نسب تأييد ترامب وتغيير كبير في الأفق!

نشر في 30-10-2019 | 00:00
آخر تحديث 30-10-2019 | 00:00
يَقِلّ عدد الجمهوريين الذين أيدوا ترامب بكل حماس في مجلس الشيوخ، فقد كانوا يؤيدونه ما دامت مصلحتهم السياسية تدعوهم إلى التمسك به، لكن إذا أصبح التخلي عنه يفيدهم سياسياً، فما الذي يمنعهم من الإقدام على هذه الخطوة؟
 ذي أتلانتك في 13 أكتوبر، بلغت نسبة تأييد ترامب 42.2%، وفق موقع "فايف ثيرتي إيت"، ثم بدأ أسبوع جنوني، حتى بالنسبة إلى إدارة ترامب، فشقّ موكب من الدبلوماسيين طريقه نحو "كابيتول هيل"، حيث سردوا الحكاية المعهودة عن نزعة الإدارة إلى استعمال نظريات المؤامرة لتفسير كل شيء، ووصولها إلى حد الضغط على الحكومة الأوكرانية لتحقيق أهدافها، بقيادة رئيسٍ يصرّ على تعيين محاميه الخاص في صلب السياسة الخارجية. في الوقت نفسه، انتشر الأتراك في سورية وهاجموا حلفاء الولايات المتحدة، في حين انسحبت القوات الأميركية سريعاً على وقع احتفال إيران وروسيا. في غضون ذلك، سخر الرئيس التركي من تهديدات ترامب.

اعترف رئيس موظفي البيت الأبيض بحصول مقايضة مع أوكرانيا ودعا البلد إلى "تجاوز" هذا الموضوع، وفي أوقح موقف حتى الآن، أعلنت الإدارة الأميركية أن قمة مجموعة السبع ستنعقد في منتجع ترامب الخاص.

ردّ عدد كبير من الجمهوريين بغضب على خيارات ترامب بشأن سورية ومجموعة السبع، حتى أن البعض بدأ يلوّح بإجراءات العزل، واعتبر الأميرال المتقاعد ويليام ماكرافن، واحد من أعظم الأبطال في الحرب الأميركية على الإرهاب منذ 18 سنة، أن الرئيس يطرح تهديداً على الجمهورية.

بحلول 20 أكتوبر، تراجعت نسبة تأييد ترامب إلى 41.5%! وهذه النتيجة ليست مفاجئة بأي شكل لأن النسبة لم تتغير أكثر من نقطة ونصف منذ ربيع 2017، وبالتالي يعكس ذلك الأسبوع المشحون مجرّد فترة اعتيادية أخرى من الجمود الغريب الراسخ في الولايات المتحدة بقيادة ترامب، حيث يسود الفشل على جميع الصعد، لكنّ أحداً لا يغيّر رأيه. إذا كانت تلك الأيام السبعة الكارثية غير كافية لتخفيض نسبة التأييد بأكثر من 0.7، فمن المستبعد أن يتغير الوضع قبل يوم الانتخابات في عام 2020 على الأقل.

لكن سُجّل تطور آخر في الوقت نفسه: زادت نسبة تأييد إجراءات عزل ترامب بدرجة ملحوظة في الأسابيع الماضية وفاقت عتبة 50% تقريباً في الأيام الأخيرة. حتى لو لم تشهد نِسَب التأييد أو الرفض أي تغيرات بارزة إذاً، يحصل حدث مهم آخر.

بقيت نِسَب معارضة ترامب، على غرار نِسَب تأييده، ثابتة بشكلٍ استثنائي لسنوات، حيث يشكّل داعمو ترامب كتلة موحّدة وثابتة مهما حصل، مما يعني أنهم يدعمونه في مختلف الظروف، لكن تبدو فئة معارضيه أكثر تنوعاً، إذ يعارض البعض ترامب بالقوة التي يدعمه فيها مناصروه، وينتظر منذ وقت طويل إزاحته من الحكم، لكن يعارض آخرون قرارات ترامب، ومع ذلك لا يحبذون إجراءات العزل بحقه أو إقالته من منصبه.

طرأ تغيير على هذه المجموعة بالذات في الأسابيع القليلة الماضية، فقد قرر بين 10 و15% تأييد عزله في نهاية المطاف، ويصعب أن نفهم السبب الدقيق وراء هذا التوجه، هل يتعلق دافعهم بالمكالمة الشهيرة مع أوكرانيا، أو شكوى من أحد المخبرين، أو مسار السياسة الخارجية، أو فتح تحقيق ضده، أم أنهم سئموا بكل بساطة من سلسلة الأخبار السيئة واللامتناهية من البيت الأبيض؟ يحمل البعض أسباباً متعددة أو متنوعة.

ذكر فيليب بامب في صحيفة "واشنطن بوست" في الأسبوع الماضي أن شركة "غالوب" الاستشارية لم ترصد نسبة تأييد عالية لإجراءات العزل بقدر الأسبوع الماضي إلا مرة واحدة في السابق، قبل أيام من استقالة ريتشارد نيكسون، لكن مع اقتراب تلك الاستقالة، هبطت نسبة تأييد نيكسون بشكلٍ ملحوظ. أما ترامب، فيحافظ على نسبة تأييد ثابتة، لذا ما من مؤشر على استقالته في أي وقت قريب، فهو لم يخسر قاعدته الشعبية بعد.

لكن بعدما أصبحت إجراءات العزل وشيكة، يجب ألا يُركّز الرئيس على مشاعر قاعدته الشعبية، وإذا عزله مجلس النواب، فمن واجب أعضاء مجلس الشيوخ أن يصوّتوا على قرار إقالته. يتفوق الجمهوريون في المجلس ولم يعلن أي منهم، ولا حتى ميت رومني، نيّته التصويت لإقالة ترامب، وبالتالي لن يكون عدد الجمهوريين المستعدين لاتخاذ هذا القرار في مجلس الشيوخ كافياً لحصد ثلثَي الأصوات اللازمة لإدانته.

في سلسلة من استطلاعات الرأي الجديدة خلال الأسبوع الماضي، كشفت شركة "مورنينغ كونسلت" أن نِسَب تأييد خمسة من أضعف الجمهوريين الذين يستعدون لإعادة انتخابهم في مجلس الشيوخ في عام 2020 ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة، حيث يحقق هؤلاء نتائج أفضل من ترامب في ولاياتهم أيضاً، مما يثبت أن الرئيس عبء عليهم. عملياً، يَقِلّ عدد الجمهوريين الذين أيدوا ترامب بكل حماس في مجلس الشيوخ، فقد كانوا يؤيدونه طالما تدعوهم مصلحتهم السياسية إلى التمسك به، لكن إذا أصبح التخلي عنه يفيدهم سياسياً، فما الذي يمنعهم من الإقدام على هذه الخطوة؟ يبقى هذا السيناريو متطرفاً ومستبعداً في الوقت الراهن، لكنه يشكّل نقطة ضعف في الخطة الرامية إلى حماية ترامب من العزل، وهو ضعف كبير لدرجة أن يقول كريس والاس على قناة "فوكس نيوز" يوم الأحد إن احتمال إقالة ترامب يبلغ واحد من خمسة برأي جمهوري بارز، على العموم لن يتخلى مؤيدو ترامب عنه لأي سبب على الأرجح، لكن قد يفقد هذا التأييد أهميته في المرحلة المقبلة.

* ديفيد غراهام

* «أتلانتيك أونلاين»

نسبة تأييد إجراءات عزل ترامب زادت بدرجة ملحوظة وفاقت عتبة 50% تقريباً في الأيام الأخيرة
back to top