثلا ستجدها صاعدة في الخليج ومستقرة في مصر لها تاريخ وثقل كبير، أما سورية والعراق فقد كانت فيهما حركة فتية لكن ما حدث شتتها، لأن الفن التشكيلي مثل فنون كثيرة يحتاج إلى استقرار سياسي واجتماعي، فلن تستطيع أن ترسم أو تصنع تمثالاً وسط حطام القنابل، لكن بعض فناني البلدين يعيشون ويبدعون في بلدان أخرى، أيضاً المغرب العربي فيه حركة تشكيلية عميقة الجذور.

حديقة الحيوان

‎‎• لماذا اخترت "الحمار" ليكون بطل أحد معارضك؟!

- الحمار هو تقريباً الحيوان الوحيد المستقر على حاله في مصر منذ آلاف السنين، فما زالت وظيفته كما هي، لم يذهب لحديقة الحيوان مثل الكثير من الحيوانات، ولم تقم له السباقات مثل الخيول والجمال، ولم تقم له المزارع ويخضع للاهتمام الصحي، لذا بدأت قصتي معه عندما كان عليّ أن أختار حيواناً نصنع له تمثالاً يوزع على فنانين من أوروبا وأميركا والشرق الأوسط لمشروع فني إبداعي ليصبغ كل منهم تمثاله بطريقته، وبما أنني كنت مدير المشروع فقد اخترت الحمار، وبدا عشقي له لأنه صبور وذكي وقوي ومظلوم ويتمتع بصفات كثيرة طيبة، ثم قررت أن أعرض لوحاتي عن الحمار، وهذا ما حدث بقاعة "موازييك" في لندن ثم في "غاليري مصر" بالقاهرة.

القوى الظلامية

‎‎• قبل خمس سنوات انتقلت للحياة بالولايات المتحدة، كيف انعكس ذلك على أعمالك؟

‎- لم أكن أخطط لذلك، لكن بعد ثورة يناير 2011 أحبطني وصول "الإخوان" والقوى الظلامية للسلطة ومحاولتهم طمس الهوية المصرية في الفنون والآداب وشعرت بعد مطاردتهم لنا أن لا أمل في بلد تحكمها الفاشية الدينية، ودون الدخول في هذه التفاصيل التي انتهت بثورة 30 يونيو 2013 العظيمة ورفض الشعب لهم، إلا أنني كنت أشعر بعدم الأمان لي ولأسرتي، ولم أعد إلى مصر سوى مرة واحدة منذ رحيل الإخوان، مررت هنا بثلاث مراحل، أولها الاندهاش ثم التأمل ثم الاستقرار والإنتاج، وأعتقد أن نيويورك هي عاصمة التشكيل في العالم الآن، وهي متقبلة للجميع، مما أهلها لتخطي باريس ولندن في غضون سنوات قليلة، وقد ساعدني ذلك كثيراً، لأن المجتمع منفتح يقبل الآخر وحر، فأنت تفعل ما تريد وهم يحترمون ثقافتنا العربية وحضارتنا المصرية التي تظهر كثيراً في أعمالي، وأستفيد من تجارب الفن هنا وأتابع كل جديد وأعيش حياة غنية بالفن والثقافة خالصة من المشاكل الحياتية وهذا جيد لأي فنان.

حراك مجتمعي

‎‎• حدثني عن المنظمة العربية الأميركية كيف جاءت الفكرة، وما أهدافها؟

- لا أستطيع العيش دون حراك مجتمعي، وعندما انتهيت من سنوات الاستقرار وترتيب الحياة، كان لابد أن أجد هدفاً يصب في خدمة المجتمع والجالية العربية في نيويورك، فبدأت الفكرة بإقامة صالون أدبي فني في منزلي يضم مجموعة من الأصدقاء الأدباء والفنانين لنناقش كتاباً أو نستمع للموسيقى، وتوالت الأفكار لإنشاء أول كيان ثقافي عربي أميركي يضم المبدعين العرب ويضعهم تحت مظلة واحدة ونستطيع من خلاله أن نمد جسوراً مع المجتمع الأميركي، وأيضاً مع مجتمعاتنا الأصلية في البلاد العربية، ويساعدنا في ذلك عدد المبدعين العرب الكبير وارتباطهم جميعاً بثقافتنا الأم، ونحن الآن بصدد التخاطب مع كل القنصليات العربية في نيويورك لمد يد التعاون في مشروعات ثقافية كبيرة سواء في الأدب أو التعليم أو السينما والمسرح والفن التشكيلي والموسيقى، لصنع جسر من المحبة بين الشرق والغرب.

المعارض الجماعية

‎‎• ما المشروع الفني الذي تعكف عليه الآن؟

- ‎أقمت خمسة معارض خاصة، واشتركت في عدد من المعارض الجماعية، وأقمت عدة فاعليات مع مؤسسة "كرفان" كنت مسؤولا عنها، إلا أن معرضي القادم تحت رعاية إدارة الفنون بمدينة نيويورك وسيُفتتح في 29 فبراير المقبل بغاليري "البيت الجديد" بمنطقة حدائق "سناج هاربر"، ويستمر عشرة أشهر، وأعتقد أن العرض سيضم نحو 100 عمل فني متنوع وأحدث أعمالي التي تحمل تاريخي كمصري وشخصيتي كمواطن أميركي، وتعكس المزج بين الثقافات.

عرض لوحاتي عن «الحمار» بقاعة «موازييك» في لندن و«غاليري مصر»

معرضي تحت رعاية إدارة الفنون بنيويورك ويُفتتح 29 فبراير المقبل
back to top